السحر والتنجيم.. أسرار النازيين في بناء إمبراطورية «الرعب»

خلف ستار الدبابات والخطابات النارية، كان النظام النازي يخفي عالما مظلما من الأسرار والطقوس الغامضة.
فمن قلعة فيفيلسبورغ المهيبة إلى البحث المحموم عن رمح القدر والكأس المقدسة، كان النازيون يؤمنون بأن القوة الحقيقية تكمن في ما هو خفي ومجهول.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "ذا كولكتور" المعني بالتاريخ، أبدى النازيون خلال الحرب العالمية الثانية، اهتماما كبيرا بالسحر والتنجيم، حيث بحثت شخصيات بارزة مثل هاينريش هيملر عن الأساطير الجرمانية القديمة والطقوس الغامضة لتعزيز أيديولوجية التفوق العرقي.
بدأ الهوس بالسحر في ألمانيا قبل صعود هتلر إلى السلطة بفترة طويلة. فخلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ازداد الاهتمام بالسحر والمعتقدات الباطنية.
كما ازدادت في ذلك الوقت، شعبية الجمعيات السرية والحركات الغامضة، التي مزجت الأساطير الجرمانية القديمة بالأيديولوجيات الحديثة، التي كانت في أغلبها عنصرية.
كانت حركة فولكيش إحدى المجموعات التي أثّرت بشدة في النازيين.
ونشأت هذه الحركة في أواخر القرن التاسع عشر، وتُرجم اسمها إلى "جوهر الأمة الألمانية" أو الحاجة إلى "تطهير العرق الألماني".
ورغم وفاة مؤسسها قبل تأسيس الحزب النازي، فإن أفكاره كانت محل تقدير بين قادة الحزب.
جمعية ثول السرية
لا يمكن مناقشة المعتقدات السرية النازية دون الإشارة إلى جمعية ثول، التي تأسست في ميونخ عام 1918 كمجموعة لدراسة العصور الجرمانية القديمة، لكنها سرعان ما أصبحت حاضنة للأفكار القومية التي أثرت بشدة في الحزب النازي
استمدت الجمعية اسمها من أرض أسطورية في الشمال، يُعتقد أنها الموطن القديم للشعوب الجرمانية. كان مؤسسها رودولف فون سيبوتندورف، متأثرًا بشدة بالأمر الجرماني، وهي مجموعة فولكيش التي تهدف إلى إحياء التقاليد الجرمانية القديمة والترويج لتفوق العرق الآري.
وكانت هذه الجمعية تعتقد أن اليهود هم التهديد القادم لألمانيا. ونشروا فكرة أنهم مسؤولون عن مصائب ألمانيا، بما في ذلك هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى والأزمات الاقتصادية اللاحقة.
هملر وقلعة فيفيلسبورغ
كان هينريش هملر، أحد أقوى الشخصيات النازية، مهووسًا بالغموض. وكذلك مفتون بالأساطير الآرية، وسعى إلى إحياء الطقوس الجرمانية القديمة.
حوّل قلعة فيفيلسبورغ إلى مركز للطقوس الغامضة بالقوات الخاصة النازية.
واختيرت القلعة لموقعها القريب من ساحة معركة غابة تويتوبورغ، حيث هزم الجرمان الرومان في عام 9 قبل الميلاد. وزينت جدرانها بالصليب المعقوف والرموز الجرمانية القديمة.
وكان هناك 12 عمودًا ضخما، تمثل قادة القوات الخاصة، في محاكاة لطاولة الملك آرثر المستديرة.
البحث عن رمح القدر والكأس المقدسة
كان النازيون مهووسين بالبحث أيضا عن القطع الأثرية الغامضة التي كانوا يعتقدون أنها تمنح قوى خارقة.
وكان رمح القدر، الذي يُقال إنه اخترق جسد المسيح في أثناء صلبه (حسب الروايات)، من بين أهم الأشياء التي سعى إليها النازيون. واعتقد البعض أن من يمتلك الرمح سيصبح شخصا لا يُقهر.
وفي عام 1938، عندما احتل هتلر فيينا، توجه مباشرة إلى متحف التاريخ الفني للاستيلاء على الرمح. كما بحث النازيون عن الكأس المقدسة، التي يُعتقد أنها استُخدمت في العشاء الأخير للمسيح.
الغموض في الدعاية النازية
وذكر موقع "ذا كولكتور" أن النظام النازي استخدم الرموز الباطنية بشكل ماهر في دعايته لإنشاء هالة من الغموض والقوة المطلقة. وأعيد توظيف الصليب المعقوف، الذي كان رمزًا قديمًا للحظ السعيد، ليمثل الأيديولوجية النازية ويربطها بالماضي الآري المجيد.
كما استخدم النازيون الأساطير النوردية في ملصقاتهم الدعائية لتعزيز فكرة أن الشعب النوردي امتداد للفايكنغ، وأنهم يحاربون ضد "البلشفية" لتحقيق التوسع النازي.
وقد انعكست هذه الرموز في العمارة النازية، حيث استوحى ألبرت شبير، المهندس الرئيسي لهتلر، تصاميمه من الطراز الروماني القديم.
فكان مشروع قاعة الشعب مستوحى من البانثيون الروماني، بهدف إضفاء شعور بالخلود على النظام النازي.