حوادث طيران الشركات الأمريكية.. كيف أثرت اقتصادياً؟
في العقد الأخير، تعرضت صناعة الطيران الأمريكية لعدة حوادث كبيرة كان لها تأثيرات اقتصادية عميقة على شركات الطيران وصانعي الطائرات.
هذه الحوادث لم تكن مجرد قضايا أمنية، بل امتدت إلى خسائر مالية ضخمة، وتراجع في الأسهم، وأثرت على ثقة الجمهور في سلامة السفر الجوي.
أخر هذه الحوادث كان الأربعاء الموافق 29 يناير/كانون الثاني 2025، حيث تحطمت طائرة ركاب تابعة لشركة أمريكان إيرلاينز قادمة من ولاية كانساس فوق واشنطن بعد اصطدامها بمروحية عسكرية قرب مطار ريغان الوطني، ما أسفر عن وقوع العديد من القتلى.
وفي أعقاب الحادث، أمرت هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية بوقف جميع الرحلات من وإلى مطار ريغان الوطني. كما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصة "تروث سوشال"، معتبرًا أن الحادث كان بالإمكان تجنبه، مشيرًا إلى ضرورة إخبار برج المراقبة للمروحية بما يجب أن تفعله بدلاً من الاستفسار إذا كانت قد رأت الطائرة.
وشهد سهم شركة أمريكان إيرلاينز تراجعًا ملحوظًا في تعاملات ما قبل الفتح، اليوم الخميس، بسبب الحادث/ وانخفض السهم بنسبة 5.7% ليصل إلى 16.35 دولار، وسط حالة من التذبذب في مستهل جلسة التداول ببورصة ناسداك.
في وقت سابق، تحطمت طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" في قاعدة إيلسون الجوية في ألاسكا، حيث نجا الطيار بعد أن قفز من الطائرة أثناء مواجهة عطل فني.
التأثير الاقتصادي العام
تتسبب الحوادث الكبرى في خسائر فورية بالنسبة لشركات الطيران، حيث تضطر إلى إلغاء الرحلات أو تأجيلها، ما يؤدي إلى التأثير على الإيرادات التشغيلية.
الحوادث يمكن أن تؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية بشكل كبير بسبب الحاجة لإصلاح الطائرات المتضررة أو استبدالها، فضلًا عن أن تأثر السمعة يمكن أن يؤدي إلى تراجع الحجوزات في المستقبل.
بالنسبة لصانعي الطائرات، مثل بوينغ، فإن الحوادث التي تتعلق بعناصر فنية في الطائرة قد تؤدي إلى انخفاض حاد في الطلب على الطراز المعني.
بالإضافة إلى ذلك، يترتب على الحوادث دفع تعويضات ضخمة لشركات الطيران والعملاء المتضررين، ما يزيد من الضغوط المالية على الشركات، كما قد تتطلب الحوادث تغييرات تقنية وإعادة تصميم الطائرات، وهو ما يشكل عبئًا ماليًا على الشركات المصنعة.
وعلى المدى الطويل، تفقد شركات الطيران وصانعي الطائرات فقدان الثقة في الأمان والسلامة، ما قد يؤدي إلى تراجع في أرباح الشركات على المدى البعيد. على الرغم من أن بعض الشركات تتمكن من استعادة ثقة العملاء بعد الحوادث من خلال تدابير تصحيحية، فإن السمعة لا تتعافى بسهولة وتستغرق وقتًا طويلاً.
حادثة طائرات بوينغ 737 ماكس
تعد الحوادث المتعلقة بطائرات بوينغ 737 ماكس من أبرز الحوادث في تاريخ الطيران الحديث، حيث شهدت هذه الطائرات سقوط طائرتين من طراز 737 ماكس في عامي 2018 و2019.
الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2018 وكانت تابعة لشركة ليون إير الإندونيسية، بينما كانت الثانية في مارس/آذار 2019 وتابعة للخطوط الإثيوبية، وأسفرتا عن مقتل جميع الركاب والطاقم، وأثارت المخاوف حول سلامة الطائرة.
بعد الحادثين المأساويين، تراجعت أسهم بوينغ بنسبة تجاوزت 20%، وهو انخفاض كبير أثار قلق المستثمرين، وتم تعليق استخدام طائرات 737 ماكس في العديد من البلدان حول العالم، ما أدى إلى خسائر مالية ضخمة، نتيجة للخسائر التي تكبدتها من تعليق بيع الطائرات وتعويض شركات الطيران المتضررة.
وتأثرت العديد من شركات الطيران العالمية، بما في ذلك شركات الطيران الأمريكية مثل ساوث ويست وإير كندا، بشكل كبير بسبب إلغاء الرحلات أو إعادة تنظيم الأساطيل، ما أدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية بسبب الحاجة إلى استبدال الطائرات المعطلة أو إعادة جدولة الرحلات المتأثرة.
تحديات بوينغ في 2024
في عام 2024، أعلنت بوينغ تكبدها خسائر صافية وصلت إلى 11.82 مليار دولار، وهي خسائر ناتجة عن مشكلات مستمرة في جودة الإنتاج وإضرابات عمالية استمرت لفترة طويلة، ورغم محاولاتها للتعافي، فإنها ما زالت تواجه تحديات اقتصادية كبيرة.
بوينغ شهدت تراجعًا حادًا في تسليماتها لعام 2024، حيث سلمت 348 طائرة فقط، وهو انخفاض يقترب من الثلث مقارنة بالعام السابق، بينما سلمت منافستها إيرباص 766 طائرة، وهو أعلى رقم منذ عام 2019، وتراجعت تسليمات بوينغ بسبب مشكلات في سلسلة الإنتاج، بما في ذلك الإضرابات والمشكلات التقنية.
ورغم الصعوبات، استطاعت بوينغ في ديسمبر/كانون الأول 2024 استئناف إنتاج طائرات 737 ماكس الأكثر مبيعًا، وسجلت طلبات جديدة لشركات طيران مثل بيغاسوس التركية وفلاي دبي. ومع ذلك، اضطرت الشركة لحذف أكثر من 130 طلبًا من شركة غيت إيروايز الهندية التي أفلست.
حوادث متتالية في 2024
في بداية 2024، شهدت بوينغ سلسلة من الحوادث المقلقة، كان أبرزها حادث تحطم طائرة "جيجو آير" الكورية الجنوبية من طراز 737-800 في كوريا الجنوبية، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، وأُشير إلى أنه قد يكون ناجمًا عن اصطدام الطائرة بطائر بالإضافة إلى الطقس السيء.
الحوادث المتتالية أثرت بشكل كبير على ثقة الركاب والمستثمرين، فحسب مسح أجرته معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في يونيو/حزيران 2024، وأشار نحو 22% من المسافرين إلى أنهم سيقللون من السفر الجوي في حال استمرار الحوادث، بينما أكد 20% أنهم سيقومون بإجراء مزيد من الأبحاث عن الطائرات قبل الحجز.
aXA6IDE4LjE4OC4yNDUuMTA0IA== جزيرة ام اند امز