في ربيع عام 1924 نزع كمال أتاتورك رداء العثمانية عن تركيا، وألبسها ثوب الجمهورية الأبيض .في تلك الأثناء، وبينما مصر تحت حكم الإنجليز، ظهرت فيها نبتة خبيثة سنة 1928، سممت ثمارها الشرق والغرب، تلك جماعة الإخوان الإرهابية بزعامة حسن البنا.
ارتدى البنا عباءة الدين، بذريعة إحياء الخلافة المهزومة.. فما علاقة الإخوان بتركيا؟ ومن أدخل التنظيم الإرهابي إلى مدنها وأريافها حتى انقضت على السلطة واحتكرتها نحو عشرين (٢٠) عاما؟
عام 1958 أسس سعيد رمضان -صهر حسن البنا وسكرتيره الشخصي- فرع التنظيم في ألمانيا تحت اسم "الجمعية الإسلامية IGD"، وتمكن -هناك- من تجنيد التركي نجم الدين أربكان، الذي قام -مستندا إلى كتابات سيد قطب- بتأسيس جماعة الرؤية الوطنية المعروفة بــ"ملي غوروش"، التي تحولت إلى واحدة من أكبر الحركات الإسلامية بين الجاليات التركية في أوروبا.
عاد أربكان من ألمانيا إلى تركيا بمهمة واحدة وحيدة، هي القضاء على النظام الجمهوري وأخونة الدولة، ولتحقيق ذلك أسس -مرتكزا على أفكار قطب المتطرفة- حزب النظام الوطني الذي انضم إليه رجب طيب أردوغان.
كانت تركيا قد قطعت شوطا كبيرا في طريق الحداثة، وأصبحت عضوا في حلف الناتو وكادت نجمتها تقفز إلى علم الاتحاد الأوروبي، لكن حظ الأتراك العاثر وطيبتهم أمام خداع الإخوان، أوصلا أربكان إلى رئاسة الوزراء عام 1996 بتحالفه مع تانسو تشيلر رئيسة حزب الطريق القويم.
كان أردوغان -خريج مدارس "إمام خطيب"- من المقربين إلى أربكان.
فجأة أصبح لاعب كرة القدم في نادي قاسم باشا بمدينة إسطنبول، رئيسا لبلدية المدينة عام 1994.
انشق أردوغان عن أربكان وأسس حزب العدالة والتنمية سنة 2001، رفقة عبدالله جول.
بالخديعة، والشعارات البراقة، وصل الحزب الإخواني عام 2002 إلى رئاسة الحكومة التركية، وراح أردوغان ينسج خيوطه لتمكين الإخوان.
أول عمل قام به أردوغان، تعديل الدستور على مقاسه، ليتمكن من رئاسة الحكومة، بعد أن كان ممنوعا بحكم قضائي من تولي أي منصب، وليتحكم الإخوان بمفاصل الدولة.
ترحم الأتراك على دولتهم التي غزا الإخوان مفاصلها العسكرية والسياسية والاقتصادية والقضائية، وغيروا قوانينها، وشوهوا صورتها.