خبراء يجيبون "العين الإخبارية": هل فجر حزب الله مرفأ بيروت؟
خبراء عسكريون يتحدثون لـ"العين الإخبارية"، عن كيفية حدوث انفجار بيروت، في ظل أن مواد نترات الأمونيوم مواد لا تشتعل ذاتيا.
"انفجار مخزون نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت مستحيل علميا أن يكون بالاشتعال الذاتي"، حقيقة علمية، دفعت خبراء عسكريين مصريين لرسم صورة لما حدث في الثلاثاء الأسود، الذي عايشه لبنان، عقب انفجار مرفأ بيروت، مخلفا أكثر من 5 آلاف جريح و185 قتيلا.
ووفق الحقائق العلمية فإن نترات الأمونيوم هي مواد غير قابلة للاشتعال، لاحتوائها على مصدر لغاز ثاني أكسيد الكربون، أي أنها منتجات مؤكسدات، تسمح فقط باحتراق مادة أخرى مشتعلة، ما يضع تساؤلا حول طبيعة ما حدث وأدى إلى الانفجار الهائل.
ورغم فرضية أن يكون الانفجار "عرضيا"، لا يستبعد مراقبون أن يكون انفجار بيروت متعمدا بمصدر حراري هائل أو وجود مفجر كصاروخ وذخائر رفعت حرارة المخزون بشكل فوري ومفاجئ.
وقود التفجير.. أسلحة حزب الله
ويقول اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجي ومدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية الأسبق لـ"العين الإخبارية" إن هناك سيناريو مطروحا بقوة في انفجار مرفأ بيروت، ينطلق من حقيقة أن نترات الأمونيوم لا تنفجر من تلقاء ذاتها، ولابد من وجود مشغل قوي بجانبها، ما يعني إمكانية أن يكون هذا المشعل هو مواد تفجيرية وذخيرة لحزب الله كانت مخزنة في الميناء بجانب النترات، فانفجرت بفعل الحرارة أو الشرارة النيرانية".
ولفت المتخصص العسكري إلى أن هذا السيناريو مشروع في ظل ما شاهدناه من ألوان للانفجار، تشير بصورة أو بأخرى إلى مواد تستخدم في صناعة الصواريخ أو الأسلحة الصاروخية.
ودعم "فرج" السيناريو الجديد، بقوله "وجود تفجير أول أعقبه تفجير ثان يدعم احتمالية وجود مواد تسليحية بجانب النترات، انفجرت وتطايرت منه الشظايا، لذا فمن الضروري وجود لجنة دولية محايدة تتبع الأمم المتحدة لتحديد وتشريح ما حدث بالظبط".
ومع بروز الرواية الرسمية التي بأن تفجير بيروت كان نتيجة اندلاع حريق في عنبر رقم 12 في المرفأ البحري والذي كان يحوي كميات من "نترات الأمونيوم"، تفجرت الأسئلة حول كيفية اندلاع هذا الحريق؟ والأهم: ما هي الجهات المتورطة التي تقف خلفه؟
واتفق المراقبون على أنه أيا كانت نتيجة التحقيقات فإنها لن تبرئ حزب الله أو تخلِ مسؤوليته عن الحادث، في ظل الحديث عن أنشطته المشبوهة في مرفأ بيروت وحوادثه السابقة المرتبطة بنفس المادة المتسببة في الفاجعة.
وإلى جانب ذلك، يشير المراقبون إلى العلاقة التي تربط حزب الله بمسؤولي المرفأ، وسيطرته عليه، ما قد يجيب عن لغز عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الكمية الهائلة من نترات الأمونيوم الموجودة منذ 2013، أو تنفيذ قرار إتلافها المقرر منذ 4 أشهر.
تفجير بيروت.. فضح للنوايا
اللواء محمد الشهاوي، الخبير الاستراتيجي المصري والمستشار بكلية القادة والأركان، تبنى في حديثه لـ"العين الإخبارية" سيناريو قال إنه هو الأقرب لحقيقة ما حدث في انفجار مرفأ بيروت، وهو "وجود أسلحة لحزب الله مخزنة بجانب عنبر 12 حيث تواجدت مادة نترات الأمونيوم، وعندما وقع الانفجار سواء نتيجة هجوم إسرائيلي على أسلحة حزب الله، أو ارتفاع درجات الحرارة، انبعثت معه شظايا أدت للتفجير الثاني".
ويرى الخبير العسكري أن وجود كميات كبيرة من نترات الأمونيوم، بحجم 2750 طنا، تشير بقوة إلى نوايا تسليحية لمخزني هذه المواد، التي وصفها بأنها ثنائية الاستخدام، فكما هي تستخدم في الأسمدة فهي أيضا تستخدم في العبوات الناسفة.
وفسر "الشهاوي" ظهور السحابة البيضاء، بتحول المادة المتفجرة من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية وتواجد جزء من الماء أخذه الهواء الساخن ونتج معه شكل عيش الغراب.
