الحوثي وعقوبات واشنطن.. أسلوب ردع "لا يكفي" ومحللون يقدمون "الحل"
عقوبات تلو الأخرى تفرضها الولايات المتحدة على قادة الحوثي، لم توقف صلف المليشيات، الأمر الذي دفع خبراء يمنيّين لاقتراح الأسلوب الرادع.
فما إن تفرض واشنطن عقوبات جديدة حتى يمعن الحوثي في تعنته واستفزازه، في تحدٍّ سافر للمجتمع الدولي.
وهو ما حصل مع أحدث عقوبات فرضتها الولايات المتحدة على اثنين من قادة جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، في مواجهة هجوم تشنه المليشيات على محافظة مأرب اليمنية الغنية بالغاز، شرقي البلاد.
وبعد ثلاثة أيام من تلك العقوبات، تجلى الإرهاب الحوثي واضحا في مياه البحر الأحمر، بعد إحباط تحالف دعم الشرعية في اليمن، هجوما عدائيا وشيكا للمليشيات.
استفزازٌ حوثي فسره خبراء يمنيون بافتقار الانقلابيين لأية مصالح اقتصادية أو مالية خارجية، واعتمادهم في تمويلاتهم الحربية على الجباية الداخلية، أو عبر التهريب والدعم الإيراني.
واستدل الخبراء بذلك، برد فعل المليشيات على لسان القيادي النافذ محمد علي الحوثي، والذي ردّ على العقوبات الجديدة بنبرة تهديد طالت "أماكن غير متوقعة"، زاعما بأن العقوبات "لا تخيفهم".
لكن ورغم هذا النهج الحوثي في ضرب مسارات السلام وآمال اليمنيين في بلد آمن، يرى خبراء في العقوبات الأمريكية "مؤشرا هاما على تغير سياسة واشنطن في اليمن".
وفي 11 يناير/كانون الثاني الماضي، صنفت الإدارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس دونالد ترامب، جماعة الحوثي في اليمن "منظمة إرهابية أجنبية".
غير أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن، قررت في الشهر التالي، إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب، بهدف ما عللته وقتها " تخفيف حدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم وتعزيز الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية اليمنية".
خطوة أمريكية دفعت الحكومة الشرعية إلى حث واشنطن على تغيير موقفها، معتبرة التصنيف "خطوة محورية لكبح جماح تصعيد الجماعة السياسي والعسكري المتزايد".
وفي أعقاب الخطوة الأمريكية الأخيرة التي طالت ما يسمى "رئيس الأركان العامة" الذي يقود هجوم الحوثيين في مأرب محمد عبدالكريم الغماري، وقياديا بارزا يُدعى يوسف المداني، رأت الحكومة اليمنية أنها خطوة غير كافية لوقف وتيرة هجوم الانقلابيين بمأرب.
موقف الحكومة الشرعية اليمنية جاء على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني الذي شدد على ضرورة إعادة المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية النظر في أسلوب التعاطي مع مليشيات الحوثي وإعادة تصنيفها منظمة إرهابية".
جدوى العقوبات
رئيس مركز جهود للدراسات باليمن عبدالستار الشميري رأى أنه رغم الزخم الإعلامي الكبير لهذه العقوبات الفردية، فإنه لا أثر لها على أرض الواقع.
وقال الشميري في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه "لا ينبغي لواشنطن الاحتفاء بهذه العقوبات، التي لم تطل رموز الجناح المالي، وطرفا له مصالح عابرة للدول لتكون سلاحا فعالا".
في المقابل، لفت المحلل السياسي إلى أن واشنطن تملك الكثير من أوراق الضغط لإخضاع مليشيات الحوثي وداعمها نظام إيران.
وذكّر أن "كل التجارب السابقة مع الحوثيين أثبتت أنها لن ترضخها، ولن تدفعها للذهاب إلى أي حوار، ما لم يكن هناك متغيرات جذرية وكبيرة على الأرض".
