قوة القيادة ووعيها وإنجازاتها تحولها لرمزٍ تاريخي يعبر عن مرحلة استثنائية من النجاح والإنجاز لدولها وشعوبها، وملهمٍ وأملٍ للشعوب الأخرى، هكذا هو الأمر بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
أعتقد أن إجراء لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعد مهمة صعبة بالنسبة لأي مذيع، لأنه يجب عليه أن يكون مُلمّاً بالمستجدات، ومستوعباً لمختلف الملفات السياسية والفكرية، والاقتصادية، والاجتماعية نظراً لما يتمتع به الأمير محمد من اطلاع واسع وكاريزما القائد الملهم، المستوعب للمستقبل قبل أي حاضر، والمتكئ على ماضٍ متجذر في التاريخ والقوة والسيادة.
بشكل غير مسبوقٍ وبوضوح حجة وقوة منطقٍ، وفي لقائه فجر أمس الخميس مع كبير المُذيعين السياسيين في محطة "فوكس نيوز" الأمريكية، بريت باير، من مدينة "نيوم"، وضع الأمير محمد بن سلمان النقاط على الحروف بكلام يمكن وصفه بالتاريخي والاستثنائي، لا للسعودية فحسب، بل للعالمين العربي والإسلامي والعالم أجمع.
كان لافتاً حديث الأمير عن ملف تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الذي تتداوله وسائل الإعلام العالمية بشكل مكثف مؤخراً.
ما كان مفاجئاً لكل المهتمين بهذا الملف المعقّد هو حديث الأمير محمد بن سلمان عن تقدّم ملحوظ في مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي ولكن ما لم يكن مستغرباً هو تمسّك الأمير محمد بن سلمان بضرورة حلّ القضية الفلسطينية، عادّاً ذلك أساسياً في أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، ورأى أنه "في حال نجحت إدارة بايدن في أن تعقد اتفاقاً بين السعودية وإسرائيل، فسيكون ذلك أضخم اتفاق مُنذ انتهاء الحرب الباردة".
القيادة السعودية تؤمن بأن كل التسويات والمصالحات والاتفاقيات التي جرت في المنطقة مؤخراً تجري في سياق متصل ببعضه وإسرائيل كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط ليست استثناء، وتدرك أن الواقعية والعقلانية ولغة المصالح المشتركة أقوى من الشعارات والمزايدات، وهي تنتصر دائماً.
فبعد الاتفاق مع إيران ثبت أنه بتضافر الرؤى وتضخيم المصالح المشتركة والطموحات التنموية يمكن إنجاز الكثير لكل الأطراف، وأن الصراع ليس هو السبيل الوحيد للتعامل مع الحاضر وبناء المستقبل.
وشدّد الأمير محمد بن سلمان في حديثه المتلفز على أن التنمية والتطوير والازدهار في المنطقة لا يمكن أن تقوم من دون سلام واستقرار وأن أكبر مهدّد للسلام في المنطقة والعالم هو سباق التسلّح النووي، وفي الوقت ذاته يذكّر الأمير محمد بن سلمان بأن السعودية لن تقف متفرجةً في حال امتلكت إيران السلاح النووي حين قال: "توازن القوى في المنطقة يتطلب حصولنا على سلاح نووي متى حصلت عليه إيران".
وعن العلاقة مع الولايات المتحدة، قال الأمير محمد بن سلمان: "بيننا وبين واشنطن روابط أمنية مهمة. لدينا علاقة مميزة مع الرئيس جو بايدن، والسعودية تريد أن تأتي الشركات الأمريكية والأجنبية للاستثمار في بيئة آمنة بالشرق الأوسط".
العلاقات بين الرياض وواشنطن مرّت بلحظات صعود وهبوط طوال تاريخها ولكن أصل هذه العلاقة هو التحالف، والتحالف لا يمنع الاختلاف.
الأمير محمد بن سلمان يرى أن أمن السعودية ودول الخليج العربي يجب ألا يكون رهناً لرغبات إدارة ما أو تكتيكاً سياسياً يتغير بتغير الوقت والظروف، بل يجب أن يكون استراتيجية ثابتة ضمن اتفاقيات موقعة تشكل ضمانات فعلية في المستقبل. وذلك ما يعمل عليه الأمير محمد بن سلمان مع إدارة الرئيس بايدن حالياً وقد ذكر ذلك في لقائه الأخير أن "الاتفاقيات المُرتقبة مع الولايات المُتحدة مُفيدة للبلدين ولأمن المنطقة والعالم".
أخيراً، يلفت انتباهي الشخصي في كل مرة أشاهد فيها لقاءات عرّاب الرؤية، كما يحب أن يسميه السعوديون؛ فهمه العميق للملفات الشائكة المتخصصة، كما أن الأمير محمد بن سلمان لا يعرف الغموض، بل على العكس تماماً فهو يعتمد وبشكل منهجي ومكثف وثابت على الوضوح والشفافية، ورؤيته "السعودية 2030"، وكل برامجها المساندة لها في كل مناحي الدولة والحياة، معلنة ومنشورة بكل التفاصيل، وهذه الرؤية قائمة بقضها وقضيضها على نهضة سعودية غير مسبوقة تنموياً واقتصادياً وعلمياً وسياسياً، وهي لتنجح في ذلك عازمة على النهوض بالمنطقة كلها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة