مواجهة الطقس الحار بالحج.. 4 إجراءات سعودية
استراتيجية متكاملة وضعتها السعودية للتخفيف من تداعيات ارتفاع درجات حرارة الجو على ضيوف الرحمن خلال أداء مناسك حج 2022.
تستند تلك الاستراتيجية على 4 إجراءات، أولها هو تلطيف الأجواء داخل المسجد الحرام عبر محطتين هما الأكبر عالميا، ثانيها توزيع مظلات على الحجاج لوقايتهم من التعرض المباشر للشمس في المشاعر المقدسة.
أما ثالث تلك الإجراءات فهو توعية الحجاج بالأمراض الحرارية وعلى رأسها ضربات الشمس والإجهاد الحراري وسبل تلافي الإصابة بها.
الإجراء الرابع هو توفير خدمات صحية على أعلى مستوى لعلاج الحالات المتوقع إصابتها بضربات الشمس والإجهاد الحراري، ومن أبرز تلك الخدمات تخصيص مركز متكامل لضربات الشمس والإجهاد الحراري.
طقس الحج
وتوقع المركز الوطني للأرصاد أن تتراوح درجات الحرارة العظمى على المشاعر المقدسة خلال موسم حج هذا العام ما بين 42 - 44 درجة مئوية.
ولمواجهة الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، والتخفيف من تداعياتها، وضعت السعودية استراتيجية شاملة متكاملة في جميع المواقع التي سيتنقل خلالها ضيوف الرحمن عند أداء المناسك سواء في المسجد الحرام، أو المشاعر المقدسة، تستعرضها "العين الإخبارية" في التقرير التالي:
تلطيف الأجواء
يعد كلا من طواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة ركنين من أركان الحج لا يصح الحج إلا بهما، وكلاهما يؤدى داخل المسجد الحرام.
ولم تكتف السعودية بتلطيف الأجواء داخل المسجد الحرام فقط، بل إن منظومة التكييف بالمسجد الحرام تمده بالهواء البارد المُنقى من الجراثيم بنسبة 100٪ ، وذلك عبر محطتين رئيسيتين هما الأكبر عالمياً، تحت رعاية الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ممثلة في وكالة الشؤون الفنية والتشغيلية والصيانة وإدارة المرافق.
وتستهلك منظومة التبريد طاقة تصل إلى (159) ألف طن تبريد، تصنف ضمن أكبر منظومات التبريد في العالم، وتضخ طاقتها من محطتي " كدي، والشامية "، وتقدر الطاقة التي تنتجها محطة الشامية بـ(120) ألف طن تبريد، وتبعد عن المسجد الحرام مسافة (900) متر، أما محطة أجياد فتصل قدرتها الإنتاجية إلى 39 ألف طن تبريد، وتبعد (500) متر.
وتعمل مبردات المحطتين بتبريد المياه ما بين 4 إلى 5 درجات مئوية، وضخها عبر الأنابيب للمسجد الحرام، ثم إلى وحدات مناولة الهواء بالغرف الميكانيكية؛ ليتم فيها عملية التبادل الحراري، ثم يدفع الهواء النقي المبرد إلى أرجاء المسجد الحرام.
وقامت الوكالة بتجديد وتطوير وحدات مناولة الهواء، واستبدال جميع المبادلات الحرارية بمبادلات جديدة، بالإضافة إلى تغيير جميع الفلاتر الخاصة بتنقية الهواء بشكل دوري.
ويُنقى الهواء عبر وحدات مناولة الهواء بعد سحب الهواء الطبيعي من سطح المسجد الحرام، ويتم ذلك على عدة مراحل، عن طريق فلاتر تعمل بكفاءة وتقنية ترشيح عالية، تمنع مرور جزيئات الغبار والجسيمات الصغيرة إلى بيئة التكييف، ثم يتم تعقيمه بالأشعة فوق البنفسجية التي تعمل على قتل البكتيريا والجراثيم، ليصل الهواء إلى المصليات بالمسجد الحرام خاليا من الجراثيم والفيروسات.
فيما تشرف الرئاسة العامة على تشغيل وصيانة هذه الأنظمة، حيث يقوم عدد كبير من المهندسين والفنيين السعوديين من ذوي الخبرة والكفاءة العالية في الإدارة العامة للتشغيل والصيانة بالتحكم بدرجات الحرارة، والحفاظ على نسب الرطوبة المطلوبة، ومتابعة الحالة التشغيلية على مدار الساعة.
ويعمل الفنيون على موازنة الهواء في المساحات المختلفة من المسجد الحرام، وذلك اعتماداً على أعداد وكثافة الزوار؛ وهو ما يسهم في الحفاظ على مستوى الراحة الحرارية بكفاءة استهلاك مثالية للطاقة، والإشراف على أوامر الصيانة حسب المرجعيات والإرشادات الفنية الصحيحة، وفق منظومة عمل متكاملة مع مراعاة إرشادات الأمن والسلامة.
أما في موسم الحج فيزداد عدد العاملين بنسبة (25٪)، لسرعة التعامل مع الحالات الطارئة، لضمان تقديم أفضل الخدمات من خلال تهيئة كافة سبل الراحة والطمأنينة، لضيوف بيت الله الحرام، والرقي بمستوى الخدمات المقدمة لهم.
توزيع المظلات
تنشط مختلف الجهات المعنية بشؤون الحج في المملكة في توزيع مظلات شمسية، على الحجاج بهدف حمايتهم من حرارة الشمس خلال أدائهم مناسكهم.
وعلى مدار الفترة الماضية قامت رئاسة شؤون الحرمين بتوزيع مظلات شميسة، على الحجاج والعاملين في المسجد الحرام لحمايتهم من أشعة الشمس ، وذلك ضمن مبادرة بعنوان "مظلة الحرمين".
وتهدف المبادرة إلى حماية الحجاج من حرارة الشمس خلال أدائهم مناسكهم، والعاملين في خدمتهم من منسوبي ومنسوبات الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأبطال الأمن والصحة، والمتطوعين داخل المسجد الحرام وساحاته، وجاءت ضمن حزمة من المبادرات التي تقدمها الرئاسة لضيوف الرحمن.
بدورها، تنشط وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، في توزيع المظلات الشمسية الواقية من أشعة الشمس والعبوات المبردة من المياه على الحجاج.
جهود توعوية
على الصعيد التوعوي، كثفت وزارة الصحة السعودية جهودها التوعوية على أكثر من مسار للتوعية بالأمراض الحرارية خلال موسم الحج، إما من خلال حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو موقعها الإلكتروني، أو التطبيقات المعنية بالحج.
وشددت الوزارة أهمية عدم التعرض المستمر لأشعة الشمس، محذرة من أنه قد يؤدي إلى الإصابة بضربات الشمس، ما يؤثر سلبًا في إتمام مناسك الحج، ونصحت الحجاج بتجنب التعرض لأشعة الشمس واستخدام المظلة.
كما أطلقت الوزارة "دليل الحاج للحج بصحة" الذي تضمن معلومات وافية حول الأضرار الصحية الناتجة عن التعرض المستمر لأشعة الشمس، وسبل الوقاية، وطرق العلاج.
ونوهت في هذه الصدد إلى أن ضربة الشمس مرض يهدد الحياة، ويرتبط - عادةً - بارتفاع غير منضبط في درجة حرارة الجسم الأساسية إذ تكون أكثر من 40 درجة مئوية، واختلال وظائف الجهاز العصبي المركزي، مثل: الهذيان، أو التشنجات، أو الغيبوبة. وأهم أسباب ضربة الشمس التعرض لدرجات حرارة مرتفعة، ونسبة رطوبة عالية، أو التعرض لإجهاد جسدي كبير.
