رحلة السنوات الحاسمة.. كيف تدير مصر منظومة البترول والغاز؟
تمكنت مصر من الوصول إلى أعلى مستوى لإنتاج النفط والغاز الطبيعي على الإطلاق
نجحت مصر خلال السنوات الست الأخيرة في إجراء إصلاحات هيكلية بقطاع النفط، حتى بات يغطي الإنتاج نحو 60% من احتياجات السوق المحلي.
وفيما يخص ملف الغاز الطبيعي وخلال خلال الأعوام الأربعة الأخيرة فقط تمكنت مصر من تحويل معدلات نمو قطاع الغاز الطبيعي من سالب 11% إلى موجب 20%، في طفرة غير مسبوقة.
حسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة البترول المصرية، فإن القطاع حقق أعلى معدلات إنتاج في نهاية 2019 تشمل إنتاج 650 ألف برميل بترول يوميا، 7.2 مليار قدم مكعب من الغاز الذي حقق الاكتفاء الذاتي للبلاد واستئناف التصدير مجددا.
وجاء إنجاز قطاع الغاز الطبيعي بعد تحقيق اكتشاف حقل ظهر الضخم في شرق البحر المتوسط من خلال شركة إيني الإيطالية صاحبة امتياز الحفر والاستكشاف، إذ يقدر إنتاج الحقل بـ 3 مليارات قدم مكعب يوميا، واحتياطيات تبلغ 30 تريليون قدم مكعب، باستثمارات تناهز 15.6 مليار دولار مع نهاية مرحلة الوصول للإنتاج الكلي للمشروع.
خطط مستهدفة
لم تتوقف مصر عند تحقيق هذه الإنجازات فقط، بل تستهدف البناء عليها من أجل الوصول بإنتاج البترول والمتكثفات إلى أكثر من 700 ألف برميل يوميا مع نهاية 2020.
هذا بالتوازي مع زيادة حجم الإنتاج اليومي من الغاز الطبيعي إلى نحو 8 مليارات قدم مكعب يوميا.
كيف تدير مصر قطاع البترول؟
تدير مصر منظومتها النفطية من خلال مجموعة من الأذرع التي تندرج تحت مظلة وزارة البترول، في مقدمتها الهيئة العامة للبترول التي تكون منوطة بـ 3 مهام رئيسية، في مقدمتها أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج، من خلال تنظيم مناقصات ومزايدات استكشاف حقول النفط والغاز الطبيعي.
أما المهمة الثانية تتمثل في تنظيم أنشطة تكرير البترول وإنتاج البتروكيماويات، وأخيرا الإشراف على أنشطة النقل والتوزيع والتسويق للمنتجات البترولية، وذلك من أجل تحقيق هدف رئيسي، وهو تدبير احتياجات السوق من المواد البترولية، وتوليد عملة صعبة عبر تصدير الفائض للخارج.
أذرع تنفيذ المهام الثلاث
حتى تتمكن الهيئة من تنفيذ مهامها بنجاح، فإن هناك 3 شركات قابضة حكومية تتولى الإشراف والمشاركة في تنفيذ الخطط، وهي والشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، وشركة جنوب الوادي القابضة للبترول، والشركة القابضة للبتروكيماويات.
وتتبع هذه الشركات الـ3 عشرات الشركات المتخصصة في الإنتاج والتكرير والبتروكيماويات والتوزيع والتسويق، فضلا عن الدخول في شراكات مع القطاع الخاص في تأسيس نحو 41 شركة نفطية متعددة المهام.
الشركاء الأجانب
يتسم مجال الصناعة النفطية بارتفاع درجة المخاطرة والحاجة إلى رؤوس أموال ضخمة للاستكشاف والبحث والتنقيب، لذا تعمل مصر على تنظيم مناقصات ترسية حقوق الاستكشاف على شركات أجنبية عالمية يطلق عليها الشركاء الأجانب.
وعند اختيار الشركة الأجنبية المنفذة لأعمال الاستكشاف، يكون هناك تواجد إشرافي أو مشاركة لإحدى الشركات المصرية الحكومية من أجل تمثيل حصة الحكومة في الإنتاج ومتابعة الأعمال.
وينظم العلاقة بين الحكومة المصرية والشركاء الأجانب ما يعرف بعقود الامتيازات، وهي عقود توضح بنود الاتفاق وحقوق وواجبات كل طرف بدقة متناهية، في ظل حجم الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها القطاع والتي تقدر بمليارات الدولارات.
حقوق الشركاء والحكومة
تنص عقود الامتيازات على حزمة حقوق للشركاء مقابل استثماراتهم الضخمة، أبرزها حق الحيازة لمساحة محددة من الأرض سيجرى خلال البحث والاستكشاف.
كما يكون للشركة الأجنبية حق الحصول على جزء من النفط المستكشف وتصديره، مع إعطاء حق أولوية الشراء للحكومة المصرية.
وفي المقابل يكون للدولة الحق في حصة من الثروة النفطية المستكشفة، وذلك بحسب كل بنود اتفاق على حدة.
ومن أبرز مزايا اتفاقيات الشركاء الأجانب هو ضخ استثمارات بالعملة الأجنبية، ما يسمح بارتفاع رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد.
فعلى سبيل المثال، وقعت مصر خلال الأعوام الستة الماضية 84 اتفاقا مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز، باستثمارات حدها الأدنى 15 مليار دولار، ومنح توقيع بأكثر من مليار دولار لحفر 351 بئرا.
اتفاقيات جديدة
نظرا لنجاح العلاقة بين مصر والشركاء الأجانب، وافق مجلس الوزراء مؤخراً على 12 اتفاقية جديدة مع شركات أجنبية باستثمارات تتجاوز مليار دولار، و19 مليون دولار منح توقيع لحفر 21 بئرًا.
علما بأنه يجب أولا مجلس النواب على هذه الاتفاقيات، ثم استصدار قوانين من رئيس الجمهورية بالترخيص لوزير البترول بالتعاقد النهائي مع الشركات الفائزة.
دور جديد للقطاع الخاص
يعد القطاع الخاص المحلي والأجنبي شريكا رئيسيا للحكومة في تنفيذ مشروعات الاستكشاف وتكرير البترول وإنتاج البتروكيماويات وتوزيع الغاز والمنتجات البترولية.
واكتسب القطاع الخاص أدوارا جديدة بإصدار قانون تنظيم سوق الغاز، والذي يسمح للشركات الخاصة لأول مرة باستيراد الغاز من الخارج، بعد أن كان مقتصرا على الحكومة فقط.
وتأتي هذه الخطوة في ظل استراتيجية مصر لاستغلال موقعها الاستراتيجي للتحول إلى مركز إقليمي لتداول الغاز الطبيعي عبر استيراده وإعادة التصدير للأسواق الأوروبية.