عودة الأموال الساخنة إلى مصر.. هل تحدث انفراجة اقتصادية؟
عاودت الأموال الساخنة الدخول للسوق المصري من جديد على خلفية انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، بعد خروج مكثف مع بداية الحرب في أوكرانيا.
وفقا لبيانات البنك المركزي المصري فقد عاد نحو 925 مليون دولار للسوق خلال 3 أيام بعد انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار وتسجيله 32 جنيه للدولار، قبل أن يتراجع ويتحرك بين 29 و30 جنيها خلال الأيام الماضية.
ورصد البنك المركزي المصري، عمليات دخول مستثمرين أجانب للسوق مرة أخري، بعد حراك سعر الصرف، وقالت المؤسسة المصرفية، إن التدفق شمل عددا من القطاعات منها تحويلات المصريين بالخارج والسياحة خلافا للمؤسسات.
أدوات الدين
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت الحكومة المصرية في اتباع سياسة سعر الصرف المرن، ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، على فترات وصولا إلى 32 جنيه للدولار كأعلى سعر الأربعاء الماضي، ثم تماسك قليلاً ليستقر عند 29.6 جنيه للدولار.
وتعهدت مصر بالتحول إلى سياسة سعر الصرف المرن بشكل دائم وذلك في مذكرة نوايا قدمتها لصندوق النقد الدولي في إطار موافقته على دعم مالي بقيمة 3 مليارات دولار.
ووفقا لمؤشرات البنك المركزي المصري فقد حدثت طفرة في إجمالي تعاملات سوق الإنتربنك " تعاملات البنوك وتداول الدولار فيما بينها والتي تحدد أسعار الصرف وحجم الطلب والعرض على الدولار" لتسجل زيادة تجاوزت 20 ضعفًا مقارنة بالوضع الطبيعي.
طلبات على أذون الخزانة
وفي إِشارة صريحة لعودة الأموال الساخنة للسوق المصري باعت وزارة المالية المصرية أذون خزانة بقيمة 98.4 مليار جنيه الأحد الماضي، لآجال 91 يومًا و273 يوما، فيما وصلت الطلبات من مستثمرين أجانب ومحليين إلى 140 مليار جنيه، بما يزيد عن المستهدف الذي كانت تنوي طرحه.
وفي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية خرجت أموال ساخنة من السوق المصري بقيمة تجاوزت 20 مليار دولار بحسب تصريحات سابقة للدكتور محمد معيط وزير المالية.
وقالت مؤسسة ستاندر تشارترد البريطانية، إن مصر تشهد تدفق للمحفظة على خلفية تحرير سعر الصرف وارتفاع عائد أذون الخزانة، مؤكدا أن أذون الخزانة استحقاق 2024 تمنح عائدا 21.20% بما يجعلها مغرية للمستثمرين الأجانب.
وتابعت ستاندر، أن أذون الخزانة المصرية جاذبة للاستثمار الأجنبي في ظل ارتفاع العائد عليها خاصة مع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.
الاستثمارات المباشرة حائط الصد
وقال الدكتور هاني جنينه الخبير المصرفي المصري، إن بدء تدفق الأموال الساخنة للسوق المصري أمر جيد حاليا، بما يعني أن الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح، لكن يجب العمل على جذب الاستثمارات المباشرة التى تعد الحل السليم للأزمة.
وأضاف، أن اتباع سياسة سعر الصرف المرن من شأنها الحد من التقلبات في فترة خروج الأموال الساخنة من السوق، قائلاً إن "بعض الدول تفرض قيودا على خروج الاستثمارات الأجنبية الساخنة، أو تمنح مزايا للفترات الأطول، لكن هذا الأمر لا يتماشي بشكل كبير مع سياسة السوق الحر".
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن عودة الأموال الساخنة للاستثمار في أدوات الدين المصري تعني بدء تغير وجهات نظر المؤسسات والمحافظ، ومن ثم من الضروري الاستفادة من الأموال الساخنة المتدفقة للسوق المصري على المدى القصير، بينما يتم بالتوازي الإسراع في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتدفق الحقيقي للعملة الأجنبية عبر تنمية الموارد الحقيقية المولدة للدولار.
وقال إن الحكومة المصرية أمام تحديات عديدة على رأسها جذب 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية مباشرة، مع تنمية موارد قطاع السياحة وتحويلات المصريين في الخارج، بجانب زيادة الصادرات، وتخفيض الاستيراد، ما يحدث تغير جذري في الاقتصاد المصري.
6 مليارات دولار
وكان تقرير سابق لـ"سيتي بنك" أكد أن تعاملات الدولار في الإنتربنك وصلت إلى 1.5 ميار دولار في بداية العام في إشارة إلى ضخامة التعاملات على الدولار في السوق المصري.
وقال سيتي بنك إن التعاملات تعني تراجع أزمة الدولار في مصر، مع توقعات انخفاض الطلب على الدولار خلال الفترة المقبلة، وانتهاء السوق الموازية.
وقدر سيتي بنك الأمريكي الأموال الساخنة المتدفقة للسوق المصري بنحو 6 مليارات دولار قبل نهاية يونيو/حزيران المقبل، مؤكدا أنها ستدخل عبر أدوات الدين بالعملة المصرية.
وقال الدكتور مصطفي بدرة الخبير الاقتصادي المصري، إن ما يحدث في سوق الصرف حاليا هو انعكاس لآليات العرض والطلب ومن ثم يبدأ المستثمر الأجنبي في اتخاذ قراراته الاستثمارية على أسس واضحة، متوقعا تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية عبر أدوات الدين والبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة.
نجاح السياسات النقدية
وأضاف يجب الإسراع في طرح أحد الشركات الحكومية الكبرى لجذب السيولة المتدفقة في الأسواق المالية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، موضحا أن السياسات النقدية في مصر أدت دورها بشكل جيد خلال الفترة الحالية ما يظهر في حجم تدفق الدولار للسوق المصري عبر أذون الخزانة.
وفال إنه يجب الإسراع في خطوات السياسات المالية وخطوات الإصلاح الاقتصادي عن طريق تنمية الموارد الدولارية سواء التصدير أو السياحة أو المصريين بالخارج لمنع أى هزات اقتصادية جديدة، بجانب العمل على جذب استثمارات أجنبية مباشرة بشكل كبير عبر طروحات جديدة ومشروعات اقتصادية منافسة.
وفى وقت سابق أشار تقرير صادر عن ستاندرد آند بورز جلوبال، إلى تقدم الحكومة المصرية في جذب استثمارات من الخليج إلى القطاعات الاقتصادية المهمة، وزيادة تدفقات أموال المصريين في الخارج، ما يعني تغير النظرة للاقتصاد المصري إلى إيجابية.
وذكر التقرير أن توجهات الحكومة والسياسات النقدية المتبعة ساهمت بشكل كبير في إمكانية وصول أكبر إلى أسواق رأس المال الدولية.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز