معارك الاحترار.. الشباب جنود مخلصون ضد الظلم البيئي
مرت أمريكا في الصيف الماضي بأحد أكثر فصولها حرارة منذ سنوات، وأدى ذلك لتزايد الوفيات بمناطق لم تجهز عند إنشائها قبل عشرات السنين بوسائل مواجهة الحر، ما يعني أن شباب اليوم قد يكونون ضحايا الاحترار في المستقبل ما لم يتحركوا من الآن لضمان العدالة المناخية.
كان الصيف الماضي هو الثالث الأكثر سخونة على الإطلاق في الولايات المتحدة من عام 2008 إلى عام 2017.وكان هناك ما يُعادل نحو 1,373 حالة وفاة إضافية كل عام بسبب زيادة أيام الصيف الحارة.
تداعيات الحرارة على الفئات الأكثر ضعفًا
يُمكن أن تؤثر الحرارة الشديدة على العديد من مجموعات الأشخاص، بما في ذلك أولئك الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر، والصغار جدًا، والحوامل، والذين يتناولون بعض الأدوية، والذين يعانون من حالات طبية وجسدية مزمنة؛ حيث تؤدي ارتفاع معدلات درجات الحرارة إلى خطر الإصابة بالنوبات القلبية وفشل القلب وتزيد من حالة الربو، كما إن الأشخاص المصابون بمرض السكر معرضون للإجهاد الحراري وضربات الشمس، فضلًا عن إن صحة الأم الحامل تُصبح أكثر خطورة في الحرارة المرتفعة، مع زيادة فرص المخاض مبكرًا وولادة جنين ميت وانخفاض الوزن عند الولادة. علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من التشرد هم أكثر عرضة للوفاة من أسباب مرتبطة بالحرارة، بحوالي 200 مرة أكثر من الأشخاص الذين تم إيواؤهم.
هذا، ومع اقتراب صيف 2023، تظهر الحاجة المُلحة إلى استعداد المدن الشمالية لموجات الحرارة المرتفعة، لتفادي ما حدث من قبل من موجات حرارة -كانت الأكثر فتكًا في تلك المناطق- حيث افتقرت العديد من المباني في عام 2021، إلى أجهزة تكييف الهواء؛ مما أسفر عن وفاة ما يقرب من 800 شخص في ولايات أوريجون وواشنطن وكولومبيا البريطانية.
ومن جانبه، أكد بيف ويلسون، الأستاذ المشارك في قسم الهندسة الحضرية والتخطيط البيئي بكلية الهندسة بجامعة فيرجينيا، تفاقم آثار تلك الموجات الحارة؛ بسبب حقيقة أن العديد من الوحدات السكنية في ذلك الجزء من البلاد غير مجهزة بمكيفات هواء على وجه التحديد؛ لأنه لم يكن يُنظر إليها على أنها ضرورية في الماضي.
جدير بالذكر، أن أزمة تغير المناخ -التي يسببها الإنسان- ستستمر في زيادة تواتر وشدة أحداث الحرارة في المستقبل، مما يعني أن شباب اليوم سيعانون من حرارة شديدة أكثر من آبائهم أو أجدادهم. لكن الشباب هم أكثر من مجرد ضحايا لأزمة المناخ، فهم غالبًا ما يكونون في الخطوط الأمامية للمطالبة بالتقدم والمشاركة بشكل متزايد في صنع القرار.
- طفرات يونيو المناخية.. رسالة تحذير لمستقبل أكثر احترارا
- صيف قاسٍ بغرفة الطوارئ المناخية.. هذه الدول تراهن على COP28
الظلم البيئي وموجات الحر
لا تؤثر الحرارة على كل مجتمع بالتساوي ولديها القدرة على توسيع الفوارق الصحية؛ حيث زعم بعض المسؤولين الفيدراليين في الولايات المتحدة الأمريكية، أنه توجد بعض الأحياء -المحذورة والمخططة باللون الأحمر- المحفوفة بالمخاطر بالنسبة للمستثمرين؛ لأنها تفتقر إلى الأشجار وتحوي العديد من الأرصفة الساخنة، وبالتالي ترتبط الأحياء بالتفاوتات الصحية التي يمكن أن تتفاقم بسبب الحرارة الشديدة، بما في ذلك الربو ونتائج الحمل السلبية.
في ضوء ذلك، ذكر "نوبل ماسيرو"، مدير العدالة الاجتماعية والمساواة العرقية في جامعة ببيتسبرغ، إنه يتحدى الشباب لتنمية الالتزام بالعدالة. قال ماسيرو إن هذا يتطلب فهم أهمية تخصيص الفوائد والموارد في المجتمع بطريقة عادلة، أي يتم تحديد ما هو عادل من حيث الحياة والصحة والرفاهية.
