بعد أطول مهمة فضائية عربية.. كيف يستعد سلطان النيادي للعودة للأرض؟
بعد بقائه 6 أشهر في الفضاء، يعود رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي إلى الأرض 3 سبتمبر/أيلول المقبل، مختتما أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب.
مهمة تاريخية، شارك خلالها سلطان النيادي في أكثر من 200 تجربة علمية ستصب نتائجها في صالح البشرية جمعاء.
كما حقق عبرها إنجازات وانفرادات تاريخية لبلاده وللعرب، لتشكل رحلته مصدر إلهام لتحفيز وتشجيع العرب على تحقيق نقلة نوعية في اهتماماتهم وإطلاق العنان لطموحاتهم للتفوق في مجالات ظلت لعقود حكرا على الدول المتقدمة.
وكما احتاجت رحلته للفضاء إلى إعداد وتأهيل جسدي ونفسي وصحي مسبق، فإن رحلة العودة تحتاج أيضا لتأهيل وإعداد خاص، نظرا لتأثير البقاء في الفضاء فترة طويلة في بيئة الجاذبية الصغرى على جسم الإنسان.
إعداد طبي
الدكتورة حنان السويدي طبيبة رواد الفضاء قدمت لمحة طبية حول المتابعة الطبية لسلطان النيادي قبل عودته، خلال مقطع فيديو بثه مركز محمد بن راشد للفضاء في حسابه بموقع "إكس" (تويتر سابقا).
تقول السويدي: "قبل الرجوع يكون هناك برنامج مختلف، من الأمور الأساسية به ممارسة التمارين الرياضية ساعتين يوميا، للحفاظ على العظام والعضلات، لكي يسهل عليه عند الرجوع برامج إعادة التأهيل والرجوع لطبيعته".
وتابعت :"يكون هناك أيضا تغييرات في الأوزان ما قبل الرجوع، ويتم المتابعة أسبوعيا".
وأضافت "عند الهبوط للأرض، يستقبلهم الطاقم الطبي في أول ساعة عند الرجوع للاطمئنان على صحتهم ويكون معهم لمتابعة حالتهم، إلى الاطمئنان عليهم حتى يعودوا لحركتهم الطبيعية".
وتتولى الدكتورة حنان السويدي متابعة الحالة الصحية لسلطان النيادي قبل وبعد المهمة، وخلال وجوده على متن محطة الفضاء الدولية. كما كانت الدكتورة حنان هي الطبيبة المتابعة لرائد الفضاء هزاع المنصوري خلال مهمته إلى محطة الفضاء الدولية عام 2019.
وسيخضع "النيادي" ورفاقه لفحوص طبية فور هبوطهم على سطح الأرض، للتأكد من صحتهم وكفاءة أجهزتهم العضوية، وسترافق "النيادي" الطبيبة حنان السويدي، لإجراء الاختبارات الطبية عليه بخصوص مقارنة النتائج للتجارب التي أجراها على نفسه في بيئة الجاذبية، والتي قد تمتد إلى شهر.
وسيواصل رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري متابعة جدول مهام زميله "النيادي" من خلال وجوده داخل محطة المراقبة الأرضية في مركز جونسون الفضائي في أمريكا، بالإضافة إلى متابعة تفاصيل مهمة الرواد حتى عودتهم سالمين إلى الأرض، ويعمل على تسهيل نقل المعلومات بين المحطة الدولية ومركز التحكم.
الرياضة في الفضاء
وسبق أن قام رائد الفضاء سلطان النيادي بشرح التغيرات الجسدية التي يمكن أن تؤثر على الإنسان في الفضاء، وعند العودة، وذلك خلال إجابته على سؤال من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال النيادي: "في الفضاء لا نمشي بأقدامنا نستخدم أيدينا للتنقل من مكان لآخر ولا نستخدم عضلات أجسامنا، الأمر الذي يؤدي إلى هشاشة العظام وضمور العضلات وفقدان الكتلة البدنية، ومن هنا تكمن أهمية ممارسة الرياضة في الفضاء يوميا".
