صيف قاسٍ بغرفة الطوارئ المناخية.. هذه الدول تراهن على COP28
خلال كلمته في قمة "COP28"، دعا أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى مزيد من الطموح فيما يتعلق بأهداف خفض الانبعاثات.
وذلك بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة مئوية المتفق عليه في اتفاقية باريس عام 2015.
وقال غوتيريش: "لا يزال كوكبنا في غرفة الطوارئ"، مشيرا إلى أنه مع فشل العديد من الدول في تحقيق أهدافها، "لا يزال العالم بحاجة إلى قفزة عملاقة في طموح المناخ".
كانت مخاوف غوتيريش التي عبر عنها العام الماضي في "COP28 " تغذيها درجات الحرارة القياسية في المملكة المتحدة، وحرائق الغابات في أوروبا وأستراليا، والفيضانات في باكستان، والعواصف الترابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، و"إعصار القنبلة" في أمريكا الشمالية.
وبينما يتجه العالم إلى قمة أخرى للمناخ تستضيفها دولة الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (COP28)، تشير التقديرات إلى أن الكوكب على موعد مع صيف ساخن بشكل استثنائي، بدأت إرهاصاته مبكرا، مدعومة بحلول ظاهرة "النينو" المناخية، الأمر الذي من شأنه أن يؤكد مخاوف غوتيريش مجددا، حول استمرار وجود الكوكب في غرفة الطوارئ المناخية.
ومبكرا، وقبل حلول عام 2023، أشارت توقعات مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، إلى أنه سيكون العام العاشر على التوالي الذي تكون فيه درجات الحرارة العالمية أعلى بمقدار 1 درجة مئوية على الأقل فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، غير أن خبراء المناخ يرون الآن أنه مرشح لأن يكون "الأسخن على الإطلاق"، بسبب اجتماع تأثيرات تغير المناخ مع تطور ظاهرة "النينو" المناخية.
وتعرف ظاهرة "النينو" بأنها نمط مناخي طبيعي يحدث في المتوسط كل مدة من سنتين إلى سبع سنوات، ويستمر من 9 أشهر إلى 12 شهرا، ويرتبط بارتفاع في درجات حرارة سطح وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، بما يخل بالأنماط المعتادة لهطول الأمطار في مناطق مختلفة حول العالم، وتطور المزيد من ظواهر الطقس والمناخ المتطرفة.
وترتبط تلك الظاهرة بشكل عام بارتفاع في درجات الحرارة عالميا، غير أن تأثيرات تغير المناخ ستجعل الطقس أكثر سخونة، وبالنسبة للعديد من البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، حيث ترتفع درجات الحرارة بمعدل ضعف بقية العالم تقريبا، لا يمكن المبالغة في التهديد الذي يمثله عام أكثر سخونة نتيجة تحالف النينو مع تغير المناخ، كما يقول مجدي علام، مستشار مرفق البيئة العالمي، والأمير العام لأتحاد خبراء البيئة العرب في تصريحات خاصة لـ "العين الإخبارية".
وكانت المنطقة العربية قد شهدت مع ظاهرة "النينو" السابقة عام 2016، ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة بدولتي الكويت والعراق، أسفر عن عدة خسائر في الأرواح، كما تسببت في موجة حارة غير مسبوقة ضربت الشمال الأفريقي، وتسببت في حرائق واسعة بالغابات، لاسيما المغرب، حيث خسر ما يقرب من 1584 هكتارا من الغطاء النباتي، بالإضافة للحرائق التي اندلعت بالجزائر وتونس، وضربت فيضانات شرق مصر في العام نفسه، ألحقت أضرارا بالغة بالبنية التحتية على طول المناطق الساحلية في منطقة سيناء والبحر الأحمر، وفق علام.
ويقول إنه " إذا كانت ظاهرة (النينو) توصف بأنها طبيعية لا دخل للإنسان فيها، فإن تغيرات المناخ التي تزيد من تأثيرها تتطلب مزيد من التوزان بين إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية وتخفيض الانبعاثات، لمحاولة إخراج المنطقة العربية من غرفة الطوارئ المناخية".
وبعيدا عن التأثيرات الإضافية لظاهرة "النينو"، وجدت دراسة حديثة نشرت في أغسطس ( آب) من العام الماضي بمجلة "ريفيو أوف جيوفيزيكس"، أن متوسط درجات الحرارة في دول منطقة الشرق الوسط من المتوقع أن يرتفع بنحو 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، لذلك فإن تخفيض الانبعاثات و التكيف مع المناخ أمر بالغ الأهمية لهذه الدول، كما يؤكد حسين أبو النجا، المدير التنفيذي للشبكة العربية للتنمية المستدامة في تصريحات لـ"العين الإخبارية ".
وبينما تحتاج إجراءات تخفيض الانبعاثات إلى تنسيق الجهود عالميا، وذلك من خلال زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، لتخفيض الانبعاثات، يقول أبو النجا إنه "على المستوى الوطني والمحلي، يجب ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال (التكيف مع تغيرات المناخ)، وذلك عن طريق استخدام تقنيات الزراعة الذكية مناخيا، مثل تنويع المحاصيل، وإجراءات الحفاظ على المياه".
ويوضح أن بعض التقديرات قد أشارت إلى أن التكيف مع تغير المناخ قد يكلف البلدان النامية ما يصل إلى 340 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، ولمساعدة تلك البلدان، ولا سيما تلك المعرضة لتغير المناخ، قد تم اتخاذ قرار في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ ( COP27 ) لإنشاء صندوق "الخسائر والأضرار".
ويهدف الصندوق إلى تشجيع الدول الغنية والصناعية على تعويض البلدان النامية منخفضة الانبعاثات عندما تعاني من كوارث مرتبطة بالمناخ.
ويقول أبو النجا إنه " قد تم الاتفاق على إنشاء الصندوق من حيث المبدأ، بينما من المتوقع أن تشهد (COP28) مفاوضات شاقة للاتفاق على تفاصيل الإنشاء، وربما تساعد الأضرار المناخية التي بدأ العالم العربي يعاني منها مبكرا قبل بداية فصل الصيف رسميا، على اعطاء مزيدا من الزخم لهذه المناقشات، كما ستعطي زخما لفاعلية ستشهدها قمم المناخ لأول مره، وهي أول مراجعة لالتزام العالم بأهداف اتفاقية باريس".
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة في زيادة سرعة الرياح التي جعلت العواصف الترابية أكثر تواترا وشدة في العالم العربي، وتوقع تقرير للبنك الدولي قبل نحو 3 أعوام، أن تصل التكلفة الاقتصادية للعواصف الترابية والرملية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 150 مليار دولار سنوياً، بما يعادل 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لمعظم بلدان المنطقة.
كما سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى مزيد من التبخر في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من ندرة المياه ، مما يؤثر سلبا على النظم البيئية و زراعة، كما بدأت الحرارة تترك أثرها على النظم البيئية الحساسة مثل الشعاب المرجانية.
ولا يرى أبو النجا أن هناك تقدما ملموسا في ملف تخفيض الانبعاثات عالميا، لأنه وفق التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن العالم لا يسير على الطريق الصحيح، لذلك فإن إعطاء مزيد من الاهتمام بالملف الآخر، وهو التكيف المناخي، فهذا يعني ضمان بقاء الدول العربية في غرفة الطوارئ المناخية، قبل أن يتطور الوضع إلى ما هو أسوأ من ذلك.