وقف حرب غزة.. بوصلة إماراتية لحماية المدنيين ونصرة فلسطين
حراك متواصل لحماية أهل غزة في مواجهة التصعيد الإسرائيلي، ترجم في مواقف دبلوماسية قوية جديدة سجلتها دولة الإمارات بمجلس الأمن.
أحدث تلك التحركات، ما دعت إليه دولة الإمارات عبر بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة، مطالبة باعتماد قرار عاجل لوقف إطلاق النار في غزة لدواعٍ إنسانية، مقدمة مشروع قرارٍ لمجلس الأمن بهذا الصدد.
هذا التحرك يأتي بعد مباحثات أجراها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، مع أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بحثا خلالها تطورات الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة وتداعياتها الإنسانية.
تلك المحادثات، كشف خلالها غوتيريش أنه وجه رسالة حول الأوضاع في غزة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، يفعّل فيها المادة رقم 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تتيح للأمين العام تنبيه المجلس حول أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين.
وتعد تلك هي المرة الأولى التي يُفعّل فيها أنطونيو غوتيريش هذه المادة، منذ توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة عام 2017.
دعم إماراتي
جهود غوتيريش ثمنها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات ستقدم مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية، بدعم المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وغرد وزير الخارجية الإماراتي عبر حسابه في منصة «إكس» (تويتر سابقًا)، قائلا: «قدمت دولة الإمارات مشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لدواع إنسانية استجابة للوضع الكارثي في القطاع وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، كما أورد الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته».
وأكدت بعثة دولة الإمارات الدائمة لدى الأمم المتحدة، في بيان، أن «الوضع في قطاع غزة كارثي، وقد يصل إلى نقطة لا رجعة عنها، ولا يمكننا الانتظار أكثر»، مضيفة: «كما يتعين على المجلس أن يتصرف بشكل حاسم للمطالبة بوقف إطلاق النار لدواعٍ إنسانية».
قرار فريد
ونظرا لحجم الخسائر في الأرواح البشرية في غزة وإسرائيل في غضون فترة وجيزة، أرسل الأمين العام للأمم المتحدة خطابا إلى رئيس مجلس الأمن الأربعاء يفعّل فيه -للمرة الأولى- المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة.
تنص تلك المادة على أن «للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين».
وقال الأمين العام أنطونيو غوتيريش في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس» (تويتر سابقًا): «في مواجهة الخطر الجسيم لانهيار النظام الإنساني في غزة، أحث مجلس الأمن على المساعدة في تجنب وقوع كارثة إنسانية وأناشد إعلان وقف إنساني لإطلاق النار».
وردًا على أسئلة الصحفيين حول معنى ومغزى الخطاب، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، إن الأمين العام يُفعّل بذلك السلطة التي يمنحها له الميثاق فيما يمكن أن يُوصف بالخطوة الدستورية الكبرى، مشيرًا إلى أن تلك المادة تعد أقوى أداة يمتلكها الأمين العام في إطار مـيثاق الأمم المتحدة.
وذكر المتحدث أن تفعيل المادة لم يحدث منذ عقود، مؤكدًا أن عددا من الخطابات السابقة أشارت إلى التهديدات الماثلة أمام السلم والأمن الدوليين، لكن دون الاستناد إلى هذه المادة.
دعوة، سارعت دولة الإمارات بدعمها ومساندتها، مناشدة ضرورة اعتماد قرار عاجل لوقف إطلاق النار في غزة لدواعٍ إنسانية.
حراك متواصل
ومنذ تجدد التصعيد بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقد مجلس الأمن 10 جلسات حول القضية الفلسطينية والوضع في غزة، لم يمر أي منها دون أن تسجل دولة الإمارات رسائل قوية داعمة للقضية الفلسطينية وأهل غزة، إضافة إلى سعيها لدعم جهود السلام وتخفيف حدة التصعيد.
من بين تلك الجلسات 6 اجتماعات تم عقدها بطلب من دولة الإمارات، حرصت خلالها على إتاحة المجال لأعضاء المجلس الاستماع إلى إحاطات من مسؤولين أمميين وآخرين في المجال الإنساني، كشفت حقائق الوضع الإنساني المأساوي في غزة.
إحاطات كان لها الأثر الكبير في حلحلة مواقف أعضاء مجلس الأمن الدولي، وصولا إلى اتخاذ أول قرار من المجلس بشأن الوضع في غزة يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في ذلك الاجتماع، خرج مجلس الأمن الدولي عن صمته للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بإصداره قرارا يدعو إلى «هدنات وممرات إنسانية» في قطاع غزة.
كما بعثت رسائل عدة للعالم خلال تلك الاجتماعات تعبر عن رؤيتها لحل الأزمة، وترسم من خلالها خارطة طريق لنشر السلام بشكل مستدام عبر حل القضية من جذورها، بالتوصل لحل سياسي يفضي إلى قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في وئام وسلام.
وعبر جميع تلك الجلسات، قدمت دولة الإمارات مطالب عاجلة تتعلق بالأزمة الراهنة، إضافة إلى روشتة لتحقيق سلام مستدام، أبرزها مطالبتها بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكلٍ آمن وعاجل ومستدام ودون عوائق.
كما طالبت بحماية جميع المدنيين واحترام القانون الإنساني (وقف القتل وإطلاق سراح جميع الرهائن)، إضافة إلى رفض التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، احتراما للقانون الدولي الإنساني.
حراك دبلوماسي إماراتي متواصل في أروقة مجلس الأمن الدولي، سعيا نحو وضع حد لحرب غزة وحماية المدنيين وإيجاد أفق للسلام، يأتي امتدادا للدعم الإماراتي التاريخي للقضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والذي يعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيسها عام 1971.
ملحمة إنسانية
جهود إماراتية تتواصل ضمن ملحمة سياسية وإنسانية يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لدعم غزة والقضية الفلسطينية.
وتتواصل حاليا عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، العمليات المشتركة في وزارة الدفاع ببدئها لدعم الشعب الفلسطيني في غزة، ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.
وأرسلت دولة الإمارات حتى اليوم، 98 طائرة وسفينة شحن واحدة تحمل 5749 طنا من المساعدات الإغاثية، في إطار تلك العملية.
وتواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي توزيع طرود المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة على أهالي قطاع غزة، ضمن العملية.
وقررت دولة الإمارات في إطار تلك العملية -أيضا- إقامة مستشفى ميداني إماراتي متكامل داخل القطاع، والذي جرى تدشينه في 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وباشر الفريق الطبي الإماراتي المختص في المستشفى الميداني في قطاع غزة، والذي يضم كوادر متخصصة ومؤهلة في المجالات والفروع الطبية المختلفة، تقديم خدماته العلاجية لأبناء القطاع.
كما أعلنت دولة الإمارات اعتزامها إقامة 3 محطات لتحلية مياه البحر في رفح، بالإضافة إلى توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية في مستشفيات الدولة.
كما وجه باستضافة ألف طفل فلسطيني برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم. ووصلت بالفعل عدة دفعات من الأطفال المصابين ومرضى السرطان في إطار تلك المبادرات.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت حملة لإغاثة الأشفاء الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، تحت شعار «تراحم من أجل غزة» بمشاركة المؤسسات الإنسانية والخيرية ومراكز التطوع والقطاع الخاص وأطياف المجتمع كافة في الدولة، ووسائل الإعلام.