"الممر".. توثيق سينمائي للتاريخ العسكري المصري
الفيلم الملحمي يشارك في بطولته الممثل المصري أحمد عز ويجسد شخصية المقدم نور، قائد عملية تدمير أكبر تمركز إسرائيلي في سيناء
يعد فيلم "الممر" المصري أول توثيق فني درامي لـ"زمن النكسة"، وهو التوصيف الذي يطلق على فترة هزيمة 5 يونيو/حزيران 1967 والفترة التي تلتها المعروفة تاريخيًا بـ"حرب الاستنزاف" وصولًا إلى نصر أكتوبر/تشرين الأول 1973.
ويجسد فيلم "الممر" العمليات التي سبقت انتصار أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، وفترة إعداد الجندي المصري لاستكمال الحرب التي رفض الشعب المصري اعتبارها هزيمة، وتعامل معها كمعركة تشكل البداية الحقيقية للانتصار الكبير على العدوان الإسرائيلي.
الفيلم الملحمي شارك في بطولته الممثل المصري أحمد عز وجسد شخصية المقدم نور، قائد عملية تدمير أكبر تمركز إسرائيلي في سيناء خلال المرحلة التي تلت النكسة.
وشارك في البطولة كذلك الممثل الأردني إياد نصار، مجسدا باقتدار شخصية القائد الإسرائيلي، كما تميز الممثل المصري أحمد رزق في شخصية المراسل الحربي المسؤول عن تصوير والمعركة وتقديمها للرأي العام.
كذلك من بين الأدوار المهمة ما جسده الممثل المصري محمد جمعة، كأحد بدو سيناء ليسلط الضوء على دور عرب سيناء في دعم الجيش المصري ضد العدو خلال تلك الفترة، وقاد هذه الملحمة الفنية المخرج المصري شريف عرفة من إنتاج شركة الماسة.
توثيق عسكري دقيق
وعن الفيلم يقول اللواء أركان حرب فؤاد فيود، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، وأحد المشاركين في الإشراف العسكري على العمل، إن إشرافه على بعض التفاصيل تم عن طريق إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، موضحا أن عمله كان الإشراف على المحتوى العسكري والتأكد من صحة الرتب العسكرية التي يرتديها الممثلون، وتطابق الزي العسكري المستخدم في أحداث الفيلم مع الزي المستخدم في تلك الفترة التاريخية، وغيرها من الأمور الدقيقة جدًا.
ويضيف لـ"العين الإخبارية": "شاركنا في اختيار أماكن تصوير المعارك لتكون قريبة إلى حد كبير من الأماكن التي شهدت أحداث المعركة الحقيقية".
وعن المحتوى التاريخي يؤكد "فيود" أن المادة والأحداث تمت مراجعتها عن طريق لجنة من المحاربين القدامى الذين شاركوا بالفعل في معركة الانتصار، وتم مطابقة الأحداث بالوثائق والسجلات التاريخية العسكرية حتى يتم تقديم عمل صحيح تاريخيًا ويصبح وثيقة درامية جديدة متقنة تضاف لمكتبة توثيق التاريخ العسكري المصري.
وأضاف: "السيناريو والحوار في أي عمل لا بد أن يحتوي على شكل درامي يكمل الصورة التي يحب المشاهد أن يراها، ولم تكن هذه التفاصيل مشمولة بالإشراف العسكري، وإنما اقتصر هذا الإشراف على كل ما يتعلق بالمعارك داخل الفيلم".
ومن جانبه، يقول اللواء أركان حرب ناجي شهود، مدير المخابرات الحربية الأسبق وأحد المشاركين في حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر/تشرين الأول 1973، إن توثيق التاريخ العسكري أمر بالغ الأهمية، وما يزيد من مصداقية العمل أن تتم عملية التصوير والإخراج بمشاركة عسكرية، لضمان خروجه بالدقة المطلوبة مع خلوه من المبالغات التي قد تفقد العمل قيمته.
وقال لـ"العين الإخبارية": "لنتحقق من ذلك لا بد من الاستعانة بمن شاركوا في هذه الحرب وفي هذه المرحلة من التاريخ المصري العسكري، لأن العمل على كل الأحوال لا بد أن يقترن بحقائق، حتى لو كانت حقيقة واحدة يبنى عليها باقي الأحداث التي تحقق الحبكة الدرامية".
توثيق الهزائم أيضًا
ويقول اللواء طيار هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن توثيق فيلم "الممر" لمرحلة النكسة المصرية في 5 يونيو/حزيران 1967، نقطة قوة وليس ضعفا، لأن الفيلم يصور التحديات القوية التي مرت بها مصر خلال هذه الفترة والمصاعب التي واجهها الجندي المصري ونجح في تجاوزها باحترافية عالية، وهي المرحلة التي حولت الهزيمة لبداية نصر حقيقي تحقق في أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وأضاف: "لا يوجد أمة في التاريخ انتصرت في كل حروبها، والتفاعل البشري يقود للنصر والهزيمة معًا، ورغم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو نبي الإسلام، إلا أن الهزيمة كانت من نصيب المسلمين في غزوة أحد. ما أقصده أن توثيق مثل هذه المراحل يعطي مصداقية للتاريخ العسكري في الأساس ثم للعمل الدرامي".
وأوضح أن "توثيق التاريخ بشكل درامي بشكل عام أمر في منتهى الأهمية، فهو يجعل الأجيال الحديثة مطلعة على الماضي وتفاصيله بصورة بسيطة وبشكل شامل وشيِّق وجذّاب، كما أن توثيق التاريخ العسكري بشكل خاص أكثر أهمية لأسباب عدة، بينها أن مصر والمنطقة العربية على مر تاريخها شهدت حروبًا مستمرة، خاصة مصر، فلا تمضي سنوات طويلة إلا تواجه مصر حربا جديدة".
واستكمل: "هذا النوع من التوثيق العسكري يجعلني أتعرف بشكل كامل على التحديدات التي واجهت مصر، والصعوبات التي تجاوزها الجندي المصري باحترافية وصنع من النكسة بداية حقيقية للانتصار. الفيلم أظهر صلابة الشخصية المصرية وقدرتها على تحمل المحن والخروج منها أقوى من ذي قبل، وهو الغرض المطلوب تحقيقه من توثيق التاريخ العسكري".
ولفت إلى أن أكبر تهديد ممكن أن تواجهه أي دولة هو التهديد العسكري، فتأثيره يكون مباشرًا على حياة البشر أو على الأرض، وتوثيق هذه الفترات تغني المُشاهد عن الاضطلاع على مراجع كثيرة وتضمن وصول الغرض لقطاع الشباب تحديدًا.
وعن أهمية أن يخرج الفيلم بعد مراجعة عسكرية كاملة وشاملة، يقول الحلبي إن ذلك يضمن خروج العمل الفني بشكل حقيقي وصحيح دون أي أخطاء سواء بسوء أو حسن نية تحت اسم "الحبكة الدرامية"، مؤكدًا ضرورة إصدار سلسلة توثيقية درامية لتاريخ مصر العسكري بالطريقة نفسها خلال الفترات المقبلة.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuMjQwIA==
جزيرة ام اند امز