يكفي المراقب الموضوعي لتطورات العمليات العسكرية في اليمن أن يتأكد من صواب قرار قوات التحالف العربي
الذين في تفكيرهم مصالح ذاتية أو أجندات سياسية غالباً ما يصرون على عدم الإنصات إلى شيء قد يجبرهم على تغيير مواقفهم تجاه سلوكيات يقوم بها تنظيم أو جماعة إرهابية يجرمها القانون الدولي.
ولأن البعض من هؤلاء مسؤولون في المنظمات الدولية اعتادوا على أن يكونوا أبواقاً لدول أو أشخاص يمولونهم أو يجندونهم لخدمة أهدافهم، فقد حصروا أنفسهم في مواقف تدغدغ مشاعر الرأي العام العالمي خاصة المسائل الإنسانية التي لم تعد مجردة في عالم السياسة بل عجز هؤلاء المسؤولون أن يروا شيئاً أخطر وأبعد من السماح بممارسة سلوكيات قد تكون بسيطة اليوم ولكن بتجاهلهم يرسخون مبدأ جديداً في التجاوز على القانون الدولي وبالتالي استقراره وأمنه.
إذا كانت مواقف بعض الدول التي لها أهدافها السياسية في المنطقة مثل إيران وقطر مفهومة وقد نجد لها تبريرات من منطلق سعيها لتخريب الاستقرار؛ فإن الأمر يكون مستغرباً من مواقف منظمات دولية ومن دول تدعي أنها تدافع عن الإنسانية حيث يكون الأمر كارثة كبرى
لذلك وجدنا أن تأخير تحرير ميناء الحديدة المطل على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهو واحد من أهم الموانئ اليمنية في استقبال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، من سيطرة الحوثيين لم يعني لهم أي مشكلة مع أن التقارير الإعلامية الواردة من مدينة الحديدة تفضح ممارسات الحوثيين ضد الإنسانية في أكثر من جانب، وتسببت وقتا ما في انتشار الأمراض الفتاكة ودفعت إلى تصنيف اليمن ضمن الدول المهددة بكارثة إنسانية، ومع ذلك فضل هؤلاء استمرار تلك المعاناة من إنهائها عسكرياً.
مثل هؤلاء لا يريد أن ينهي الأزمة من جذورها إما مثل ما ذكرنا سابقاً يجد فيها مصلحته أو أنه اعتاد على إدارة الأزمات في المنطقة بتركها مفتوحة لمدد لا نهاية لها، مثل القضية الفلسطينية والإرهاب وغيرهما لأنه لا يعاني منها بشكل مستمر مثل حال أبناء المنطقة، على اعتبار أن أمن هذه المنطقة ليست في أولوياتهم مع أن الحدث في اليمن لا يخص اليمنيين فقط ولا المنطقة العربية لوحدها وإنما تداعياتها ستمس الأمن والاستقرار الدولي، خاصة إذا أدرك هؤلاء أن الذي يقف وراء هذه التنظيمات وغيرها هو النظام الإيراني.
دولة الإمارات في صدارة المشهد اليمني في معركة تحرير الحديدة بوصفها واحدة من الدول الفاعلة في السياسة العربية منذ العام 2012، بعدما تراجعت العديد من الأنظمة العربية بسبب ما كان يسمى بـ"الربيع العربي"، رغم أنها ليست الدولة الوحيدة التي تصر على إنهاء "ابتزاز" الحوثيين وغطرستهم السياسية في اليمن، فالتحالف العربي هو بقيادة المملكة العربية السعودية وهناك قوات عربية أخرى، كما أن العمليات التي قامت بها القوات الإماراتية تمثلت في تقديم الاستشارة والتدريب للمقاومة اليمنية وكذلك الدعم السياسي والإعلامي في المحافل الدولية، ما يعني أن تسليط الضوء على الدور الإماراتي نابع من الإحساس القومي العروبي لأمن المنطقة نتيجة لوضوح الرؤية للمخاطر المحدقة بهذه المنطقة.
أما الحديث عن القلق من التداعيات العملية العسكرية ضد الحوثيين عن الجانب الإنساني المجرد فيه شيء من تشويه الواقع والخداع على عقل الرأي العام العالمي، كونه يحجب الكثير من الأمور بعضها معلومات حادثة على أرض الواقع يستفيد منها الحوثيون وأتباعهم في المنطقة، وبعضها تخلق واقعاً سياسياً جديداً في الساحة الدولية وهو التساهل مع التنظيمات الإرهابية التي لا تتأخر في المتاجرة بالقضايا الإنسانية.
ينبغي عدم الاستخفاف في المقارنة بين النتيجتين من واقع ممارسات الحوثيين وغيرها من التنظيمات الإرهابية في المنطقة مثل حزب الله اللبناني، وكذلك الإخوان المسلمين، وإلا فإن هؤلاء المسؤولين الدوليين يساعدون في ترسيخ قواعد جديدة ويمهدون في تكرار هذه المشاهد في بقع أخرى من العالم؛ خاصة مع انتشار التنظيمات الإرهابية وينقلون الرعب إلى الناس بدلاً من الدفاع عنهم.
يكفي المراقب الموضوعي لتطورات العمليات العسكرية في اليمن أن يتأكد من صواب قرار قوات التحالف العربي من خلال تعليقات المحللين السياسيين اليمنيين باعتبارهم أكثر واقعية من الذين يقررون عن الشعب اليمني في العواصم الغربية، كما يكفي المراقب أن يرى حماس المقاومة اليمنية الممثلة في القوات الشرعية؛ حيث أعادت الروح إليها وأثبتت أن الشعب اليمني يرفض أن يحكمه الإيرانيون.
وإذا كانت مواقف بعض الدول التي لها أهدافها السياسية في المنطقة مثل إيران وقطر مفهومة وقد نجد لها تبريرات من منطلق سعيها لتخريب الاستقرار؛ فإن الأمر يكون مستغرباً من مواقف منظمات دولية ومن دول تدعي أنها تدافع عن الإنسانية، حيث يكون الأمر كارثة كبرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة