كورونا يغير الخريطة.. من هو الحصان الأسود في أسواق الطاقة العالمية؟
العالم قبل جائحة كورونا يختلف تماما عما بعدها، مقولة تثبتها المتغيرات الكبيرة حولنا، وهو ما ينطبق على أسواق الطاقة أيضا.
في أبريل/نيسان 2020 هبط سعر عقود برميل خام غرب تكساس إلى ما دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ مسجلا سالب 37.63 دولار، كما هبط مزيج خام برنت إلى 17 دولار للبرميل، كأقل مستوى له منذ عقدين من الزمان.
أثارت المخاوف من تداعيات الجائحة على الاقتصاد العالمي وسط توقف حركة الطيران وشلل الاقتصاد العالمي لعدة أشهر، فزع المستثمرين من طول أمد الركود، ولكن أسعار النفط عاودت الارتفاع الحذر مجددا.
ومع ذلك تظل بصمات الجائحة ظاهرة على أسواق الطاقة العالمية، في هيئة اتفاقيات وتحالفات لخفض إنتاج النفط، وتقليص استثمارات الشركات الكبرى، مع إعطاء دفعة قوية لمصادر الطاقة المتجددة، لاسيما الشمسية.
اتفاق اوبك +ينقذ الموقف مؤقتا
بعد الهبوط التاريخي لأسعار النفط، توجت جهود مفاوضات مجموعة أوبك بلس التي تشمل أعضاء أوبك وروسيا بالاتفاق على خفض الإنتاج لإعادة التوازن للسوق.
وبمقتضى الاتفاق، خفض التحالف الإنتاج بواقع 10 ملايين برميل يوميا ولمدة شهرين، حتى 30 يونيو/حزيران 2020.
ويبلغ حجم التخفيض المقرر حتى نهاية 2020 نحو 8 ملايين برميل يوميا، ويتبع ذلك تخفيض 6 ملايين برميل يوميا لمدة 16 شهرا حتى 30 أبريل/ نيسان 2022.
هذا التخفيض يسهم حتى الآن في تداول برميل خام برنت قرب مستوى 40 دولار، مع القدرة على استيعاب فائض الإمدادات بفضل استمرار الطلب في مسار التعافي.
وتتوقع أوبك أن يتعافى الطلب العالمي على النفط بمقدار سبعة ملايين برميل يوميا في 2021 بعد هبوط بواقع 9 ملايين برميل يوميا هذا العام.
ومع ذلك تشكل المخاوف من موجة ثانية من فيروس كورونا هاجسا قد تؤدي إلى هبوط الطلب مجددا.
30 مليار دولار استثمارات مقطوعة
أسفرت الجائحة عن تقليص العديد من عمالقة إنتاج النفط عالميا خطط الاستثمارات الجديدة، ويبلغ إجمالي الاستثمارات التي سيتم تجميدها بحو 30 مليار دولار بنهاية 2020، بحسب تقديرات شركة Rystad Energy الاستشارية.
وأشارت الشركة التي تتخذ من العاصمة النرويجية أوسلو مقرا لها إلى أن انخفاض أسعار النفط يؤدي بالضرورة إلى تقليص شركات النفط والغاز ميزانياتها الاستثمارية المرنة، خاصة مشغلي النفط الصخري في الولايات المتحدة وكذلك بعض شركات التنقيب والإنتاج البحرية.
وفي امثلة على ذلك، أعلنت شركة بريتيش بتروليوم في أغسطس/ آب الماضي عن خطط تقليص إنتاجها من النفط والغاز بنسبة 40٪ خلال العقد المقبل.
كما كشفت شركة شل في 30 سبتمبر/ أيلول عن خطط مفصلة لإلغاء ما يصل إلى 9000 وظيفة بحلول نهاية عام 2022.
هذا وأكدت شركة إكسون موبيل أنها سوف تخفض خطتها الاستثمارية للعام الحالي، والتي تقدر بحوالي 33 مليار دولار.
الطاقة المتجددة الحصان الأسود
من ضمن أبرز تأثيرات أزمة كورونا على أسواق الطاقة هو حفاظ مصادر الطاقة المتجددة على فرص نمو أفضل مقارنة بنظيرتها التقليدية، مع توجهات خفض انبعاثات الكربون.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي أن تشكل الطاقة المتجددة 80% من النمو في توليد الكهرباء على مستوى العالم في ظل الظروف الحالية.
وبحسب التقرير فإن إنتاج الطاقة الشمسية سيقود زيادة إمدادات الكهرباء من المصادر المتجددة في العقد المقبل.
ورشحت الوكالة أن يصل إجمالي حصة الطاقة الشمسية التي تعمل بالخلايا الكهروضوئية وطاقة الرياح في توليد الكهرباء عالميا إلى قرابة 30% بحلول 2030، مقارنة بنحو 8% في 2019.
ووفقا للمنظمة الدولية فإنه من المرجح أن تتجاوز مصادر الطاقة المتجددة الفحم، باعتبارها الوسيلة الأساسية لإنتاج الكهرباء بحلول 2025.