«شريط الكاسيت» في زمن الذكاء الاصطناعي.. عودة خجولة لأيقونة الموسيقى

كان شريط الكاسيت من أوائل التقنيات التي أتاحت مشاركة الموسيقى والتسجيلات على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، قبل أن تتحول الآن إلى تحف، مع ظهور تقنيات أكثر تطورا.
طُوِر شريط الكاسيت، أو الكاسيت المدمج، لأول مرة على يد المهندس الهولندي لو أوتنز العامل بشركة فيليبس عام 1962 في بلجيكا، وأطلقت فيليبس هذا الاختراع في أوروبا خلال معرض برلين الإذاعي في 30 أغسطس/آب 1963، ثم طُرِح في الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام التالي.
وحتى ذلك الحين، كان الاستماع إلى الموسيقى يعتمد بشكل كبير على أسطوانات الفينيل، ولم يكن مناسبًا للاستخدام أثناء التنقل، وسهَّل شريط الكاسيت اصطحاب موسيقاك المفضلة معك.
ويحتوي الكاسيت المدمج على بكرتين صغيرتين داخل غلافه البلاستيكي الخارجي، تلفّ هاتان البكرتان الغشاء المغلف بطبقة مغناطيسية وتمرره من جانب إلى آخر.
ويُخزَّن المحتوى الصوتي على هذا الغشاء المغناطيسي، ويمكن تسجيله على شريط كاسيت.
أثر كبير في عالم الموسيقى وصناعة الإعلام
وكان الكاسيت المدمج ثوريًا للغاية، إذ أتاح لأي شخص تسجيل مسارات صوتية بنفسه.
وقبل ظهور الكاسيت المدمج، كانت تقنية الصوت من بكرة إلى بكرة صعبة الاستخدام، ناهيك عن ضخامة حجمها، وتتطلب تدريبًا، مما جعل استخدامها في الغالب حكرًا على محترفي الراديو.
وعندما ظهر شريط الكاسيت، أحدث ثورة في عالم الموسيقى وصناعة الإعلام لهذا السبب.
ولم يجعل المسارات الصوتية المفضلة متاحة للمستخدم فحسب، بل كان بإمكان أي شخص أيضًا إنشاء شريطه المختلط الخاص لإهدائه لصديق أو حبيب، كما استخدم على نطاق واسع في تسجيل الحوارات ونقل التصريحات بسهولة.
وكان ذلك بمثابة نقل نوعية في عالم الإعلام والموسيقى، إذ كان تخطيط قائمة التشغيل وتسجيل المسارات يستغرق وقتًا، ولم يكن هناك زر "إضافة إلى قائمة التشغيل" كما هو الحال اليوم.
وعندما ظهر جهاز Walkman من سوني، حقق نجاحًا هائلاً لتوافقه مع مجال أشرطة الكاسيت من Philips.
ومنح جهاز Walkman الناس من جميع الأعمار القدرة على الاستماع إلى موسيقاهم المفضلة أثناء التنقل - دون الحاجة إلى انتظار السيارة أو جهاز الاستريو في المنزل.
الزمن يحمل معه أشياء جديدة وأفضل
وبلغت أشرطة الكاسيت المدمجة ذروتها في ثمانينيات القرن الماضي، لكن مبيعات الأقراص المدمجة (CD) سرعان ما تجاوزتها في التسعينيات.
وبحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، أصبحت أشرطة الكاسيت شبه منعدمة، مع إصدار المزيد من الألبومات حصريًا على أسطوانات الفينيل أو الأقراص المدمجة، على غرار اختفاء أشرطة VHS لصالح أقراص DVD الأكثر تطورًا.
ونشهد اليوم عودةً طفيفة لأشرطة الكاسيت، سواءً أكان ذلك لهواة الموسيقى أو للحنين إلى الماضي، حتى أن بعضًا من أشهر الفنانين في هذا المجال لا يزالون يصدرون ألبومات على أشرطة الكاسيت، إلى جانب التنسيقات المعتادة للأقراص المدمجة والفينيل.
وحول العالم، توفر متاجر شهيرة، مثل متجر الملابس الشهير "أوربان أوتفيترز" أشرطة الكاسيت على رفوفه ليتصفحها العملاء ويشترونها، تمامًا كما كان الحال في ثمانينيات القرن الماضي.
وقد لا تتمتع بنفس شعبية أو جاذبية أسطوانات الفينيل، لكنها تشهد نموًا طفيفًا، بين عشاق اقتناء التحف، وعلى الرغم من أننا نشهد عودة هذا التوجه، إلا أن انتعاشه محدود، وربما لن يحقق قيمة مالية تُذكر مقارنة بصيغ الصوت الأخرى الأكثر رواجًا.
وكان الكاسيت المدمج تقنية ثورية أتاحت لنا التسجيل في منازلنا، ومع جهاز الووكمان، أتاحت لنا اصطحاب الموسيقى معنا أينما كنا وفي أي وقت. ولكن كما هو الحال مع كل شيء آخر في التاريخ، كان له وقته، وهو الآن يعيش في الماضي كذكرى تُعيد إلينا الحنين إلى أوقات أكثر بساطة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOSA= جزيرة ام اند امز