"تسلا" حلم بسرعة الصاروخ.. كيف أصبح واقعا؟
ركلت أكبر شركة سيارات كهربائية في العالم "تسلا"، ضربة البداية في حلم إنتاج أول سيارة متكاملة في 2012.. فكيف تطور الإنتاج خلال 9 سنوات؟
تأسست تسلا عام 2003 من خلال مجموعة من المهندسين، الذين سيطر عليهم حلم إثبات فعالية السيارات العاملة بالكهرباء أكثر من الأخرى العاملة بالبنزين.
وتم إطلاق أول سيارتها في 2008 وهي تسلاد ردودستر، ثم بعد 4 سنوات صنعت أول سيارة سيدان كهربائية بالكامل بالعالم، لتكون ركلة البداية الحقيقية للشركة.
شهد عام 2012 إنتاج الشركة 2600 سيارة كهربائية اعتمدت عليها في البداية لإقناع العالم بأن هناك مستقبلا جديدا لسيارات تعتمد على الطاقة النظيفة، ويمكن أن تكون بديل للسيارات التقليدية.
وفي العام التالي تضاعف الإنتاج أكثر من 8 مرات ليصل إلى 22400 سيارة، ما يعكس وجود طلب متناميا على سيارات الشركة الأمريكية، بحسب بيانات مؤسسة الإحصاءات العالمية "Statista”".
وارتفع إنتاج تسلا خلال عام 2014 إلى 32 ألف سيارة، ثم وصل إلى 50 ألف سيارة في 2015، قبل أن يسجل 76200 سيارة كهربائية خلال 2016.
محطة جديدة
ووصل مستقبل تسلا إلى محطة جديدة تماما عام 2017 حين نجحت في تكليل جهود 3 سنوات بإنتاج أول طراز من خط التجميع 3 أو المعروفة بالطراز 3، بتكلفة معقولة نسبيا وهي 35 ألف دولار.
هذه الخطوة ساعدت الشركة على للوصول لهدفها الأساسي وهو تسريع ظهور النقل المستدام من خلال طرح سيارات كهربائية مقنعة للسوق.
وبالفعل شهد هذا العام تخطي إنتاج تسلا لأول مرة حاجز الـ 100 ألف سيارة، إذ بلغ 103100 سيارة.
وفي العام التالي 2018 قفز حجم الإنتاج إلى 245200 سيارة، ليقترب من إنتاج السنوات الستة السابقة عليه والبالغ 286300 سيارة.
ووصل إنتاج تسلا خلال 2019 إلى مستوى 367500 سيارة، ما يعكس حجم الطلب المتنامي على السيارات التي تعمل بالبطارية.
وعلى الرغم من ارتفاع الإنتاج إلى 499550 سيارة كهربائية في 2020، إلا أنه أقل من المستهدف البالغ 500 ألف سيارة، بمقدار 450 سيارة فقط.
ولا تزال ثقة السوق بعيدة عن مبيعات المجموعة، لكونها أدنى بكثير من مبيعات عمالقة القطاع من أمثال "فولكسفاجن" مع 11 مليون سيارة مباعة في 2019.
ولكن اللافت للانتباه، هو تسليم شركة تصنيع السيارات الكهربائية خلال الربع الأخير من 2020 عدد 180570 سيارة، وهو أكبر إنتاج فصلي في تاريخ الشركة.
ويقول المحلل في موقع "إيسي كارز" المتخصص كارل براور إن "النجاح في زيادة المبيعات بنسبة 36% في 2020 أمر لافت في ظل الانحسار في أرقام كل شركات تصنيع السيارات" بسبب الجائحة.
وقد كان الأثر على السوق هائلا إذ ارتفع سهم تسلا بنسبة 743 % في اثني عشر شهرا وباتت قيمة المجموعة تقرب من 700 مليار دولار في وول ستريت، أي بفارق أقل من 70 مليارا عن قيمة "فيسبوك". وانضمت تسلا في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى مؤشر "أس أند بي" المرموق بعدما نجحت في تحقيق أرباح مالية لخمسة أرباع متتالية.
مع ذلك، تتراكم المؤشرات الإيجابية للمجموعة التي يقودها إيلون ماسك.
الطرازات الأعلى طلبا
ووفق سي إن بي سي، قالت شركة تسلا أن الطلب على سياراتها خلال الربع الأخير، من الطراز 3 والطراز Y الأكثر تكلفة كان أعلى مقابل تراجع الطلب على الطرازين S و X.
وبناء عليه قررت الشركة وقف إنتاج الطراز S وX خلال الفترة من 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وحتى 11 يناير/ كانون الثاني الجاري.
حلم طرح سيارة بتكلفة 25 ألف دولار
يراود تسلا إنتاج سيارة بتكلفة أقل لتحفيز مزيد من الطلب على إنتاجها، حيث تعهدت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 بطرح سيارة كهربائية في الأسواق بسعر لا يتعدى 25 ألف دولار في خلال 3 سنوات.
ويعتمد الوصول إلى هذا التكلفة على تنفيذ سلسلة تحسينات تقنية.
توسعات للشركة
بدأت شركة تسلا الأمريكية للسيارات الكهربائية الفارهة، بيع سيارة رياضية متعددة الاستخدامات من طراز واي المصنعة في الصين خلال يناير/ كانون الثاني الحالي.
والتصنيع في الصين يأتي ضمن مغامرات الملياردير إيلون ماسك رئيس تسلا الذي يسعى لتوسيع مبيعات سيارته في أضخم الأسواق الاستهلاكية عالميا.
