«كوماك» الصينية.. منافس جديد يهدد هيمنة بوينغ وإيرباص

في عالمٍ يعجّ بالمنتجات الصينية الصنع، يبقى نادرًا انتشار الطائرات التجارية وطائرات الركاب التي تحمل شعار "صنع في الصين".
ومن غير المرجح أن يتغير هذا الغياب لطائرات الركاب الصينية، التي تصنعها شركة كوماك المدعومة من الدولة، عن الأسواق العالمية في أي وقت قريب.
وبحسب فايننشال تايمز، في الشهر الماضي، أُعيدت طائرتان بوينغ جديدتان كليًا مطليتان بألوان الخطوط الجوية الصينية إلى الولايات المتحدة، بعد أن جعلت الرسوم الجمركية التي فرضتها بكين على الصادرات الأمريكية تسليم الطائرات مكلفًا للغاية بالنسبة لشركات الطيران الصينية.
وتم تخفيض الرسوم الجمركية منذ ذلك الحين، لكن الموقف نفسه كشف عن ثغرة أعمق ستواجهها الشركات الغربية في هذا القطاع، حيث أصبح اعتماد الصين على الطائرات الأجنبية عبئًا في بيئة جيوسياسية متقلبة.
ولسنوات، تم تجاهل طموحات الصين في مجال الطائرات التجارية بسبب محدودية آفاق التصدير والاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية.
ولكن هذا المنظور يتجاهل تحولًا أعمق يحدث حاليا، ففي صناعة مركزة ومعتمدة على العرض مثل صناعة الطيران، لا تحتاج الصين إلى الهيمنة على الخارج لتعطيل النظام العالمي أو لتحقق لنفسها الزخم اللازم بهذا القطاع.
ويتمحور هذا فيما اصبحت تتمتع به الطائرات صينية الصنع من ثقة، على مستوى السوق المحلية على الأقل، وتحديدا طائرة C919 - وهي طائرة كوماك التي تُعدّ بديلاً عن طائرتي بوينغ 737 وإيرباص A320 - وهي طائرة ضيقة البدن تُشكّل جوهر طموحات الصين في قطاع الطيران.
وطلبت أكبر ثلاث شركات طيران مملوكة للدولة في الصين 100 طائرة C919، وتُسيّر بالفعل 17 منها منذ أول رحلة تجارية لها في عام 2023.
وسجّلت كوماك أكثر من 1000 طلب، معظمها محلي، ولكن بعضها من البرازيل وإندونيسيا ولاوس، مما يُشير إلى اهتمام يتجاوز حدود الصين.
وعلى الرغم من تواضع هذا العدد مقارنةً بتسليمات إيرباص لطائرات 766 العام الماضي، إلا أن هدف كوماك المتمثل في إنتاج أكثر من 200 طائرة سنويًا بحلول عام 2029 بدأ يبدو قابلاً للتحقيق.
وعلى عكس بوينغ وإيرباص، تحظى كوماك بدعم حكومي كامل، وتسيطر بكين على أكبر ثلاث شركات طيران في البلاد، والتي تُمثّل مجتمعةً ما يقرب من 43% من الطاقة الاستيعابية المحلية للطائرات، مما يمنح كوماك قاعدة قوية من المشترين المحتملين.
وتتعزز هذه الميزة بفضل الحجم الهائل لسوق السفر الجوي المحلي في الصين، والذي من المتوقع أن يتجاوز الولايات المتحدة كأكبر سوق في العالم بحلول عام 2043، وفقًا لتوقعات إيرباص.
ومع ذلك، ورغم كل هذا الزخم، لا تزال شركة كوماك تواجه عقبات كبيرة، حيث تعتمد طائرة C919 بشكل كبير على المكونات المستوردة، حيث يُقدر أن ما لا يقل عن 40% من أنظمة الطائرة، بما في ذلك المحركات وإلكترونيات الطيران، تأتي من الخارج، والعديد منها من شركات أمريكية.
هذا يُعرّض شركة كوماك (COMAC) لضوابط التصدير وتزايد المخاطر الجيوسياسية، وإذا ما استمر تدهور العلاقات الأمريكية الصينية، لا يُمكن استبعاد فرض المزيد من القيود على التقنيات الحيوية.
كما تفتقر كوماك إلى شهادات دولية من سلطات الطيران الأمريكية والأوروبية.
وحتى لو سعت كوماك إلى استبدال الموردين الأجانب ببدائل محلية، فإن ذلك سيؤدي إلى عملية إعادة اعتماد طويلة ومكلفة.
وحصلت طائرة C919 على شهادتها للطيران في الصين عام 2022، بعد 15 عامًا من الموافقة على أول خطة تطوير لها، وأي إعادة تصميم كبيرة ستؤدي إلى تأخيرات، في ظل استمرار ارتفاع الطلب المحلي.
aXA6IDMuMTI4LjMxLjIwMCA=
جزيرة ام اند امز