الوجه الطيب للغضب.. هكذا تعيد الأعاصير توزيع الحرارة في المحيطات
للأعاصير وجه آخر نافع لكوكبنا؛ إذ اتضح أنها تساعد في حبس الحرارة في أعماق المحيطات.
تلعب المحيطات دورًا حيويًا في امتصاص الحرارة وتخزينها، ما يقلل من وطأة التغيرات المناخية، وتنتقل الحرارة بدورها إلى الأعماق، لكن إذا ظلت بالقرب من السطح، يمكن للحرارة الانبعاث مرة أخرى إلى الغلاف الجوي، ما يؤثر على المناخ المحلي، أو تبقى في الأعماق، ما يؤثر على حرارة أعماق المحيطات، وهنا تظهر الأعاصير في المشهد؛ إذ كشفت دراسة حديثة أنّ الأعاصير تتسبب في دفع الحرارة إلى أعماق المحيطات، ما يزيد حرارة الأعماق على المدى البعيد. وتبطء عملية ارتفاع حرارة الغلاف الجوي.
لكن ما هو الإعصار المائي؟
حسنًا، عادةً ما تأتي الصورة المخروطية لموجات الهواء المحملة بالأتربة، التي تدور حول نفسها -بصورة مرعبة- وكأنها أسطوانة، هذا هو الإعصار الأرضي، لكن هناك نوع آخر، وهو الإعصار المائي، وهو يشبه الأرضي، لكنه يحصل فوق سطح الماء، وقد ينتقل من الأرض إلى الماء، وغالبًا ما يكون مصحوبًا برياح وبرق ورعد.
تسليم الحرارة
لنفترض أنّ لدينا محيط درجات الحرارة عند سطحه 27 درجة مئوية، ويحتفظ بهذه الحرارة حتى عُمق معين، وليكن 50 مترًا تحت السطح، بعد هذا العُمق تظهر طبقة المياه الباردة، وبذلك لدينا طبقة المياه الدافئة، وتحتها مباشرة طبقة المياه الباردة، اتضح أنّ هذه الطبقات لا تؤثر على بعضها، رغم اختلافها في الحرارة، لكن عند مرور إعصار قوي فوق المحيط، تعمل رياحه القوية على تحريك تلك الطبقات؛ فتمتزج المياه الباردة مع الدافئة، وتبرد مياه السطح.
تدفع الأعاصير الحرارة من فوق سطح المحيط إلى أعماق كبيرة، حيث توجد تيارات المحيط، التي تحمل الحرارة إلى أعماق أكبر، وتحبسها هناك، وهذا يمنع تلك الحرارة من الاقتراب من السطح، ما يسمح للمحيط بامتصاص الحرارة بكفاءة أكبر من المعتاد في الأيام التالية للإعصار، وتُحبس الحرارة في أعماق المحيط لعقود، وهذا ما وجده الباحثون الذين راحوا يحللون قياسات المحيطات قبل وبعد 3 أعاصير، وخلصوا إلى أنّ تيارات المحيط، تنقل الحرارة بعيدًا في الأعماق. ونُشرت نتائج الدراسة في دورية «بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس» (Proceedings of the National Academy of Sciences) في 3 مايو / أيار 2023.
إلى السطح مرة أخرى
لكن يرى الباحثون أنه إذا حصل اختلاط مرة أخرى، وارتفعت الحرارة إلى السطح، ومنه إلى الغلاف الجوي؛ فهذا قد يؤثر بشكل ما على المناخ المحلي، وينتقل هذا التأثير السلبي بالتتابع إلى الأنظمة البيئة المختلفة، وما فيها من كائنات حية. مثال على ذلك الشعاب المرجانية؛ إذ اتضح أنّ وجودها في أنظمة بيئية مُجهدة بالحرارة المرتفعة، يتسبب في تبييضها، ما يجعلها عرضة للانقراض.
من ذلك، يتضح أنّ الأعاصير على الرغم من أنها ظاهرة مدمرة، ولا يحب البشر السماع عنها، إلا أنها تلعب دورًا حيويًا في إبطاء وتيرة التغيرات المناخية، وحبس الحرارة بعيدًا في أعماق المحيطات.