إرهاب الحوثي يحرم المرضى من العلاج وينهب "الدعم الصحي"
أجبرت مليشيات الحوثي منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية على تعليق نشاطها في أحد أكبر المستشفيات اليمنية.
عمدت المليشيات إلى تسخير الدعم المقدّم من المنظمة إلى مستشفى "عبس" الريفي في حجة، شمالي غربي اليمن، لمعالجة مقاتليها الجرحى الذين يسقطون في المعارك الطاحنة التي تدور على جبهات حرض وحيران في المحافظة الساحلية.
ويؤدي تدخل مليشيات الحوثي وتسخير المساعدات الإنسانية وتوظيفها عسكرياً إلى زيادة المخاطر على الطواقم الطبية وتعطيل عمل المنظمات الدولية.
وقال مصدر محلي مسؤول لـ"العين الإخبارية" إن مستشفى عبس الريفي الواقع غربي المحافظة تحوّل في الآونة الأخيرة إلى عيادة طبية متقدمة للجرحى الحوثيين الذين يسقطون في جبهات حجة عقب هجوم كبير للمليشيات في مسعى للتقدم الميداني.
وأدّى تخصيص المستشفى لمداواة جرحى الحوثي فقط إلى حرمان المرضى المدنيين البالغ عددهم أكثر من مليون شخص من المساعدة الطبية التي تقدمها المنظمة في المنطقة.
ووفقاً للمصدر، فإن الاستغلال العسكري للمستشفى من قبل مليشيات الحوثي بما فيه تسخير الطواقم الطبية للمنظمة الدولية في نقل الجرحى المقاتلين إلى مستشفيات أخرى في المحافظة وصنعاء، هو ما دفع "أطباء بلا حدود" إلى تعليق عملها خوفاً على طواقمها.
وهذا ما أكدته منظمة "أطباء بلاء حدود" في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، بشأن تعليق نشاطها في مستشفى عبس الريفي لكنها عزت ذلك إلى "دواع أمنية"، إشارة لعسكرة الحوثيين للمرفق والطواقم الطبية.
وتدعم المنظمة مستشفى عبس الريفي منذ عام 2015، باعتباره أكبر مستشفى في المديريات الساحلية في حجة ويقدّم المساعدة إلى حوالي 1,5 مليون من السكان في اليمن، طبقاً للمنظمة الدولية.
تعليق قسري
وأوضحت منظمة "أطباء بلا حدود" أن تعليقها المؤقت والقسري للعمل في مستشفى عبس دخل حيّز التنفيذ اعتباراً من الأول من مارس/آذار الجاري.
وأشارت إلى أن ممثلي المنظمة الدولية مستمرون في مفاوضات مع مليشيات الحوثي التي تسيطر على المستشفى "لضمان أمن وسلامة فرقنا الطبيّة والمرضى في المستشفى"، على حد قولها.
ولم يوضِّح البيان توقيت استئناف العمل في المستشفى مرة أخرى.
وأعرب البيان عن أمنيات المنظمة استئناف أنشطتها "في أقرب وقت ممكن" لمتابعة الاستجابة للحاجات الطبيّة للسكان في ظل استمرار المواجهات العنيفة والنقص في خدمات الرعاية الصحيّة بالمنطقة.
وتدعم المنظمة أكثر من 11 مستشفى و20 مرفقاً صحيّاً، غالبيتها في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي شمالي وغربي اليمن، وتركّز على علاج ضحايا العنف وحالات الطوارئ الأخرى، وتقديم الخدمات المجانيّة في مجال رعاية الأم والطفل والصحة النفسيّة.
خضوع للحوثي
ويأتي تعليق منظمة "أطباء بلا حدود" عملها في مستشفى عبس الريفي عقب أيام من انتقاد حكومي حاد لتسخير إمكانياتها الطبيّة لدعم مليشيات الحوثي بعيداً عن الحاجة الملحة للمرضى.
واتهمت السلطة المحليّة المعترف بها دولياً في محافظة حجة المنظمة الدولية بـ"الانحياز وتحوّل مهمتها الإنسانية إلى فريق طبي يتبع المليشيات الحوثية"، ما ينافي بشكل صارخ للنظم والقوانين واللوائح الإنسانية التي تستند إليها "أطباء بلاد حدود".
وقال مدير عام مكتب الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في حجة، المحامي هادي وردان، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن منظمة "أطباء بلا حدود" سخّرت إمكاناتها الطبية في مستشفى عبس لجرحى الحوثيين ووصل إلى حد نقلهم إلى صنعاء وتحمل النفقات الإسعافية للجرحى ومرافقيهم من مسلحي المليشيات.
ونبّه إلى أن دعم المنظمة يقتصر على تقديم المساعدة للمتضررين من النزاع وهم المدنيين الذين ليسوا طرفاً في الحرب، فيما يعد تسخير الدعم الطبي للمقاتلين الحوثيين "مخالفة للغرض الذي تأسست المنظمة لأجله".
كما يخالف نصوص القانون الدولي الإنساني الذي ألزم أطراف النزاع بالتعاون مع الطواقم الطبية الإنسانية سواء "أطباء بلا حدود" أو "الصليب الأحمر باعتبار" ما يقومون به عمل إنساني.
ووصف المسؤول الحكومي خضوع المنظمة لمليشيات الحوثي أنه "مساهمة مباشرة في إطالة أمد الحرب في اليمن وانحياز مفضوح وسابقة خطيرة عن العمل الإنساني"، وأن قيادة المحافظة لن تسكت حيال ذلك.
وأهاب وردان بطاقم "أطباء بلا حدود" في حجة بالحرص على إنقاذ المدنيين من الأمراض والأوبئة التي تسببت المليشيات الحوثية في انتشارها بعد تعرّض القطاع الصحي للتدمير الشامل منذ الانقلاب أواخر 2014.