الممتلكات العربية التاريخية بالقدس.. تهويد بأمر القضاء
المحكمة العليا الإسرائيلية أعطت الضوء الأخضر لوضع مستوطني اليد على 3 عقارات تاريخية كبيرة مملوكة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس القديمة.
باتت الممتلكات العربية التاريخية في مدينة القدس فريسة سهلة للتهويد بشكل قانوني، بعدما صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على بيع أملاك للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية لإحدى جمعيات الاستيطان بهدف تحويلها إلى بؤر استيطانية.
والإثنين الماضي، صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على بيع أملاك للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في البلدة القديمة المحتلة في القدس لجمعية "عطيرات كوهانيم" الاستيطانية، بعد فشل محاولات بطريركية الروم الأرثوذكس إلغاء البيع.
ومنذ عام 2004 بدأت تظهر رغبة جمعيات الاستيطان في الاستيلاء على الممتلكات التاريخية في البلدة القديمة بشكل قانوني بعد ظهور وثائق تزعم أن شركات إسرائيلية اشترت هذه الأصول، ومنها فندقا "الإمبريال" و"البتراء" و"بيت المعظمية"، لتحويلها إلى بؤر استيطانية.
فندق "الإمبريال" الذي بُني عام 1884 ويعد من أوائل الفنادق التي أقيمت في القدس الشرقية، كان وجهة للكثير من السياح والمسؤولين الذين زاروا القدس بمن فيهم فيلهلم الثاني آخر قياصرة الإمبراطورية الألمانية، وملك بروسيا عندما زار فلسطين عام 1898.
وتمتلك بطريركية الروم الإرثوذكس الفندق الواقع في ميدان عمر بن الخطاب بمنطقة باب الخليل، وهو أحد أبواب البلدة القديمة في القدس التي تؤدي إلى حارة النصارى.
وبات الفندق الذي يوفر سطحه طلة جميلة على معالم القدس القديمة بما فيها المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة وسور القدس العتيقة، مهددا بالتسرب إلى الجمعية الاستيطانية الإسرائيلية "عطيرات كوهانيم" التي تنسق في وضع اليد على ممتلكات عربية في القدس بدعم من أثرياء يهود، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولا يهدد التسريب هذا الفندق، المكون من 50 غرفة فندقية فحسب، بل شمل أيضا فندق "البتراء" الملاصق له والمكون من 26 غرفة فندقية، وأيضا المملوك لبطريركية الروم الأرثوذكس في القدس.
بدأت قصة" الإمبريال" و"البتراء"، ومعهما مبنى كبير في الحي الإسلامي في المدينة يسمى "بيت المعظمية"، تطفو على السطح في عام 2004 بعد أن قالت وسائل إعلام الاحتلال، مستندة إلى وثائق، إن شركات إسرائيلية مسجلة في دول غربية وتعمل لصالح الجماعات الاستيطانية اشترت هذه العقارات من بطريركية الروم الأرثوذكس.
الوثائق فجرت موجة من المظاهرات في القدس والضفة الغربية وداخل الخط الأخضر وفي الأردن، أدت في نهاية الأمر إلى الإطاحة ببطريرك الروم الأرثوذكس في القدس إيرينيوس الأول من منصبه في عام 2005.
هذه القضية ألقت بظلالها على البطريرك الجديد ثيوفيلوس الذي استهل عهده في العام ذاته بمحاولة إبطال الصفقة التي قال إنه شابها أعمال فساد ورشوة فضلا عن عدم مصادقة الكنيسة عليها.
وتسعى جماعات استيطانية إسرائيلية، على رأسها "عطيرات كوهانيم"، إلى وضع اليد على أكبر عدد ممكن من الممتلكات العربية في البلدة القديمة من القدس في محاولة لمنع تحولها إلى عاصمة للدولة الفلسطينية مستقبلا.
وهذه الجماعات حظيت على مدى سنوات، على الدعم القانوني من المحاكم الإسرائيلية، وهو ما تكرر في قضية أملاك بطريركية الروم الأرثوذكس في الصراع الذي بدأ عام 2007.
وآنذاك، قدمت البطريركية دعوى إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس دعت فيها إلى إبطال الصفقة بعد تأكيدها أنه شابها الفساد؛ حيث تمت بدون علم الكنيسة وبعد تقديم جميعة "عطيرات كوهانيم" الرشوة المالية للمسؤول المالي في البطريركية الذي وافق على إتمامها بسعر زهيد، مقارنة بسعر السوق لهذه الممتلكات.
ورغم أن المحكمة المركزية الإسرائيلية ردت في العام الماضي التماس البطريركية التي رأت في المحكمة العليا الإسرائيلية ملاذها الأخير لإبطال الصفقة، فإنها أيضا صادقت على الصفقة.
وبقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، الإثنين الماضي، يخشى الفلسطينيون إقدام "عطيرات كوهانيم" الاستيطانية على طرد المستأجرين المحميين من المباني وتحويلها إلى بؤر استيطانية.
وقالت اللجنة الرئاسية الفلسطينية العليا لشؤون الكنائس، إنها "نبهت مبكراً إلى أحقية الوجود المسيحي في القدس باعتباره مستهدفاً من قبل السياسات الإسرائيلية الممنهجة لتفريغ المدينة المقدسة من الوجود الوطني المسيحي الأصيل كما هو الحال في استهداف المسجد الأقصى، نحو تهويد المدينة ".
وشددت اللجنة في بيان وصل "العين الإخبارية" على أن: "أوقافنا الكنسية المسيحية والمسجد الأقصى ومعه الأوقاف الإسلامية كلها مستهدفة، وأن الصمود الفلسطيني المقدس في عاصمتنا يبقى الركيزة الثابتة في حماية الهوية الوطنية الفلسطينية".
بدورها، قالت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس، إن المحكمة الإسرائيلية "اعتمدت صفقة عقارات باب الخليل التي تم إبرامها بشكل مشبوه في عهد البطريرك السابق إيرينيوس الأول بالرغم من تقديم البطريركية كل ما هو كافٍ لأبطالها على مدار معركة قانونية استمرت 14 عاما".
وأعلنت البطريركية في تصريح أرسلته لـ"العين الإخبارية" أن: "الستار لم يسدل بعد على هذه القضية، وأن الطواقم القانونية العاملة مع البطريركية تقيم معلومات وبينات جديدة تم تزويدها بها خلال الساعات الماضية التي تكشف جوانب مظلمة أخرى تم إخفاؤها لهذه الصفقة المشبوهة".
وقالت إنها: "ستُكمل مشوار مقاومة عملية الاستيلاء على عقاراتها في باب الخليل بكافة السبل المشروعة، وأن طواقمها القانونية بالتعاون مع خبراء في القانون الدولي، تدرس كافة الاحتمالات المتاحة لإلغاء عملية الاستيلاء على عقارات باب الخليل".
وأشارت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس إلى أنها: "ستواصل تقديم دعمها للمستأجرين المحميين بهذه العقارات ليكونوا خط دفاع آخر أمام الهجمة الاستيطانية الشرسة على القدس عامة وعلى هذه العقارات خاصة".
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4yNiA= جزيرة ام اند امز