وأكدت الصحة السعودية أن ضربة الشمس تُعد حالة طبية طارئة يجب معالجتها بأقرب وقت ممكن من خلال التالي:
• نقل المصاب إلى مكان بارد.
• إزالة الملابس الخارجية، وتبريد الجسم بالماء خصوصًا منطقة الرأس والرقبة.
• تعريض المصاب لمصدر هوائي كهواء المكيف، أو المروحة.
• إعطاء المصاب السوائل.
• طلب الخدمات الإسعافية، والتوجه إلى أقرب منشأة صحية.
وعرفت وزارة الصحة السعودية الإجهاد الحراري بأنه استنفاد السوائل، والأملاح من الجسم إثر التعرق الغزير، وعدم شرب كمية كافية من المياه والعصائر.
ونصحت الحجاج بعدد من الأمور لتجنب الإصابة بالإجهاد الحراري، وهي:
• تجنب التعرض المباشر للشمس.
• تجنب الحر، والزحام.
• احرص على شرب السوائل، مثل: المياه، والعصائر التي تحتوي على الأملاح الضرورية.
• احرص على أخذ قسط من الراحة.
• احرص على لبس الملابس ذات ألوان فاتحة (للنساء).
• احرص على استخدام مظلات فاتحة اللون.
وبينت أن المناطق التي يكثر فيها الإصابات الحرارية هي:
• الطواف، خصوصًا في أوقات الظهيرة.
• المسعى، خصوصًا عند الازدحام الشديد وارتفاع درجة حرارة الجو.
• صعيد عرفات في وقت الظهيرة.
• منى (أماكن الذبح والجمرات)، وذلك بسبب طول المسافة، والازدحام عند رمي الجمرات.
منظومة صحية متكاملة
ضمن استعداداتها لموسم حج هذا العام 1443هـ، هيأت وزارة الصحة السعودية، في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة، (25) مستشفى، يساندها (156) مركزًا صحيًّا، بسعة سريرية تصل إلى (5000) سريرٍ، منها (1053) سريراً خُصصت للعناية المركزة، و(241) سريراً خُصصت لضربات الشمس، وبلغَ عددُ الكوادر الصحية المؤهلة لخدمة ضيوف الرحمن نحو (25) ألف ممارس صحي.
ويقوم مستشفى النور التخصصي، ومستشفى الملك فيصل، ومستشفى الملك عبدالعزيز، ومستشفى حراء العام، ومستشفى ابن سينا، ومستشفى أجياد، ومستشفى الولادة والأطفال، ومستشفيات قطاع شمال مكة (خليص - الكامل)، بالتعامل مع جميع الحالات من خلال أقسام الطوارئ المجهزة بكامل التجهيزات للتعامل مع الحالات الطارئة والتي تحتوي على وحدات مجهزة للتعامل مع حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس.
أيضا على صعيد الإجراءات العلاجية، أوضحت وزارة الصحة أن مستشفى النور التخصصي عضو التجمع الصحي في العاصمة المقدسة أكمل كافة استعداداته لتقديم الخدمات الصحية والطبية والوقائية والتشخيصية لحجاج بيت الله الحرام من خلال وضع خطة تشغيلية متكاملة خلال موسم حج هذا العام 1443 هـ.
وبينت الوزارة أن الخدمات العلاجية تشمل حالات الإجهاد الحراري، وبقية الأمراض المتعلقة بالحرارة، والمتوقع حدوثها هذا العام، حيث هيأ المستشفى مركزاً متخصصاً لضربات الحرارة، والإجهاد الحراري، وذلك لمواجهة الحالات المتوقعة خلال موسم حج هذا العام، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، في العاصمة المقدسة، والمشاعر، مؤكدة أن هذا المركز يعد الأول على مستوى مستشفيات مكة المكرمة، والذي يعمل تحت إشراف قسم الطوارئ لاستقبال مرضى الإجهاد الحراري وضربات الشمس على مدار 24 ساعة.