"حوثنة المساجد".. مدارس القرآن بصنعاء تتحول لـ"حوزات طائفية"
لن يجد الكثير من سكان صنعاء مسجدا غير طائفي يصلون فيه الجمعة المقبلة، بعدما احتلت مليشيا الحوثي المساجد وحولت مدارس القرآن إلى حوزات.
على الرغم من عشرات المساجد التي تملأ عاصمة اليمن التاريخية، فلم يبق للمصلين مسجد يستمعون فيه إلى خطبة جمعة تخلو من خطاب مذهبي يحرض على الكراهية والموت وسفك الدماء.
المليشيات الحوثية تشن حربا طائفية ضد المساجد ومراكز الحديث ومدارس القرآن الكريم في اليمن، حيث تفرض خطباء وأئمة ينتمون إلى الجناح الديني المتطرف داخل الجماعة لتكريس الطائفية في المجتمع وحوثنة الخطاب الديني .
وأغلقت مليشيات الحوثي، السبت 3 مراكز للعلوم الشرعية وآخر مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم في صنعاء.
وتعد مدرسة أبو بكر الصديق الواقعة في حي الحصبة شمال صنعاء، وهي آخر مدرسة غير طائفية لتحفيظ القرآن تغلقها المليشيات مقابل افتتاح آلاف المراكز الدينية الحوثية لنشر الفكر الطائفي.
المليشيات انتهجت أساليب تفجير المساجد ودور العبادة والحديث، واعتقال أئمة المساجد الدعاة، وإحراق المكاتب الدينية في كل المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لتفرض معتقداتها التكفيرية ضد الآخر .
الجمعة الماضية اقتحمت المليشيا 3 مساجد في العاصمة صنعاء؛ تمهيدًا للسيطرة على مباني المساجد وإغلاق مراكز التحفيظ، وهي مركز السنة في سعوان، والفتح في المقالح، والبشائر في جدر.
ويأتي هذا السعار الحوثي بعدما أصبحت هذه المساجد المعتدلة بديلا لنسبة كبيرة من سكان العاصمة صنعاء للصلاة فيها؛ بعد أن فرضت المليشيا أئمة وخطباء تابعين لها، في مساجد العاصمة.
ويرفض كثير من سكان العاصمة صنعاء أداء صلاة الجمعة في المساجد التي نصبت المليشيات فيها خطباء يروجون للفكر الإرهابي الطائفي، واكتفوا بالصلاة في بيوتهم أو الذهاب إلى هذه المساجد التي اقتحمتها المليشيا الجمعة والسبت .
وفي أبريل/نيسان الماضي أقدمت عناصر تابعة لمليشيات الحوثي الانقلابية، على اقتحام مسجد النور في قرية عمد في مديرية سنحان بصنعاء، وذلك أثناء أداء المواطنين لصلاة التراويح.
كما اقتحمت عناصر المليشيا مسجد النور أثناء أداء المواطنين للصلاة، وطردت المصلين ووصفتهم "بالدواعش"، ثم قامت باحتلال المسجد وتحويله إلى حوزة طائفية .
وفى محافظة أب وسط البلاد حولت مليشيات الحوثي، مركز الإمام الذهبي والمسجد التابع له إلى مقر لها بعد أن اختطفوا الإمام الشيخ نشوان الآنسي، ونهبوا إيجارات المبني الوقفي الذي خصصه أحد التجار لخدمة المسجد وملحقاته وأوقفوا حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
السيطرة على المساجد
وتحاول مليشيا الحوثي بكل الوسائل إتمام السيطرة على المساجد وفرض الخطاب الديني الطائفي التابع لها، في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، حيث فجرت المليشيا منتصف 2014 أكبر المراكز السلفية في اليمن الواقع في منطقة دماج.
ولم يكن إغلاق واقتحام مليشيا الإرهاب الحوثية للمساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم في العاصمة صنعاء، إلا امتدادا لسلسة من جرائم الفاشية الحوثية، منذ سنوات بحق الجماعات والمؤسسات الدينية، التي تختلف معها مذهبيا.
ويرى مراقبون أن اليمن لم تعرف مليشيا إرهابية متطرفة تفجر دور العبادة مثل الحوثي على مر التاريخ.
وعلى نهج الإرهاب الإيراني المتطرف سعت مليشيا الحوثي إلى إخلاء الساحة اليمنية من أي أفكار دينية معارضة، وفرضت رؤيتها الطائفية المستوردة من إيران .
وبدأ تفجير مليشيا الحوثي للمساجد ودور الحديث، وهي لا تزال في كهوف مران في محافظة صعدة، حيث فجرت دار الحديث في منطقة كتاف عام 2013، بعد عدوان شنته على القبائل المعارضة مما أدى لمقتل ٣٠٠ شخص وإصابة ٥٠٠ وتدمير ١٩ منزلا، وتشريد ٤٢٠ أسرة.
وبعد سيطرتها على العاصمة صنعاء وبعض المحافظات، بدأت بتضييق الخناق على المؤسسات الدينية و الفكرية، وأئمة المساجد والدعاة، وكل ما يخالف أفكارها .
وكشف تقرير حكومي عن تعرض 299 مسجداً في اليمن لعمليات تدمير ممنهج من قبل ميليشيات الحوثي، وذلك منذ بدء انقلابها على السلطة الشرعية نهاية 2014 وحتى 2017.
ووثق تقرير لبرنامج التواصل مع علماء اليمن تدمير مليشيات الحوثي 299 مسجداً بالكامل بينما تعرض 24 مسجداً لأضرار بليغة فيما حولت الميليشيات 146 مسجداً إلى " ثكنات عسكرية" في عدة محافظات.
ومع بداية 2018، أعلنت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية إحصائية بالمساجد التي تعرضت للتفجير والقصف والنهب من قبل مليشيا الحوثي في الفترة من 2013 وحتى نهاية 2016، وبلغت 750 مسجداً، منها 282 مسجداً في العاصمة صنعاء، تليها محافظة صعدة بواقع 115 مسجداً، والبقية في مناطق متفرقة.