اختراق علمي.. بكتيريا تنتج الكهرباء النظيفة من الهواء الجوي

رغم أنها كائنات دقيقة، لا تُرى بالعين المجردة، ويحتاج الإنسان لدراستها مجهر دقيق، إلا أنّ البكتيريا كائنات مذهلة، قدراتها تفرض نفسها، وربما تكون مصدرًا مهمًا للكهرباء في المستقبل.

كشفت مجموعة بحثية دولية عن قدرات نوع من البكتيريا على إنتاج الكهرباء النظيفة من الهواء الجوي. ما يُقلل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة، ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية «نيتشر» (Nature) في مارس/آذار 2023.

السر في الإنزيم

يقضي مرض السل على ملايين الأرواح من البشر، وهو مرض تُسببه بكتيريا «المتفطرة السلية» (Mycobacterium tuberculosis). وهي بكتيريا شرسة، ما يجعل العلماء حذرين عند التعامل معها، ولدراسة جدار خليتها بأمان، يذهب العلماء لدراسة نوع آخر شبيه بها، لكنه غير مسبب للأمراض وينمو بسرعة في المختبر، هذا النوع من البكتيريا اسمه العلمي (Mycobacterium smegmatis).

وقد لاحظ الباحثون منذ وقت طويل قدرة بكتيريا (Mycobacterium smegmatis) على البقاء على قيد الحياة في البيئات القاسية والفقيرة بالطاقة، مثل: القطب الجنوب أو أعماق المحيطات أو الحفر البركانية وغيرهم من البيئات القاسية، وتتأقلم مع ذلك عبر سحب الطاقة من الهيدروجين الموجود في الهواء. وذلك باستخدام إنزيم يُسمى (Huc). لكن، لم يفهم أحد كيف يمكن لذلك الإنزيم العمل.

• كنز ثمين في ألبانيا.. خزان هيدروجين عملاق يؤمن المستقبل الأخضر

كشف اللغز

ولاستكشاف الطريقة التي يعمل بها الإنزيم، عزل العلماء الإنزيم، ودرسوا التركيب الذري له باستخدام المجهر الإلكتروني فائق البرودة. واستطاعوا رسم خريطة للبنية الذرية للإنزيم والمسارات الكهربائية التي يستخدمها لحمل الإلكترونات؛ ليُشكل تيارًا.

وجد الباحثون أنّ في مركز الإنزيم هناك منطقة تُسمى «الموقع النشط»، ويشتمل ذلك الموقع على أيونات مشحونة من النيكل والحديد.

وفي نفس الوقت، تتكون جزيئات الهيدروجين من بروتونين وإلكترونين. وعند دخول جزيئات الهيدروجين إلى الموقع النشط، فإنها تُحاصر بين أيونات النيكل والحديد، وهناك تنفصل إلكتروناتها ثم يُرسل الإنزيم تلك الإلكترونات لتتدفق في تيار لتوليد الكهرباء.

يتميز إنزيم Huc؛ بإمكانية تخزينه لفترات طويلة، كما يمكنه تحمل الظروف المتطرفة، مثل العيش عند 80 درجة مئوية أو البقاء على قيد الحياة بعد التجميد، كما أنه يستهلك كميات ضئيلة من الهيدروجين الموجود في الهواء الجوي، وبذلك؛ فهو فرصة ذهبية لإنتاج طاقة نظيفة يمكن الاعتماد عليها في حياتنا.