نظرة على المضخات الحرارية.. الصندوق الأبيض السحري
بينما تتطلع ألمانيا إلى مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري، فإن جهازًا صغيرًا على شكل صندوق أبيض -المضخات الحرارية- أصبح يولد نقاشًا حيويًا حول قدرته على استبدال غلايات الغاز والنفط الثقيل.
المضخات الحرارية
تعمل المضخات الحرارية Heat Pumps، باستخدام تقنية مشابهة لتلك الموجودة في مكيفات الهواء والثلاجات، حيث تستخرج الدفء من الأرض أو الهواء الخارجي أو مصدر المياه لتوليد الحرارة؛ وأثناء فصل الشتاء، يقوم سائل التبريد الذي يمرُّ داخل لفائف نحاسية باستخراج الحرارة من الغلاف الجوي، فيتحرك الهواء الدافئ بشكل طبيعي نحو الطقس البارد. وتقوم المضخة بتحويل الحرارة والمواد المبردة إلى غاز بارد، ومن خلال زيادة الضغط على هذا الغاز، ترتفع درجة حرارته، فيقوم بتدفئة الهواء داخل المنزل.
هذا، وتُعُّد المضخات الحرارية حلًا جذابًا لتوفير الطاقة والحدّ من الانبعاثات، لأنها تشبه مكيفات الهواء القابلة لتبديل وظيفتها، إذ تستخدم الكهرباء لاستخراج الحرارة وتركيزها من الهواء الخارجي أو الأرض أو الماء وضخها في المبنى. وفي فصل الصيف، يمكن أن تعمل المضخات الحرارية في الاتجاه المعاكس، إذ تضخ الهواء الدافئ خارج المبنى لتوفير التبريد.
وفي حين أن الغاز لا يزال الطريقة الأكثر شيوعًا لتدفئة المنازل الألمانية، فإن المضخات الحرارية أصبحت تُعُّد هي الخيار الأمثل للتدفئة خلال أزمة الطاقة؛ وازدادت شعبية كجزء من التحول إلى الطاقة النظيفة بعد ارتفاع أسعار الغاز جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.
نظام تدفئة محايد مناخيًا
تعمل مضخات الحرارة بالكهرباء. إذا كان هذا ناتجًا عن مصادر متجددة، فإن نظام التدفئة يكون محايدًا مناخيًا تقريبًا. لهذا السبب تدعم الحكومة الألمانية تكاليف التركيب بنسبة تصل إلى 40٪. ولكن حتى مع الدعم، فإن نظام المضخات الحرارية لمنزل الأسرة الواحدة يكلف حوالي 17000 يورو (18600 دولار). وغالبًا ما تحتاج المنازل القديمة أيضًا إلى تجديدات مثل العزل الحراري والنوافذ والأبواب الجديدة. كلما كان التجديد أكثر تعقيدًا، كان الانتقال إلى كفاءة الطاقة ومصادر الطاقة المتجددة أكثر تكلفة -ربما يصل إلى أكثر من 100000 يورو. ومن هذا المنطلق، فقد تم تركيب 1.2 مليون مضخة حرارية في ألمانيا حتى الآن، معظمها في المباني الجديدة. لكن نصف المباني السكنية في ألمانيا البالغ عددها 19 مليون مبنى يتم تسخينها بالغاز الطبيعي - وربعها بالنفط.
هذا، ويرى النقاد أن المضخات الحرارية، تُصبح باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الألمان، ويزعمون أن إصلاح الطاقة الجديد، سوف يدفع الألمان نحو شراء تلك المضخات؛ حيث إنه سيتم حظر فعليًا غلايات النفط والغاز التقليدية.
على صعيد آخر، يُشير المؤيدون إلى الإعانات الحكومية الكبيرة للمضخات. ويعتقدون أن استخدام المضخات تُعُّد من بين الخيارات الواقعية القليلة لخفض الانبعاثات من قطاع المباني - والتي شكلت حوالي 15% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في ألمانيا العام الماضي.
المضخات الحرارية جاذبة للاستثمارات
تجدُر الإشارة إلى أنه في مستوطنة صغيرة تقع بين تلال الغابات في ولاية هيسن الغربية في ألمانيا، تم البدء في تصنيع المضخات في وقت سابق من هذا العام، كجزء من خطة صناعة المضخات الحرارية التابعة لشركة Bosch .
ومن جانبه أوضح "جان بروكمان"، الرئيس التنفيذي لمجموعة Bosch Home Comfort Group ، "أنه في الوقت الذي يتطلع فيه أصحاب المنازل إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، شهد سوق الأجهزة في السنوات الأخيرة بالفعل نموًا كبيرًا، لم يسبق له مثيل. فضلًا عن أنه يعتقد إمكانية أن تُصبح ألمانيا -على المدى البعيد- أكبر سوق لمضخات الحرارة في أوروبا.
لا تزال شركة Bosch Home Comfort متفائلة، وتخطط لاستثمار مليار يورو (1.1 مليار دولار) بحلول نهاية العقد في شبكة التطوير والتصنيع الأوروبية للمضخات الحرارية، بالإضافة إلى إن ألمانيا، لديها أيضًا مصانع مضخات حرارية في السويد والبرتغال، وتقوم بإنشاء مصنع في بولندا.
وفي هذا الصدّد، تجدُر الإشارة إلى أنه أصبح هناك قانون جديد يشق طريقه من خلال البرلمان يطالب بأن تكون التدفئة في المنازل مدعومة بما لا يقل عن 65% من الطاقة المتجددة، وهو جزء من حملة ألمانيا للتخلص من الكربون بحلول عام 2045، والتي ستسفر عن زيادة مبيعات المنتج في السنوات المقبلة
قانون التدفئة الألماني
يهدف مشروع قانون التدفئة، بقيادة حزب الخضر ووزير الاقتصاد الألماني "روبرت هابيك"، إلى الانتقال بعيدًا عن أنظمة التدفئة التي تعمل بالنفط والغاز بالكامل بحلول عام 2045 كجزء من مكافحة تغير المناخ. واعتبارًا من بداية العام المقبل، سيتم منع المطورين وأصحاب المنازل من تثبيت معظم أنظمة التدفئة التي تعمل بالوقود الأحفوري في المباني الجديدة الواقعة فيما يسمى بـ "مناطق البناء الجديد". في الوقت نفسه، سيكون هناك فترة سماح أمام الحكومات المحلية في البلديات والمدن الكبيرة حتى عامي 2026 و2028 على التوالي، لتقديم خطة تدفئة مجتمعية.
وفي هذه المرحلة، سيُطلب من مالكي المنازل في المباني الجديدة والممتلكات الحالية استبدال أنظمة التدفئة الخاصة بهم التي تعمل بالطاقة المتجددة بنسبة 65% على الأقل في حالة تعطلها إلى استخدام أنظمة التدفئة التي تعمل بالزيت أو الغاز. ومع تطبيق الإطار الزمني الجديد، ليس من الواضح ما إذا كانت الحكومة لا تزال قادرة على تنفيذ قانون التدفئة الجديد في بداية عام 2024 كما هو مخطط أم لا.
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز