"بيت الحكمة" .. مركز علمي وفكري ازدَهر في عصر الخليفة المأمون
"بيت الحكمة" يُعدّ أحد أكبر المراكز العلمية ذات الشهرة الكبيرة عربياً وعالمياً، إذ أدّى دوراً رائداً في نشر المعرفة وتعريب العلوم.
يعدّ "بيت الحكمة" في العراق، أحد أبرز المراكز العلمية ذات الشهرة الكبيرة عربياً وعالمياً، إذ أدّى دوراً رائداً في نشر العلم والمعرفة وتعريب العلوم.
وذكر ت الموسوعة العربية أن "بيت الحكمة" ظهر في عصر هارون الرشيد، وازدهر في عصر المأمون الذي تعهّد بترجمة مجموعات من الكتب اليونانية في العلم والفلسفة إلى العربية، كما وضع جلّ اهتمامه في العناية بجلب المراجع ومكافأة المترجمين.
وأكدت سجلات تاريخية, أنه من أجل تشجيع المترجمين والباحثين على إضافة أعمال باللغة العربية إلى المكتبة, كان المأمون يعِدهم بدفع ما يكافئ وزن كل كتاب بالذهب.
وكانت بغداد مدينة مزدهرة وغنية جداً ما سمح للمأمون بتوفير النفقات بغية شراء مزيدٍ من الأعمال، بما في ذلك كتب من بلدان أخرى، حتى قيل إن الخليفة المأمون قد سمع عن مكتبة صقلية الرائعة, وراسل ملكها مطالباً إياه بِجميع المراجع الفلسفية والعلمية اليونانية، حتى يتم دمجها في "بيت الحكمة".
وأرسل ملك صقلية محتويات المكتبة إلى الخليفة المأمون بناءاً على نصيحة الأساقفة في بلاده، الذين رأوا أن محتويات هذه الكتب لم يكن مفيداً للشعب في ذاك الوقت.
وقال المؤرخون أسماء ثلاثة أدباء أشرفوا على إدارة "بيت الحكمة" في عصر المأمون، أوّلهم سهل بن هارون، وكان كاتباً حكيماً وشاعراً فصيحاً، وثانيهم سلم الفارسي، وله مؤلفات ترجمها من الفارسية إلى العربية، أبرزها كتب الخرافات والأسمار والأخبار.
أما الأديب الثالث فيتمثّل في محمد بن موسى الخوارزمي، أشهر العلماء الذين انقطعوا لـ"بيت الحكمة" في زمن المأمون، وهو من أصحاب علم الهيئة ممّن قاموا بالحسابات الفلكية، وألّفوا كتباً في الزيج والعمل بالإسطرلاب.
وعمل في بيت الحكمة عدد كبير من التراجمة، منهم يوحنا بن البطريق، والحجاج بن مطر، وحنين بن إسحاق، وقسطا بن لوقا، وجيش بن الحسن، وغيرهم.
كما عمل أيضاً حشد من النُسّاخ، أشهرهم علان الشعوبي الوراق، العارف بأنساب العرب.
ودخلت التجربة طور الجمود والإهمال حتى سقطت بغداد في يد هولاكو عام 656 هـ الموافق 1258م، والذي حوّل "بيت الحكمة" وغيره من خزائن الكتب العامة والخاصة إلى خرائب، وألقى المراجع في نهر دجلة.
وقبل الحصار أنقَذ نصير الدين الطوسي حوالي 400,000 مخطوطة، ونقَلها إلى "مرصد مراغة".
وبهذا الخراب يكون عمر "بيت الحكمة" قد امتدّ من عهد هارون الرشيد حتى سنة 656 هـ، عام سقوط بغداد والدولة العباسية، ومرَّ عليه منذ أن أُنشئ 32 خليفة عباسياً.