النرجسية المناخية.. كيف تؤثر على قبول الحلول البيئية؟
توصل باحثون إلى وجود علاقة بين المواقف المجتمعية من قضايا المناخ والبيئة، وأشكال الهوية الوطنية.
توصل باحثون من جامعات "نيكولاس كوبرنيكوس" و"SWPS " في بولندا، و"وايكاتو" في نيوزيلندا، إلى وجود علاقة بين المواقف المجتمعية من قضايا المناخ والبيئة، وأشكال الهوية الوطنية.
ويوجد شكلان للهوية الوطنية، الأول، شكل أكثر أمانا، عندما يشعر الشخص أنه عضو في مجموعة معينة ويشعر أن لديه الكثير من القواسم المشتركة مع الأعضاء الآخرين في المجموعة، فهم مهمون بالنسبة له، والثاني، وهو ما يسمى "الأكثر دفاعية"، والمتمثل في "النرجسية الجماعية"، ويعتمد إلى حد كبير على مقارنة الشخص بين المجموعة التي ينتمي لها بمجموعات أخرى، وهي رغبة لأن تكون مجموعته لها مكانة خاصة، ويرتبط هذا الموقف أيضا بالتحيز ضد الجماعات الأجنبية.
وخلال الدراسة المنشورة 13 يونيو/حزيران الجاري بدورية " بلوس كلايمت"، بحث الباحثون في تأثير شكل الهوية على مواقف الشخص الوطنية، فوجدوا أن مجموعة "النرجسية الجماعية" تؤثر على المواقف البيئية والمناخية، لتخلق ما أسماه الباحثون بـ"النرجسية المناخية".
ويقول أدريان ووجيك، المتخصص في علم النفس الاجتماعي والبيئي، والباحث المشارك بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة "نيكولاس كوبرنيكوس"، بالتزامن مع نشر الدراسة : "الأفراد أصحاب مجموعة النرجسية الجماعية يهتمون بشكل خاص بالحفاظ على صورة إيجابية لمجموعتهم، فالصورة تكون مهمة لديهم، وقد يكون الدفاع عنها أكثر أهمية من الرفاهية الفعلية للمجموعة، وقد افترضنا أنه، فيما يتعلق بحماية البيئة، لن يكون من المهم بالنسبة لهم، ما يتم فعله من أجل البيئة، ولكن كيف يتم تصوير المجموعة، وكيف ينظر إليها الآخرون".
الموقف من الصفقة الخضراء
وللتأكد من ذلك، أجرى الباحثون مسحين كبيرين في بولندا، وشارك فيهما أكثر من ألف شخص، ممثلين للعمر والجنس والتعليم، ومن بين أمور أخرى، قاموا بقياس النرجسية الوطنية، وتحديد الهوية الوطنية ودعم سياسات المناخ المتعلقة بإدخال الصفقة الخضراء الأوروبية، وكان الباحثون مهتمين أيضًا بمن كان أكثر استعدادا للاستثمار في مصادر الطاقة البديلة.
أظهر المسح الأول أن الأشخاص الذين لديهم ما يسمى بالهوية الأكثر أمانا كانوا أكثر ودية تجاه الحلول المؤيدة للبيئة، بينما كان النرجسيين الوطنيين، كان دعمهم أقل بكثير، وفي هذه المجموعة، كان هناك قبول أكثر وضوحا للطاقة المشتقة من الوقود الأحفوري.
ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن الباحثين لم يجدوا صلة بين دعم الطاقة النووية وأشكال الهوية الوطنية بنوعيها، ولكن فقط علاقة ضعيفة مع وجهات النظر السياسية اليمينية، وهذا يدل على أن موضوع الطاقة النووية غير مسيس في بولندا.
سياسات البيئة والتمويل
وفي المسح الثاني، تبين أن دعم السياسات المؤيدة للبيئة يعتمد على مقدار التمويل المخصص لتعزيز الصورة الخضراء للبلد، ويمكن أن يُعزى استعداد المشاركين لدعم تحسين الصورة، في حالة أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من النرجسية الوطنية، إلى رغبتهم في زيادة احترام الذات، وفي الوقت نفسه، سعى أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من الهوية الوطنية الآمنة إلى زيادة التمويل للتدابير الحقيقية المؤيدة للبيئة.
ويقول ووجيك:"بالنسبة للنرجسيين الوطنيين، ليس من المهم حقا ما يتم القيام به بالفعل من أجل البيئة، والأهم من ذلك هو الصورة البيئية للبلد، ومن ثم فإن الدعم الأكبر للإنفاق المالي ليس على التدابير الفعلية المؤيدة للبيئة، ولكن لتحسين الصورة البيئية للبلد".
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم بشكل نرجسي مع مجموعتهم الخاصة قادرون على تعزيز جميع أنواع السياسات المناهضة للبيئة فقط للتأكيد على حق المجموعة في تقرير المصير والسيادة، كما يوضح ووجيك.
ويضيف: "مثال على ذلك هو الموقف تجاه استخدام الفحم في قطاع الطاقة المحلي، ففي هذا القطاع، يمكن النظر إلى التغيير في المصادر البديلة على أنه مفروض من الخارج، وبالتالي يضر بالشعور بالانتماء للمجتمع، وبالتالي فإن التمسك بالفحم، في هذه الحالة، هو علامة على عدم الاستسلام لضغوط المؤسسات الخارجية".