وتابع :"الحفاظ على لياقتنا البدنية بالفضاء مهمة غير سهلة.. لذلك كل يوم نتمرن لمدة ساعتين ونصف على أجهزة مصممة بشكل يحاكي قوة الجاذبية على الأرض".
وأكد النيادي مرارا على أهمية ممارسة الرياضة في الفضاء.
وسبق أن نشر صورة له خلال ممارسة الرياضة، وغرد قائلاً: "على الأرض الرياضة مهمة.. أما في الفضاء فلا غنى عنها.. نمارس الرياضة على متن محطة الفضاء الدولية لنحو ساعتين ونصف يوميًّا لتفادي ضمور العضلات وضعف العظام في بيئة الجاذبية الصغرى".
إنجازات تاريخية
وأعلن مركز محمد بن راشد للفضاء، الثلاثاء، عن عودة رائد الفضاء سلطان النيادي من على متن محطة الفضاء الدولية يوم 3 سبتمبر/أيلول المقبل.
وسيغادر النيادي محطة الفضاء الدولية رفقة كل من رائدي فضاء "ناسا" ستيفن بوين ووارين هوبيرغ، ورائد الفضاء الروسي أندري فيديايف، على متن المركبة الفضائية دراغون يوم 2 سبتمبر/أيلول، على أن يهبط الفريق، مرتديًا بدلات الضغط الخاصة بهم، بالقرب من ساحل تامبا بولاية فلوريدا في خليج المكسيك يوم 3 سبتمبر/أيلول.
وكان النيادي قد وصل في الثالث من مارس/آذار الماضي رفقة فريق مهمة crew-6 إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة "سبيس إكس دراغون إنديفور"، لخوض أطول مهمة في تاريخ العرب تمتد لـ6 أشهر.
وتعد المهمة، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، إلى محطة الفضاء الدولية هي أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب في التاريخ.
وخلال هذه المهمة، شارك سلطان النيادي في أكثر من 200 تجربة علمية بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية، وجامعات إماراتية، وتنوعت هذه التجارب بين مجالات مختلفة، مثل زراعة النباتات، والعلوم الإنسانية، وتقنيات استكشاف الفضاء، وسلوكيات السوائل، وعلم المواد، وإنتاج البلورات، وغيرها من التجارب العلمية المميزة، التي ستفيد المجتمع العلمي العالمي، والباحثين، والطلاب داخل دولة الإمارات وحول العالم.
ونجح النيادي خلال المهمة في تحقيق عدد من الإنجازات المهمة، كان أبرزها خوضه أول مهمة سير في الفضاء بتاريخ العرب، والتي نجح في إنجازها رفقة رائد الفضاء ستيفن بوين.
وأجرى النيادي خلال المهمة عدداً من التجارب العلمية الرائدة التي استغرقت نحو 585 ساعة ومن أبرزها تجربة إنتاج بلورات البروتينات الخاصة بالأجسام المضادة PCG2 التي تساعد على تحليل إنتاج البلورات الخاصة بالأدوية في بيئة الجاذبية الصغرى، والاشتراك في أنشطة البحث البشري المدرجة على جدول الطاقم، والتي تضمنت عمليات الفحص بالموجات فوق الصوتية، وفحوصات الرؤية، واختبارات السمع، فضلاً عن الكثير من التجارب العلمية الناجحة الأخرى.
إلى جانب مهامه العلمية على متن محطة الفضاء الدولية، شملت مهمة سلطان جانبًا مجتمعيًا أيضًا، تبلور في سلسلة "لقاء من الفضاء"، والتي جذبت أكثر من 10 آلاف شخص ما بين طلاب ومحبين للفضاء من جميع أنحاء الإمارات، وتنوعت هذه السلسلة ما بين اتصالات مرئية واتصالات لاسلكية.
ويعد برنامج الإمارات لرواد الفضاء، الذي تتم إدارته من قِبل مركز محمد بن راشد للفضاء، أحد المشروعات التي يمولها صندوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التابع لهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، الذي يهدف إلى دعم البحث والتطوير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.