الفلسفة في كرة القدم.. كيف تفاوت جنون جوارديولا؟
يشتهر بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي بـ"الفيلسوف"، منذ بدء مسيرته في "كامب نو" ليبهر العالم بنتائج لم تتكرر في برشلونة منذ رحيله.
يعتمد الإسباني جوارديولا في فلسفته على تجارب سابقة لعدة مدربين، أبرزهم الهولندي يوهان كرويف الذي يُعد من علامات برشلونة، بيد أن البعض يظن أن بيب تفوق على أستاذه بفترته المُذهلة مع البلوجرانا وتتويجه بكل البطولات التي نافس عليها.
التمسك بالأفكار
في بداية عهد جوارديولا مع مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي، لم يكن يمتلك "الفيلسوف الكتالوني" الأدوات اللازمة لتطبيق طريقة اللعب، فالحارس الإنجليزي جو هارت لم يكن يُجيد التمرير بالقدم كلاعبي الوسط وصناع اللعب.
جوارديولا قرر الاستغناء عن هارت والتعاقد مع كلاوديو برافو من برشلونة، ليساهم في بناء الهجمات، قبل أن يستبدله بالبرازيلي إيدرسون القادم من بنفيكا البرتغالي.
واجه بيب انتقادات كبيرة في موسمه الأول بعد تردي النتائج ووجود أزمات دفاعية واضحة في فريقه، لكنه أكد مراراً وتكراراً في المؤتمرات الصحفية أنه لن يغير طريقته.
وحتى عندما خسر (4-0) من إيفرتون و(4-2) من ليستر سيتي، خرج بعد المباريات ليؤكد أنه لن يتراجع عن طريقة اللعب، والتي تتمثل في الاستحواذ والانتشار الهجومي على أطراف الملعب، واللعب بأكثر من صانع لعب في الوسط للاختراق من العمق.
لكن الموسم الأول، الذي لم يحقق خلاله جوارديولا أي شيء مع السيتي، كان علامة بارزة في تغيير حدث لأول مرة في فلسفة المدرب الكتالوني.
بداية التراجع
في الموسم التالي 2017-2018 توج جوارديولا ببطولة الدوري المحلي باكتساح، وحصد 100 نقطة في سابقة هي الأولى في تاريخ البريميرليج، لكن خلال مباريات الموسم ذاته حدثت تغييرات كبيرة.
بيب لم يظهر بنفس المجازفة الهجومية في موسمه الأول هناك، صحيح أن فلسفته الهجومية ظلت مستمرة في كل المباريات، لكنه أظهر بعض التوجهات الدفاعية للحد من اندفاع أندية البريميرليج خاصة في المباريات التي يلعبها فريقه خارج ملعبه.
هذا التغيير أسهم في انتهاء النتائج السلبية بالهزائم الكبيرة، حيث خسر الفريق مرتين فقط في نفس الموسم من ليفربول ومانشستر يونايتد بفارق هدف واحد فقط في كل منهما.
في المواسم التالية، استمر تطور أداء جوارديولا الدفاعي، حتى قام في بعض المباريات وأشهرها ضد ليفربول في أنفيلد في موسم 2018-2019، التي انتهت بالتعادل بدون أهداف، بمباغتة نظيره يورجن كلوب بالتأمين الدفاعي وعدم الاندفاع هجومياً، لمواجهة الثلاثي الناري؛ محمد صلاح وساديو ماني وروبيرتو فيرمينو.
جوارديولا تجنب الخسارة في أنفيلد لأول مرة منذ وصوله إلى السيتي، وفي الدور الثاني لعب بطريقة مشابهة ونجح في الفوز 2-1 في لقاء ساهم كثيراً في التتويج باللقب.
لعنة
لكن يبدو أن لعنة ما حلت بجوارديولا بعد أن تخلى عن أسلوبه الذي اشتهر به في برشلونة، وبات يتراجع للدفاع في كثير من المباريات، حتى عندما يواجه خصما من منتصف جدول الدوري الإنجليزي، يعود للخلف وقت أن يريد الحفاظ على التقدم في النتيجة، حتى بات مألوفاً رؤيته يشرك مدافع أو أكثر في آخر الدقائق على حساب مهاجم أو لاعب وسط هجومي.
ذلك التغيير الذي جلب كل البطولات المحلية في إنجلترا في موسم 2018-2019 وحقق لقبي دوري للسيتي، كان له نتائج سلبية بعد ذلك، حيث بات "السماوي" يُعاني هجومياً في الموسم الحالي.
وعلى مدار 5 مباريات متتالية بالدوري الإنجليزي، لم يستطع مانشستر سيتي تسجيل أكثر من هدف واحد في كل لقاء، وهو الأمر الذي يتنافى تماماً مع فلسفة جوارديولا في الوصول إلى مرمى المنافس كهدف أول يأتي قبل الدفاع.
وبعد عدة صفقات لتدعيم الدفاع، فوجئ جوارديولا بأنه ليس لديه هجوم كافٍ في الموسم الحالي، خاصة بعد إصابة سيرجيو أجويرو وجابريل جيسوس، ورحيل ليروى ساني.
تعاقد بيب مع فيران توريس الذي يلعب كجناح، ووظفه كمهاجم كحل لعدم وجود مهاجم صريح متاح في الفريق، واعتمد على ديلاب من فريق الشباب، لكن في النهاية لم يكن ذلك كافياً لتنفيذ أفكاره في الخطوط الأمامية.
تقلصت الخيارات الهجومية لجوارديولا بوجود رياض محرز ورحيم سترلينج فقط كأجنحة هجومية مع توريس الوافد حديثاً، مع الاعتماد أحياناً على فيل فودين وبيرناردو سيلفا في مركز الجناح الأيمن.
وفي الوقت الذي بدأ جوارديولا ينال خلاله بعض من الإشادة حول تحفظه الدفاعي، ظهرت عيوب هجومية كبيرة تحتاج إلى أفكار أكثر، وربما جاءت فترة التوقف الدولي الحالي لتمنح مزيداً من الوقت لفيلسوف كتالونيا ليجد حلاً للعملاق السماوي.
aXA6IDMuMTQyLjU0LjEzNiA= جزيرة ام اند امز