وقالت الشركة الأمريكية إنها ستبدأ تسليم السيارة إلى العملاء في الصين هذا الشهر.
والصين مهمة للاستراتيجية العالمية لتسلا. وتقدم بكين دعما سخيا للسيارات الكهربائية في ظل سعيها لخفض التلوث من السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل.
والسوق الصينية هي أيضا أكبر سوق للسيارات في العالم.
وتوسع تسلا مصنعها للسيارات في شنغهاي، حيث تصنع الطراز 3 من السيارات فئة السيدان. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، بدأت تصدير السيارات من طراز 3 إلى أوروبا.
وبفضل مصنعها الجديد في شنغهاي، باتت تسلا حاضرة بقوة في الصين التي قد تستحوذ على 49 % من سوق السيارات الكهربائية في 2030 وفق تقديرات شركة "ديلويت".
تأتي هذه الخطوة، بعد سماح السلطات الألمانية للشركة الأمريكية في ديسمبر/ كانون الأول 2020 بمواصلة أعمال البناء في مصنعها بمنطقة جرونهايده القريبة من العاصمة برلين.
وصرحت وزارة البيئة لوكالة الأنباء الألمانية بأن ولاية براندنبورج اتفقت مع تسلا على تمديد المهلة المتاحة لدفع مبلغ التأمين الخاص بتكاليف التفكيك المحتملة والبالغة قيمته 100 مليون يورو حتى الخامس عشر من يناير/كانون الثاني الحالي.
وفي الوقت عينه، لا تزال المجموعة تعمل "بطريقة شبيهة بعمل الشركات الناشئة"، وفق المحلل في شركة "سي إف أر أيه" جاريت نلسون الذي يشير إلى عدم اضطرار المجموعة إلى التعامل مع نقابات كما أن دائرة القرار فيها بسيطة ما يكسبها وقتا ويسرّع عجلة إنتاجها.
ويوضح براور "نظرا إلى نجاح الشركة، لا سبب يحول دون مواصلة إيلون ماسك إدارة شركته بالطريقة التي يريد واستمرار مواجهته القوى الخارجية".
فبعد معركة شرسة مع سلطات كاليفورنيا التي أرغمت تسلا على إغلاق مصنعها خلال الربيع، نجح ماسك على سبيل المثال في انتزاع اعتراف بتصنيف موظفيه ضمن فئة العاملين الأساسيين.
وتحتل تسلا موقعا جيدا في أجزاء رئيسية عدة من سوق السيارات.
فمع مشاريع قيد التطوير بينها مركبات بيك أب ومقطورات جرارة، ترسخ المجموعة حضورها في سوق مركبات النقل الكهربائية.
وعود وتحديات
تحقق تسلا تقدما أيضا في تصنيع السيارات الذاتية القيادة، غير أن نظامها الجديد المقدم في الخريف لهذه المركبات "يظهر بعض العيوب بينها صعوبة التعرف إلى ورش الصيانة على الطرقات، لكن الشركة تقترب من هدفها"، وفق نلسون.
ويواصل إيلون ماسك إطلاق الوعود. فقد تعهدت تسلا خصوصا طرح سيارة كهربائية بسعر 25 ألف دولار في خلال ثلاث سنوات وإنتاج 20 مليون مركبة سنويا بحلول 2030.
ويباع أرخص طرازات تسلا من السيارات الكهربائية بسعر لا يقل عن 37990 دولارا في الولايات المتحدة، ما ينعكس صعوبة في جذب فئات واسعة من المستهلكين.
وتشير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن السيارات الكهربائية لم تكن تمثل سوى 2.6% من المبيعات العالمية و1 % من إجمالي السيارات الموجودة في العالم في 2019.
غير أن الإمكانات المستقبلية كبيرة وفق "ديلويت" التي توقعت ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية من 2.5 مليون مركبة في 2020 إلى 11.2 مليون في 2025 و31.1 مليون في 2030، لتستحوذ بذلك عندها على 32% من السوق.
لكن تسلا ستواجه سريعا منافسة حقيقية مع تنامي حضور شركات ناشئة مثل "لوسيد" و"ريفيان" وتسريع شركات تقليدية استثماراتها في مجال المركبات الكهربائية.
كما أن مستقبل المجموعة مرتبط عضويا بإيلون ماسك الذي لديه مصلحة في الحفاظ على نجاحها بما أنه لا يزال يستحوذ على حوالى 18% منها لكنه منغمس في مشاريع شركاته الأخرى بينها خصوصا صواريخ "سبايس إكس".
غير أن أداء 2020 لايبرر البتة صعودها الصاروخي في البورصة وفق خبراء "جاي بي مورجان" الذين يتوقعون تراجع قيمة سهم تسلا إلى 105 دولارات نهاية 2021 في مقابل 705 دولارات نهاية 2020.
ثاني أغنى رجل في العالم
يعد إيلون ماسك أكبر جامع للثروات في عام 2020 حيث ارتفعت ثروته بقيمة 142 مليار دولار، بنسبة زيادة بلغت 507% أي أن ثروته تضاعفت 5 مرات خلال العام.
وجاء ماسك في المركز الثاني خلف جيف بيزوس صاحب شركة أمازون لمبيعات بقائمة أثرياء العالم، بثروة تناهز 170 مليار دولار.
ويتكون صافي ثروة ماسك بشكل أساسي من أسهم تسلا التي يمتلك منها حوالي 75%، علما بأن مؤسس شركة سبيس إكس لتكنولوجيا الفضاء.
aXA6IDMuMTQ0LjE3LjE4MSA= جزيرة ام اند امز