ومتفقا مع ما قاله "فرج" حول أن حدوث تفجير أول أعقبه تفجير ثاني يدعم احتمالية وجود أسلحة بجانب النترات، وهو ما يجعل سيناريو تخزين حزب الله لأسلحة وصواريخ، مطروحا.
بدوره، قال اللواء الدكتور محمود خلف، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك ما يعرف بتسلسل الانفجار، والذي يقوم خبراء لجنة التخقيق على تتبعه، لمعرفة كيفية حدوث التفجيرين"، موضحا أن الانفجار يكون له تفاعلات من السابق لأوانها الحديث عنها قبل المعاينة والتحقيق".
وأضاف الخبير العسكري أن "المعاينة تتضمن تحليل التربة، وجميع الأشياء المتناثرة وكل ما هو في مسرح الانفجار، وكذلك معرفة المواد التي استخدمت للوقوف على السيناريو الفعلي".
السحابة البرتقالية
رجح خبير متفجرات إيطالي شهير فرضية مثيرة بشأن الانفجارات التي زلزلت العاصمة اللبنانية بيروت مساء الثلاثاء، وتسببت في مقتل 158 شخصا وإصابة الآلاف.
وأعرب خبير المتفجرات دانيلو كوبي، في حوار مع صحيفة "الكورييري ديلا سيرا" الإيطالية، عن اعتقاده بوجود أسلحة وذخائر حربية لحظة وقوع الانفجار في المرفأ اللبناني، مشيرا إلى أن ما يؤكد صحة فرضيته هو السحابة البرتقالية، والانفجارات المتتالية، التي أعقبت الانفجارات.
في المقابل رفض كوبي فرضية أن السبب وراء الانفجار نترات الأمونيوم، مشككا في وجود كمية ضخمة من تلك المادة في مرفأ بيروت، ملمحا إلى عدم وجود أي مستودع للألعاب النارية بتلك المنطقة التي شهدت الانفجار، مضيفا "من خلال معاينة مقاطع الفيديو يبدو أن الأمر أشبه بانفجار مستودع أسلحة".
وقال كوبي الملقب بـ"ميستير ديناميتي"، كونه أشهر خبير متفجرات في إيطاليا وتلجأ له حكومات وشركات عالمية للاستفادة من خبراته وخدماته: "عند انفجار نترات الأمونيوم تتولد سحابة صفراء لا لُبس في لونها. لكن وعلى العكس من ذلك فإن ما ظهر في مقاطع الفيديو الموثقة للانفجار، لم يكن فقط كرة بيضاء اللون آخذة في الاتساع بل أيضا عمود دخان برتقالي يميل إلى اللون الأحمر الفاتح، وإن هذا اللون يدلّ تقليديا على معدن الليثيوم الذي يعتبر عنصرا أساسيا في صناعة الصواريخ".
ويرى كوبي الذي لجأت إليه الحكومة الإيطالية قبيل عامين لتفجير ما تبقى من جسر موراندي الذي انهار في عام 2018، مستخدما نحو 500 كلجم من الدينامينت مرة واحدة أن ما حدث كان يتعلق بتخزين مؤقت للسلاح في مرفأ بيروت.
ورجح أنه كان هناك انفجار أول بحجم متوسط تسبب في نشوب حريق في مخزن كان يحتوي على كمية من الذخيرة للانتشار بعد ذلك بقليل إلى مخزن توجد فيه قاذفات وصواريخ تحتوي على مواد شديدة الانفجار.
الهيمنة المدمرة لحزب الله
دعت السعودية إلى أهمية إجراء تحقيق شفاف ومستقل بانفجار بيروت، مشيرة إلى أن "استمرار الهيمنة المدمرة لحزب الله الإرهابي يثير قلقنا جميعًا".
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، خلال مشاركته في مؤتمر دعم لبنان، الأحد، أن "استمرار الهيمنة المدمرة لتنظيم حزب الله الإرهابي يثير قلقنا جميعاً."
وفيما يقترب من الاتهام المباشر لحزب الله بالمسؤولية قال وزير الخارجية السعودي: "جميعنا يعرف السوابق المؤكدة لاستخدام هذا التنظيم (حزب الله اللبناني) للمواد المتفجرة وتخزينها بين المدنيين في عدة دول عربية وأوروبية والأمركيتين".
وفجر الحادث موجات من الغضب في الشارع اللبناني الذي يحمل النخبة السياسية المسؤولية الكاملة عن تردي الأوضاع في لبنان بمختلف القطاعات، تطورت إلى اشتباكات مع قوات الأمن أدت لسقوط ضحايا، فيما يرى مراقبون أن تغول حزب الله داخل لبنان بقوة السلاح والضغط السياسي فاقم الأزمة إلى حد كبير.
وأطلق على الحادث المروع، انفجار "هيروشيما بيروت"، نظرا لفداحته وشكل سحابة الفطر التي خلفها والدمار الذي لحق به، ما شبهه كثيرون بأنه يضاهي تفجير قنبلة نووية، ما دفع دول العالم إلى الإسراع في تقديم يد العون والمساعدة للبنان والإعراب عن تضامنها معه في هذه الفاجعة التي هزت أرجاء العاصمة.
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuNDAg جزيرة ام اند امز