بالصور.. "هرر" مدينة التعايش والمحبة في إثيوبيا
مدينة هرر تفقد مكانتها كمركز تجاري في نهاية القرن الـ19 عندما أنشئ خط السكك الحديدية عام 1902 بين أديس أبابا وجيبوتي
تعد مدينة هرر الواقعة في شرق إثيوبيا مثالاً حياً للتعايش وقبول الآخر، إذ تحتضن المسلمين والمسيحيين جنباً إلى جنب مستندة إلى إرث ثقافي وحضاري عماده المحبة والسلام.
وتضم المدينة التي تأسست في القرن الـ7 الميلادي 90 مسجداً تشكل التجمع الأكبر للمساجد في البلاد، ويحيط بها سور يحتوي على بوابات في مختلف الجهات بنيت على الطراز المعماري الإسلامي كغيره من المباني المنتشرة في المدينة.
وكانت هرر مركزاً للتجارة ولعلماء المسلمين في منطقة القرن الإفريقي ولها عملتها الخاصة، وبعد 250 عامًا من الحكم الذاتي وفي عام 1887 خسرت المدينة استقلالها عندما شن الإمبراطور مينليك الثاني (أمير شيوا) الذي كان يحكم وسط البلاد، هجوماً عليها وأصبح فيما بعد إمبراطوراً لإثيوبيا عام 1889.
وفقدت هرر مكانتها كمركز تجاري في نهاية القرن الـ19 عندما أنشئ خط السكك الحديدية عام 1902 بين أديس أبابا وجيبوتي، والذي يمر بمدينة ديري التي أصبحت المركز التجاري الرئيسي لإثيوبيا بدلاً من هرر.
وتعد مدينة هرر مركز الحياة الإسلامية التاريخية في إثيوبيا، وواحدة من أكثر المراكز النموذجية التي يعيش فيها المسلمون والمسيحيون على حد سواء في جو من الاحترام المتبادل.
يقول عمران محمد وهو من مواليد هرر، والذي التقته "العين الإخبارية" في مقر رابطة هرر الوطنية بأديس أبابا: هرر أقدم مدينة بنيت بالحجارة في جنوب الصحراء في القرن الـ7 الميلادي بالتزامن مع ظهور الإسلام، ويقال إنَّ مجموعة من عرب حضر موت هم مَن أسسوها ولذا شعبها لديه جزور عميقة مع العرب.
فريد محمد إبراهيم من مواليد أديس أبابا وعضو رابطة هرر الوطنية يقول لـ"العين الإخبارية": هرر منطقة إسلامية معروفة بشيوخها وأوليائها وتحفيظ القرآن والدراسة الإسلامية، وتعد من أوائل المدن التي استقبلت الرسالة الإسلامية، وسكانها تأثروا بالمصريين والعمانيين وهناك عائلات سكنتها من منطقة الجزيرة العربية وغيرها.
وتسلَّمت المدينة جائزة اليونسكو للتراث العالمي غير الملموس لما قدمته من خدمة إنسانية كمدينة للسلام والتعايش، وذلك في حفل بمدينة برشلونة الإسبانية، إذ تعيش فيها قوميات مختلفة في محبة وسلام، ويشير كثيرون إلى التعايش الديني في هرر التي تضم كنيسة أرثوذكسية ومسجداً كبيراً لا يفصل بينهما سوى 15 متراً.
ويقول عبدالرحمن سليمان، أستاذ التاريخ في مدينة هرر، والذي عمل كنائب رئيس مجلس العلماء بالمجلس العالي للشؤون الإسلامية الإثيوبية: مر على المدينة 72 حكومة وانصهر فيها كل من وفد إليها، كما أن لديها لغتها وكتابتها وأشغالها اليدوية، ولا يمكن التعرف عليها إلا بزيارتها زيارة ميدانية للتعرف على إمكانياتها وظروفها المعيشية، لأنها تسع الجميع وهي أيضا حضارة قديمة.
رجل الضبع معلم بارز
ومن أهم عناصر الجذب السياحي الرئيسية للمدينة "رجل الضبع" الذي يغذي الضباع في الضواحي كل ليلة، وأصبح رمزاً لهرر من حيث المحبة والتعايش حتى مع الضباع.
وقالت قمر رضوان عبدالله وهي أيضاً من مواليد مدينة هرر إن الهرريين قوم يستطيعون معاشرة جميع القوميات كما كان يعيش أجدادهم في السابق مع من حولهم، وما زالوا يرغبون في الاستمرار على هذه الحال، العيش بالمودة والمحبة ولم الشمل مع بعضهم البعض وحتى مع الضبع أيضاً.
ويقول عمران محمد: إذا ذهبت إلى السوق ستجد أصحابه من 6 أو 7 قبائل مختلفة يتكلمون لغات متباينة، ورغم ذلك الكل يعيش في أمان وسلام في ظاهرة فريدة من نوعها.