ذكرى الهولوكوست.. مأساة تاريخية و"التعايش" يمنع تكرارها
وسط مخاوف من تكرار أحداث مشابهة، يحيي العالم، اليوم، ذكرى المحرقة اليهودية (هولوكوست) التي ذهب ضحيتها الملايين جراء البطش النازي.
و"الهولوكوست" كلمة إغريقية تعني "المحترق كاملا"، لكنها اكتسبت دلالة تاريخية أكبر بكثير من معناها، فهي ترمز إلى القتل الممنهج لستة ملايين يهودي على يد النازيين في الحرب العالمية الثانية على أساس عرقي.
وبينما يتذكر العالم جرائم النازية بحق الإنسانية، في اليوم العالمي للهولوكوست الذي يصادف ٢٧ يناير/كانون الثاني من كل عام، تتردد في أذهاننا رسالة دولة الإمارات التي تؤكد على التعايش وقبول الآخر.
مأساة تاريخية
بصفة عامة، اعتادت ألمانيا والناجون من معسكرات الإبادة، إحياء ذكرى جرائم النازية، بل إن الرئيس الأسبق رومان هيرتسوغ أطلق في عام 1996 على يوم السابع والعشرين من يناير "يوم تذكر ضحايا النازية".
لكن لماذا هذا التاريخ على وجه التحديد؟ ببساطة، لأنه يصادف ذكرى يوم تحرير الجنود السوفييت لمعسكر أوشفيتز النازي للإبادة في ١٩٤٥، حيث وقع جزء كبير من جرائم النازية بحق اليهود.
وفي معسكر أوشفيتز الواقع في بولندا التي احتلتها ألمانيا النازية، قتلت القوات النازية ما لا يقل عن 1.1 مليون شخص، معظمهم من اليهود.
وبصفة عامة، أدت وقائع القتل الممنهج التي ارتكبها النظام النازي في الفترة بين 1941 و1945، إلى مقتل الملايين من الأشخاص، بينهم 6 ملايين يهودي.
وفي ٢٠٠٥، تبنت الأمم المتحدة الفكرة الألمانية، وجعلت من يوم ٢٧ يناير، يوما عالميا لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست.
الحل النهائي
ربما لا يعرف كثيرون قصة الاجتماع المثير للجدل الذي عقد في قصر وانسي في برلين في ٢٠ يناير ١٩٤١، وحضره ممثلو القوات الخاصة والوكالات الحكومية الألمانية، لوضع خطة التعامل مع اليهود التي عرفت بـ"الحل النهائي"، ومهدت للمحرقة.
وفي مؤتمر وانسي، قدرت القوات الخاصة الألمانية أن "الحل النهائي" سيشمل 11 مليون يهودي أوروبي، بما في ذلك الذين يعيشون في دول غير محتلة مثل أيرلندا، والسويد، وتركيا، وبريطانيا العظمى.
وبين خريف عام 1941 وخريف عام 1944، نقلت خطوط السكك الحديدية الألمانية ملايين الأشخاص إلى معسكرات القتل التي أسسها النازيون في بولندا المحتلة، وارتكب النازيون أسوأ الجرائم في التاريخ.
رسالة الإمارات هي الحل
وفي وقت يقلق فيه المتطرفون سواء كانوا نازيين جددا أو إرهابيين من الحركات المتطرفة أو دول ترعى الإرهاب، العالم، تعود المخاوف من تكرار أحداث مثل الهولوكوست، أيا من كان ضحاياها هذه المرة.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، واجه العالم واقع الجرائم الجماعية في رواندا في ١٩٩٤، ومجزرة سربرنيتسا في ١٩٩٥، ما يعني أن العالم لا يزال بحاجة لفعل الكثير لتفادي مثل هذه الأحداث مستقبلا.
وفي هذا الإطار، تبرز رسالة الإمارات القائمة على ترسيخ قيم التسامح والتعايش والمحبة وقبول الآخر، كحل وسبيل لتفادي مثل هذه الأحداث في المستقبل.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، على أن الإبادة الجماعية التي استهدفت اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، لن تتكرر مطلقا.
جاء ذلك في رسالة تقدير وجهها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لأرواح الضحايا، خلال زيارته للنصب التذكاري للهولوكوست في برلين، مع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس.
وأشاد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بإنشاء النصب التذكاري في ألمانيا، مشيرا إلى أن هذا المكان التاريخي يحمل دلالات هامة تؤكد أهمية ترسيخ قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر في العالم أجمع دون تمييز.
كما أكد على أن دولة الإمارات حرصت، منذ تأسيسها، على تبني وترسيخ قيم التسامح والتعايش والمحبة وقبول الآخر، انطلاقا من إيمانها العميق بأن هذه القيم تشكل ركائز أساسية لتحقيق الازدهار والنمو والتطور والتنمية المستدامة في المجتمعات.
بدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمة ألقاها خلال قداس لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست في كنيس يهودي في نيويورك، من النازيين الجدد.
وقال جوتيريش إن الوقت الحالي يشهد عودة حالات إنكار وتشويه تاريخ المحرقة النازية.
وأضاف: "في أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى، ينتظم أنصار رفعة الجنس الأبيض، ويجنّدون آخرين للتباهي برموز النازيين وتطلعاتهم القاتلة. لقد رأينا مؤخرا أمثلة مروعة في عاصمة هذا البلد (يقصد بواشنطن)".