استكشف الحرارة باستخدام مؤشر الإجهاد الحراري
من أين يمكن أن يبدأ شخص ما برغبته في فحص قابلية التأثر بالحرارة في مجتمعه؟ تُظهر خريطة الإجهاد الحراري، والتي تسمى أيضًا مؤشر الإجهاد الحراري (The Heat Vulnerability Index)، الأحياء التي يكون سكانها أكثر عرضة للخطر أثناء وبعد الحرارة الشديدة مباشرة. هذا، وتأخذ الخرائط عدة عوامل في الاعتبار بما في ذلك درجة الحرارة وتكييف الهواء والمساحة الخضراء والفقر والعرق. فعلى عكس معظم المدن الشمالية، يوجد في فيلادلفيا ومدينة نيويورك، مؤشر الإجهاد الحراري، الذي يُشير إلى أن الموارد المحدودة والتوعية تجعلها في مناطق التعداد الأكثر تعرضًا للخطر.
في هذا الإطار، أكد "جيمس جارو"، مدير الاتصالات في إدارة الصحة العامة في فيلادلفيا، أنه يساعد في توجيه القرارات في فيلادلفيا مثل موقع مراكز التبريد المتاحة لحالات الطوارئ الصحية أثناء موجات الحرارة المرتفعة، ويكشف عن إمكانيات توعية الأفراد حول الأمراض المرتبطة بالحرارة. وبالتالي، تُعًّد هذه الاستجابة المخصصة هي في صميم برنامج الإنصاف الحراري.
بالإضافة إلى دليل مؤشر الإجهاد الحراري، تُوجد مجموعة من الخطوات التي يمكن للشباب اتخاذها لتحويل هذه الموارد إلى عمل على أرض الواقع.
1- تتمثل الخطوة الأولى في معرفة مدى التعرض للتأثر بالحرارة المحلية، وذلك باستخدام مؤشر الإجهاد الحراري.
2- تقييم مدى استعداد المجتمعات؛ حيث يتم تحديد ما إذا كان المجتمع يحتاج إلى زيادة الوصول إلى المساحات الباردة في المناطق المعرضة للخطر؛ حيث لا تقتصر المساحات الباردة على المباني. على سبيل المثال، تم تسليط الضوء في فيلادلفيا على الأماكن المناسبة لرصف حافلات التبريد من قبل إدارة الحدائق بالمدينة؛ حتى يصل إليها الأشخاص الأكثر عرضة للحرارة.
3- استكشاف إمكانيات توجيه حملة توعية عامة؛ حيث إن الحرارة في بعض الأحيان قد تكون قاتلة، لكنها قاتلة صامتة، مما يعني أنه قد يكون من الصعب ربط مشكلة صحية معينة بالحرارة.
4- اكتشاف ما إذا كان يمكن تحسين أنظمة الإنذار؛ حيث إنه إذا كانت مدينتك لا تحتوي على نظام إنذار مبكر لموجات الحر، فإن تطوير واحد يمكن أن يحمي الناس من خلال الإبلاغ عن المخاطر وإجراءات الحماية المقترحة في موجة الحر.
5- الدعوة إلى اتخاذ الإجراءات التي يُمكن من خلالها، أن يتم تصميم المساكن والأحياء بطرق تقلل من آثار الحرارة الشديدة. مثال على ذلك: تركيب الألواح الشمسية على المباني، بالإضافة إلى وضع مراكز التبريد لزيادة قدرة تكييف الهواء دون زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
هذا، ويمكن للشباب المساعدة في وقف تغير المناخ بطرقهم البسيطة ولكن الهادفة، مثل:
- الانضمام إلى المنظمات أو المجموعات البيئية
- المشاركة في مختلف البرامج المدرسية والمشروعات الحكومية وغير الحكومية ضد تغير المناخ
- الانضمام إلى حملات التنظيف في المدرسة أو في المجتمع
- المشاركة في غرس الأشجار والأنشطة الخضراء
- مبادرات جمع القمامة وإعادة تدويرها
- المشاركة في الاحتجاجات والحملات البيئية
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل facebook أو twitter أو instagram للترويج لتغير المناخ والوعي البيئي للجمهور
- الحد من استخدام البلاستيك
- المساعدة في الإبلاغ عن الأنشطة غير القانونية للسلطات
- المشي أو ركوب الدراجات لمسافات قصيرة بدلاً من ركوب المركبات التي تعمل بالوقود
- فصل القمامة في المنزل