يروج البعض، لمقولة إن خطر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي قد انتهى أو تراجع كثيراً بعد الضربات التي تلقاها من عدد من الدول العربية خاصة في مصر والسعودية ودولة الإمارات والأردن، وبعد تراجع مكانته لدى الشعوب العربية أو ما يطلق عليها بـ"الحاضنة الشعبية".
جامعة محمد بن زايد الإنسانية أعادت يوم الأربعاء الماضي مناقشة تلك المقولة في محاضرة تحت عنوان "الوطن والإخوان" استضافت فيها الباحث عبدالله بن بجاد العتيبي وهو معروف في تخصصه في تيارات الإسلام السياسي الذي أشار بأن تلك المقولة تبدو عليها أنها خارج سياق المتغيرات الراهنة التي ما (زالت) تعيشها عدد من الدول العربية بعد أن ظن البعض أن عصر الإخوان قد انتهى وأننا بصدد زمن الولاء للدولة وزمن التركيز على أولويات جديدة منها التنمية أو أن أصحاب تلك المقولة يتجاهلون تلك الحملات الإعلامية التي تحاول أن تمارس نوعًا من التشكيك في الخطاب الرسمي للدول العربية أو اختلاق بعض القصص لزعزعة الثقة حول مستقبل الدول العربية.
في الواقع، ما يتم تداوله من قبل هؤلاء البعض ينطلقون من صفاء النية التي يتمتع بها الإنسان العربي عموماً دون أن يدركوا حقيقة هذا التنظيم الذي قارب على إكمال مائة سنة من تأسيسه وما زالت أفكاره كما هي- تهدف إلى قلب الأنظمة العربية والسيطرة على الحكم بالفوضى والخراب.
بل إن أصحاب تلك المقولة يُحملون من يُحذر من فكر الإخوان بأنهم يسهمون في المبالغة في بث القلق لدى أفراد المجتمع، مع أننا لو رجعنا بالذاكرة قليلاً سنجد أن مصر حظرت التنظيم، لكنه بمجرد رجوعه للساحة اغتال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وأن خروجهم من بلدانهم والغياب لفترة زمنية لم تلغي الفكر التخريبي لديهم حيث عادوا في الانتخابات التي حدثت في عدد من الدول العربية ونجحوا في بعضها للوصول إلى الحكم.
الإخوان دائما لديهم أسلوبهم التكتيكي في الهروب من المراقبة، عبر «تسكين» أو تخدير المجتمع إلى أن تكون الفرصة مواتية وبالتالي، يُفاجأ بهم المجتمع.
خلاصة المحاضرة، التي كانت في فرع عجمان، أنه من الصعب الحديث بأن خطر "الإخوان" قد انتهى. والسبب أن الفكر الإخوان ومشروعهم السياسي لا يموت، قد يخفت وميضه ويتراجع لكنه سيظل حبيس النفوس الإخوانية لأنهم فعلوا ذلك خلال الفترات الماضية وهذا دليل كاف ليتأكد من يروجون لتلك المقولة.
ولا شك أن الفكر من خلال المراجعة قد يتعدل ويعيد تشكيل نفسه، لكن غالباً ما تكون النسخة الجديدة للإخوان أكثر سوءاً من القديمة، فحسب التجارب التاريخية هو فقط، يُعيد إنتاج نفسه في صورة أخرى أكثر حداثة ليواكب التغيرات الجديدة وفق السياق الإقليمي والدولي أو هروباً من الملاحقة الأمنية، لكن الفكر يبقى كما هو؛ لأن لديه هدفا يريد تحقيقه وفق أيديولوجيته.
هذه ليست أول فعالية ثقافية تنظمها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية حول مخاطر الإخوان رغم مرور أكثر من عقد على مكافحته بالدولة الوطنية فقد نظمت في مايو/أيار الماضي ندوة -كذلك- حول خطاب الإخوان ومخاطره على المجتمع.
هذا النشاط الفكري للجامعة يؤكد لنا صحة مقولة إن المؤسسات الثقافية هناك لا تقاس بعدد السنوات وإنما بعمق ما تُحدثه من الوعي وما تتركه من بصمات في الضمير الوطني والإنساني.
فإذا كانت جامعة محمد بن زايد الإنسانية تناقش موضوعات مخاطر تنظيم الإخوان المسلمين على المجتمعات العربية فإن استضافتها (الجامعة) لطلبة من دول إسلامية عديدة أمر مهم لإدراك ما تفعله هذه المؤسسة في نشر الوعي الإنساني عالمياً.
كشعوب عربية فإننا نعيش مرحلة "صياغة الدولة الوطنية " بفعل الإرادة السياسية والتي تمثلها القيادات الواعية بخطر هذه التنظيمات وعلى رأس تلك القيادات التي ترى أن هذه الدولة هي الخط الأول في الدفاع عن استقرار المجتمعات العربية وشعوبها هو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات -حفظه الله- الذي وقف ضد مشروعهم التخريبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة