ليس السِّلم وحده يخضع للقوانين والمبادئ الأخلاقية, بل الحروب كذلك، لها قانونها الدولي والمبادئ الأخلاقية والسياسية، التي ترتهن بها.
ولكن هذه المعادلة ليست من ضمن الأدبيات، التي تسير وفقها مليشيا الحوثي في حربها العبثية على أرض اليمن, وذلك من خلال خرقها كل ما له صلة بالأعراف والقوانين الدولية والمعايير الأخلاقية والإنسانية, من انقلابٍ على الشرعية إلى انتهاكات حقوق الإنسان وتكميم الأفواه, وصولاً إلى تجنيد الأطفال وسرقة المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى إمداداتٍ عسكرية على حساب الشعب اليمني، الذي يعاني الجوع والفقر تحت وقع أزمة خانقةٍ.
كل ذلك يجعل هجمات مليشيا الحوثي البائسة لتهديد أمن وسلم المدنيين في المناطق الحدودية للمملكة العربية السعودية، التي تقود تحالفاً لدعم الشرعية في اليمن، دليلاً على الإفلاس الميداني والأخلاقي:
أولاً الإفلاس الميداني: كلما ضاقت الحال على الحوثيين تحت ضربات الجيش اليمني مدعوما من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية, وكلما سقطت مديرياتٌ ومدن وقادة من المليشيات, تلجأ مليشيا الحوثي إلى استهدافٍ أجوف لأراضي المملكة، بغية توجيه رسائل معنوية لقادة المليشيا وعناصرها، الذين يعيشون حالة رعب وتقهقر نفسي وميداني, بالإضافة إلى انعكاس هذا التقهقر على العملية السياسية، التي تعطلها مليشيا الحوثي على مدار سنوات, لأنها لا تملك أوراقاً تفاوضية, فتحاول بمثل هذه الانتهاكات -حسب أحلامها- أنْ تجعل منها ورقة تفاوض, ولكنها أصغر من أنْ تكون كذلك, فكلها انتهاكاتٌ بائسة لا تعدو كونها عبثية لا طائل منها, فالمملكة بجيشها وقدراتها تصد هذه الانتهاكات قبل أنْ تصل إلى الأجواء السعودية، غير محدثة لأي أضرار تُذكر.
ثانياً الإفلاس الأخلاقي: اعتماد مليشيا الحوثي في حربها على منهجية ترفض الشرعية, وارتهانها لأجنداتٍ خارجية, جعلا من القوانين الدولية والأخلاقية والإنسانية آخر ما يُلتفتُ إليه من قبلها, فاعتداؤها على الشعب اليمني وتدميرها بِناه التحتية وتجنيدها أطفاله وحرمانهم من التعليم, وسرقة قُوتهم وممتلكاتهم, إنما ينبع من ذاتٍ إجرامية لا تراعي قانونا أو مبدأ.
لذلك فهذه المليشيا لا تتورع عن محاولاتها العشوائية البائسة، التي تخفق دائما، في استهداف البنى التحتية أو المطارات المدنية أو المجمعات الآهلة بالمدنيين في المناطق الحدودية من المملكة, والذي تستنكره وتدينه كل الأعراف الدولية والمؤسسات السياسية والقانونية العالمية، ما يدلل على إفلاس مليشيا الحوثي سياسياً وقانونياً وأخلاقياً على الصعيدين الداخلي والخارجي.
هذا الإفلاس يجعل مليشيا الحوثي وجهاً لوجه مع صورتها الحقيقية أمام العالم أجمع, تلك الصورة التي تُختزل في انتهاكات القوانين المحلية والدولية على الأصعدة كافةً، قانونياً وإنسانياً وأخلاقياً, ما يقتضي التعامل بحزمٍ معها من قبل المجتمع الدولي, كما أنّ هذه الاعتداءات المتكررة إنما تُظهر إفلاس المليشيا وضعفها عسكرياً أمام قدرات المملكة والتحالف العربي، بل وتخبطها تحت وقع ضربات التحالف، الذي دائما ما طرح الحوار ودعوات السلام، التي ترفضها مليشيا الحوثي, وذلك لخلو يدها من أيِّ ورقة تفاوضية تبني عليها أحلامها, لذلك تلجأ إلى الحروب العبثية التي ليس من شأنها إلا تعريتها وإطالة أزمة الشعب اليمني المنكوب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة