"مرزق".. أيقونة جنوب ليبيا بين التاريخ الفرعوني وفن "المرسكاوي"
تحرير مدينة "مرزق" الليبية الواقعة أقصى الجنوب من أيدي الإرهابيين من أبرز إنجازات الجيش الليبي في الآونة الأخيرة.
مدينة "مرزق" من أقدم مدن الجنوب الليبي وأعرقها، يعود تاريخها إلى عهد الفراعنة المصريين، وقد أقيمت حولها الكثير من الحضارات التي بقيت آثارها شاهدة عليها حتى وقتنا هذا.
وتقع "مرزق" في أقصى جنوب ليبيا على خط العرض 25 وخط الطول 13، وتعتمد اقتصاديا على الزراعة وتشتهر بالتمور والأعمال اليدوية من النخيل، ويبلغ عدد سكانها حوالي 12 ألف نسمة.
وتعرضت المدينة خلال الفترة الأخيرة لفوضى عارمة من جانب عصابات إجرامية وجماعات إرهابية استوطنتها حتى حررها الجيش الوطني الليبي مؤخرا.
وبالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي المميز، هي مدينة تاريخية تضم قلعة "مرزق" التي بنيت عام 1310 ميلادية، أثناء تأسيس المدينة لتكون عاصمة لدولة فزان قديما.
وكانت مدينة مرزق شأنها شأن بقية مدن الجنوب الليبي، تعاني من غياب الأمن والتهميش وانعدام الخدمات الأساسية، وهي العوامل التي خلقت تربة خصبة لنمو وانتشار الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية والجماعات الأجنبية المسلحة في الجنوب الليبي، لتتفاقم معاناة وأوجاع سكان المدينة التاريخية.
وساهم في بقاء "مرزق" إلى هذا اليوم أنها تحتل موقعا جغرافيا مهما جدا جعلها موطن التقاء القوافل التجارية القادمة من أفريقيا حتى سواحل البحر المتوسط، وكذلك نقطة وصل بين الغرب والشرق في شمال أفريقيا، كما ازدهرت الحضارة في مرزق بسبب كثرة مياهها الجوفية التي توجد في أرضها منذ آلاف السنين.
و"مرزق" هي أصل فن "المرسكاوي" الذي ينتشر في مدينة بنغازي ومدينة البيضاء.
والمرسكاوي نوع من الموسيقى الشعبية في ليبيا أتى به الموريسكيون من الأندلس بعد هجرتهم إلى شمال أفريقيا، وعاش الموريسكيون كما هو معروف في المدن الساحلية وبعضهم عاش في مدينة مرزق بفزان في جنوب ليبيا التي كانت الرابط بين حضارة العرب الحاضرين والمهاجرين والأمازيغ في الشمال وحضارة وتراث أفريقيا في الجنوب.
ونشأ المرسكاوي من بين هذا المزيج المكون من الفصاحة الشعرية البدوية العربية والموروث الأمازيغي.
وكانت أغاني المرسكاوي تؤدى عبر لحن محلي على مقام متعارف عليه، وقد تميز المرسكاوي بعنصرين غير عضويين يدخلان في تركيبته أولهما ما يشبه الموال العربي في المقدمة مصحوبا بموسيقى الديوان –(السلم الذي يبنى عليه المتن الأساسي) - وفيه يتم التهيئة للمغني للدخول في الأغنية، وثانيهما ما يطلق عليه شعبيا "التبرويلة" وهي حركة سريعة عند نهاية الأغنية تكون في الديوان الأصلي للأغنية وكلماتها أو في ديوان مغاير، لكن لها إلإيقاع رقصي يوصل إلى التسليم النهائي للأغنية.
وبعد طرد جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة من المدينة التاريخية، تقوم قوات الجيش الليبي بتأمين حوض مرزق بالكامل، وما زالت تقوم بعمليات مطاردة للعصابات باتجاه الحدود التشادية والنيجيرية.
ويتمتع الجنوب الليبي بوجود 3 أعراق: "عرب" و"طوارق" و"تبو"، وبدلا من تعزيز هذا الاختلاف العرقي فى نهضة الجنوب وتنويع ثقافته والعمل على وحدته، تعيش تلك الأعراق المختلفة فى ظل خلاف قبلي حاد.
وإداريا ينقسم الجنوب الليبي المعروف تاريخيا باسم "إقليم فزان" لعدة مناطق: الجفرة، سبها، وادي الشاطئ، أوباري، ومرزق.
ومدينة "الجفرة" أقرب منطقة للشمال الليبي، حيث تبعد ٢٥٠ كيلومترا جنوب "سرت"، وأبرز مناطقها "هون" وهي عاصمة المدينة، ومنطقة "ودان" و"سوكنة" و"الفقهاء"، و"زله".
أما منطقة "سبها"، والتى تضم مدينة سبها عاصمة إقليم "فزان" أكبر المدن الواقعة فى الجنوب الليبي، فتضم وادي البوانيس، وهو ثاني أكبر مناطق سبها، ويتكون من 3 مناطق، هى "الزيجن"، و"سمنو"، و"تمنهنت"، التي تقع بها قاعدة تمنهنت الجوية.
وثالث أهم مناطق الجنوب الليبي، منطقة "غدوة"، وتبعد 60 كم عن مدينة سبها، ثم منطقة "وادي الشاطئ" التى تضم مدينة "براك" عاصمة المنطقة، و"اؤضا"، و"القرضة".
كما يضم الجنوب الليبي منطقة "ادري"، على الحدود الجزائرية، و"مرزق" و"نظم" و"القطرون" علي حدود النيجر، و"فريبو" القريبة من قاعدة "الويغ" العسكرية، بالإضافة إلى "أم الأرانب"، و"تراغن" و"وادي عتبه"، و"غات" على حدود الجزائر ، ذات الأغلبية من قبيلة الطوراق، والتى تتكون من مدينة غات وتهالا والبركت وايسين.