الأعمال الصالحة سبب لجلب الأرزاق، والسعة في المال، وتيسير الأمور، والبصيرة في القلب، والفوز بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مما يهم كل مسلم، بل كل صائم هو الخروج من رمضان وقد غفر الله له ورحمه وأعتقه من النار.
النفوس بطبيعتها جُبلت على الكسل وعدم الجدِّ أو الرغبة في العمل، لذا كان لا بد من شيء يحركها للقيام بالأعمال الصالحة، ولذلك كان من أصول دعوة الرسل -عليهم الصلاة والسلام- التي بعثهم الله بها إلى الخَلق: تعريف الناس بما أعدَّ الله لهم من الخيرات -إن هم استجابوا لرسله- وإكرامهم بالأجور، وإثابتهم على كل ما يفعلونه من أعمال صالحة صغرت أو كبرت.
ثِق -أيها المسلم- أن أجرك ثابت، وأن فضل عملك محفوظ عند الله مهما كان العمل صغيراً فلا تحقرن من المعروف شيئاً، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}.
يكفي المسلم دافعاً على العمل الصالح أن يعلم أنه من أسباب فلاحه، قال تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والفلاح هو الفوز بكل مرغوب مطلوب والنجاة من كل مرهوب.
فحقيقة السعادة الأبدية والنعيم المقيم أن من قام بالأعمال الصالحة وواظب عليها: نال الحياة الطيبة، والعيش الهنيء، واطمأنت نفسه، وانشرح صدره، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
نعم، يجد المطيع لله في قلبه سكينة وطمأنينة لا توازيها أي لذة على هذه الأرض، هذا في الدنيا، وفي الآخرة {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: من أصناف الملذات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فكلما أحسن المسلم في العمل أحسن الله له في الثواب والأجر.
وبحسب قرب المرء من الله يكتب له من الثناء الحسن، والذكر الجميل، والمحبة في قلوب الخَلْق، والتودد إليه ما تقر به عينه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} أي: محبة ومودة في قلوب عباده.
إن الأعمال الصالحة سبب لجلب الأرزاق، والسَّعة في المال، وتيسير الأمور، والبصيرة في القلب، والعزة، والفوز بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنائه، ودعاء الملائكة ومدحهم، وبها يقوى تعظيم الله وتوقيره في قلب العبد
يقول أبوذر: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ: "أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ".
وبحسب ازدياد المسلم من الأعمال الصالحة؛ يزيد الله تعالى من ثوابه، ويُقدَّم على غيره بل يسبق الآخرين في دخول الجنة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كَانَ رَجُلَانِ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَرِأيتُ -أي في المنام- الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟». فتأمل كيف أن صيام رمضان لسنة واحدة جعل هذا الصحابي يسبق أخاه في دخول الجنة، فكيف إذا وُفِّق المسلم لصيام رمضان عدة سنوات.
إن القيام بالأعمال الصالحة علامة على إرادة الله الخير بعبده، يقول: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ"، "قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ: "يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ".
إن الأعمال الصالحة سبب لجلب الأرزاق، والسَّعة في المال، وتيسير الأمور، والبصيرة في القلب، والعزة، والفوز بدعوة رسول الله وثنائه، ودعاء الملائكة ومدحهم، وبها يقوى تعظيم الله وتوقيره في قلب العبد.. إلى غير ذلك من الآثار الحميدة والفضائل الجليلة.
ختاماً: فإن العمل الصالح هو الصاحب الباقي الذي لا يفارق الإنسان في حياته وبعد مماته، قال: "يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ».
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "ومعنى بقاء عمله أنه يدخل معه القبر".
وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح والتوفيق لاغتنام هذا الشهر بما يرضيه تعالى والحمد لله رب العالمين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة