منع تدريس «الإنجليزية».. حرب حوثية على التعليم

لم تكتفِ مليشيات الحوثي بتقويض قطاع التعليم في اليمن عبر تحريف مناهجه وصبغه بطابع طائفي، بل مضت مؤخرًا إلى إلغاء تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس.
فوجئ اليمنيون بتعميم أصدرته المليشيات عبر وزارة التربية والتعليم التابعة لها، يقضي بمنع تدريس اللغة الإنجليزية في المراحل الأساسية للمدارس الحكومية والخاصة الواقعة ضمن نطاق سيطرتها، بدءًا من العام الدراسي المقبل؛ في خطوة جديدة تُنذر بتداعيات خطيرة على مستقبل التعليم في البلاد.
وبررت المليشيات القرار بأنه يأتي في إطار التركيز على مهارات القراءة والكتابة باللغة العربية، زاعمة أن التوسع في تعليم اللغات الأجنبية أضعف مستويات اللغة الأم.
انتقادات واسعة
أثار القرار استياءً كبيرًا في الأوساط التربوية والنخبوية اليمنية، التي اعتبرت هذه الخطوة استمرارًا لسياسة التجهيل المنهجي التي تنتهجها المليشيات، من خلال استهداف عناصر العملية التعليمية كافة، من طلاب ومعلمين ومؤسسات، فضلاً عن تجنيد الأطفال، وقطع رواتب المعلمين، وقصف المدارس، واعتقال التربويين، وإحلال مناهج بديلة بطابع طائفي، وترويج اللغة الفارسية في المؤسسات التعليمية، وهو ما يشكل تهديدًا مباشراً للنسيج الاجتماعي.
ويرى مدير شعبة التوجيه التربوي لمادة اللغة الإنجليزية في عدن، محمد حسين، أن القرار الحوثي يُقصي التعليم عن أهدافه المعاصرة، لكونه يُقصي اللغات الأجنبية من المراحل الأولى، والتي تُعد من أهم عناصر تشكيل شخصية الطالب وتأهيله للتعامل مع متغيرات العصر.
وأوضح حسين، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن اللغة الإنجليزية لم تعد مادة تكميلية، بل أصبحت من الأدوات الجوهرية للمعرفة والانفتاح على العالم، في وقت تتسارع فيه وتيرة التطور العلمي والمعرفي القائم على التعدد اللغوي.
ووصف القرار بأنه "ضربة قاسية" للتعليم في اليمن، لما له من آثار مستقبلية خطيرة على جيل كامل من الأطفال، مشيرًا إلى أنه يحرمه من فرص الاستعداد العلمي والمنافسة في سوق العمل الإقليمي والدولي، الذي يعتمد على معايير تعليمية قائمة على اللغات العالمية.
وأضاف أن "القرار سينتج عنه جيل معزول عن مستجدات العالم وتطوراته العلمية، كما أنه يتناقض مع مزاعم الحوثيين القائلة بأن التركيز على اللغة العربية والمواد الدينية هو الهدف الرئيسي من القرار".
وأكد حسين أن تعلم اللغات الأخرى حثّ عليه النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وهو جزء من تعاليم الدين الإسلامي، التي يبدو أن المليشيات لم تُحسن فهمها أو إدراكها.
موقف حكومي
من جهته، علّق وزير الإعلام والثقافة اليمني، معمر الإرياني، على القرار الحوثي، مؤكدًا أن حظر تدريس اللغة الإنجليزية يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تنتهجها المليشيات لتقويض أسس التعليم وإنتاج جيل معزول عن لغة العصر ووسائل التقدم.
وقال الإرياني في بيان صحفي إن هذا التوجه يعكس رغبة المليشيات في فرض بيئة فكرية مغلقة تتسق مع مشروعها العقائدي المتشدد، مشيرًا إلى أن حظر اللغة الإنجليزية ليس إلا حلقة ضمن مخطط ممنهج لتسييس التعليم وتحويله إلى أداة لخدمة أجندات طائفية متطرفة.
ولفت الوزير إلى أن المليشيات تعمل على تحويل المدارس إلى منصات لنشر الأفكار المتشددة بين الأطفال، ما يُسهم في تكريس الجهل ويقطع صلة الأجيال الجديدة بالعالم من حولهم، محذرًا من أن هذه السياسات ستقود اليمن إلى مزيد من العزلة والتراجع.
وأشار إلى أن المليشيات كانت قد أغلقت في وقت سابق العديد من معاهد تدريس اللغة الإنجليزية، أبرزها معهد "يالي" العريق في صنعاء، الذي كان من أقدم المؤسسات التعليمية في هذا المجال، بحجة "الاختلاط" و"نشر الهوية الغربية"، وهو ما اعتبره جزءًا من سعيها لفرض ما تسميه "الهوية الإيمانية".
كما شدد الإرياني على أن هذه الحملة تترافق مع مساعٍ لفرض اللغة الفارسية في المناهج الدراسية، بهدف محو الهوية اليمنية والعربية، واستبدالها بثقافة وافدة تقوم على الولاء لمشروع خارجي.
aXA6IDMuMTIuMzQuMzYg جزيرة ام اند امز