الحل في الحسم العسكري
ويعد الضامن الوحيد لانصياع الحوثي وخلفه النظام الإيراني لانخراط المليشيات الجاد في عملية سياسية، بالنسبة للشميري، هو "الحسم العسكري وتقدم الجيش اليمني إلى ما بعد مأرب صوب صنعاء، بالإضافة إلى تحرير الحديدة تحديدا".
ويستشهد الشميري على تعنت الحوثي بالجزئية الخاصة بملف "خزان صافر" العائم؛ قائلا إنه "رغم مرور 3 أعوام من استرضاء الجماعة ومن وعودها إلا أن كل الجهود لم تفلح في الوصول للناقلة، وهو ملف إنساني بيئي لا يخص الحوثيين وحدهم".
المحلل السياسي خلُص إلى أن العقوبات على قادة الحوثي مثلها مثل العقوبات على قادة داعش والقاعدة باستثناء زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي "أسامة بن لادن"، الذي كان صاحب مصالح تجارية، لكن بقية القادة الإرهابيين لم يتأثروا إلا تحت القوة والضربات العسكرية الرادعة.
الأسلوب مع داعش "رادع"
وهنا يشير إلى ما حققه التحالف الدولي عندما أنشئ ضد داعش، من محاصرة وردع أنشطته الإرهابية، وهو ما لم يكن يتحقق حال تم الذهاب مع التنظيم المتطرف في مسارات سياسية، منبها إلى أنه ليس هناك أي فارق جوهري بين القاعدة وداعش والحوثي.
بل إن مليشيات الحوثي -وفقا للشميري- هي أخطر التنظيمات الإرهابية لامتلاكها ترسانة سلاح تحدثها تباعا وتمتعها بقدرات قادرة بالفعل على العبث، ليس باليمن ودول الجوار، بل بالمياه الإقليمية الدولية و"ستصبح واشنطن ومصالحها في مرمى الصواريخ والمفخخات"، على حد قوله.
ويعتقد الخبير بالشأن اليمني أن توجه الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه البلاد اعتمد خيارات وحلولا وسطا، بغية منح مساحة إرضاء لكل الأطراف، ومنها الحوثي وإيران، بهدف ضمان تنازلات بسيطة من طهران؛ الأمر الذي أدى للانحراف إلى المنطقة الرمادية وأضاع الكثير من الوقت.
ونوه إلى ما قدمته المبادرة السعودية من فرصة ثمينة للسلام، لكن لا الأمم المتحدة ولا واشنطن وغيرها استطاعت إجبارهم على القبول بها على الإطلاق.
تغيّر ملموس
الباحث في مركز صنعاء للدراسات حسام ردمان من جانبه، استبعد نجاح العقوبات الأمريكية الأخيرة في تغيير سلوك قادة مليشيات الحوثي بشكل ملموس، لكنه اعتبرها مؤشرا مهما على تغير سياسة واشنطن.
وتابع "هذا التغيير يبعث رسالة هامة مفادها أن تراجع إدارة بايدن عن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية لن يكون شيكا على بياض، وأنه قد يعاد النظر فيه في أي وقت".
وأوضح ردمان في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن مليشيات الحوثي فوتت فرصة ذهبية لبناء تسوية سياسية مرضية في اليمن، وأثبتت للجميع أنها مجرد وكيل للنظام الإيراني".
وعما تملكه واشنطن من خيارات ضغط على مليشيات الحوثي، يرى الباحث اليمني أن أهمها "تخفيف الضغوطات التي تمارسها لوقف الحرب في اليمن ودعم الرياض سياسيا وتسليحيا ومعلوماتيا لخوض عملية عسكرية واسعة في مأرب والحديدة".
وبات على لائحة الإرهاب الأمريكية 12 قياديا حوثيا بينهم 4 قادة تم تصنيفهم بشكل خاص، وهم زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، وشقيقه عبدالخالق، وذراع استخباراته العسكرية عبدالله الحاكم.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA=
جزيرة ام اند امز