وقد يتفاجأ من يدرك أن تلك الحكومة برئاسة محمد عبدالله فرجامو فعلت ذلك بإيعاز وتحريض من النظام القطري "عراب" الرئيس التركي في الصومال
من يتذكر تلك "الواقعة" غير المبررة التي قامت بها الحكومة الصومالية قبل عامين وبالتحديد في الثامن من أبريل من عام 2018، عندما حاولت الإساءة إلى دولة الإمارات عن طريق قيامها باحتجاز طائرة مدنية تابعة للإمارات، قد يتملكه الاستغراب، اليوم، عندما يشاهد ويقرأ عن مبادرة إماراتية إنسانية متمثلة في إرسال طائرة مساعدات تحمل (7) أطنان من مختلف المستلزمات الطبية والوقائية لمساعدة حوالي 27 ألفاً من العاملين في القطاع الطبي الصومالي لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
وقد يتفاجأ من يدرك أن تلك الحكومة برئاسة محمد عبدالله فرجامو فعلت ذلك بإيعاز وتحريض من النظام القطري "عراب" الرئيس التركي طيب أردوغان في الصومال، ويومها حرموا الشعب الصومالي الشقيق الكثير من المساعدات التي هو بحاجة إليها، قد يستغرب وكأنهم نجحوا في زيادة معاناة الشعب الصومالي عندما أوقفوا كل المشاريع الإماراتية التي كانت تقدمها للمؤسسات الحكومية للنهوض بواجبها الحكومي.
ليس من عادة دولة الإمارات، ولا في فلسفة المساعدات التي تقدمها، أن تماطل أو تجادل مع حكومات لا تفكر في مصلحة شعوبها أو تحاسب الشعوب على التجاوزات والأفعال التي تقوم بها خدمة لأطراف لا يقدمون أي خدمات أو مساعدات بدون مقابل، فالنظام القطري والتركي لا يختلف اثنان على أن لديهما أجنداتهما الخاصة في المناطق التي تعاني من "هشاشة" أمنية، كما هو الوضع الصومالي، وبعدها يتركونهم ومصيرهم كما يحدث في هذه اللحظة من الأزمة العالمية التي –حقيقةً- الشعب الصومالي والعاملون في القطاع الطبي يحتاجونها.
لعله درس سياسي لكل من يتعامل مع النظامين القطري والتركي، سواء أشخاص أو حكومات، لأن الأمر أو التجربة قابلة للتعميم مع البقية كون أن الارتباط معهما له علاقة بـ"المصلحة الأيديولوجية"؛ إما من أجل: إثارة الفوضى ضد حالة الاستقرار في أي دولة من خلال دعم التنظيمات المتطرفة، أو من خلال: دعم "شراء ذمم" بعض المسؤولين من أجل محاربة من يفكر في تقديم مساعدة، وبالتالي يظهرون أنفسهم أنهم "القوة" التي تستطيع فرض رغبتها، لكن عندما تنتهي المصلحة وتنتفي الحاجة لمن قدموا خدماتهم ضد شعوبهم لها يتركونهم ومصيرهم ويتخلون عنهم، هذا الذي يحدث الآن مع حكومة فرماجو.
الإنسانية والوقوف مع مصالح الشعوب هو أهم رهان لدولة الإمارات، فرغم أنه كان للحكومة الصومالية في ذلك التاريخ رأي آخر في المساعدات الإماراتية، بعد أن قبضوا الثمن من "نظام الحمدين" الذي يسخر أموال الشعب القطري لمغامرات أردوغان، كانت الإمارات تؤكد أنها ستستمر في تقديم المساعدة للشعب الصومالي المغلوب على أمره، حيث سجل آخر رقم لقيمة تلك المساعدات خلال الفترة من (2010-2020) بـ(1.2) مليار درهم استفاد منها أكثر من مليون مواطن صومالي، وهو ما يعني أن الإمارات ليس لديها ما تخفيه من أجندات وليست عاشقة للإبهار الإعلامي التي تفعلها "الآلة الإعلامية القطرية" أو المنافسة على فرض واقع سياسي معين على شعب من الشعوب بما فيه الشعب الصومالي الذي تكن له كل التقدير.
ليس من عادة دولة الإمارات، ولا في فلسفة المساعدات التي تقدمها، أن تماطل أو تجادل مع حكومات لا تفكر في مصلحة شعوبها أو تحاسب الشعوب على التجاوزات والأفعال التي تقوم بها خدمة لأطراف لا يقدمون أي خدمات أو مساعدات بدون مقابل
هناك ملاحظة لا بد أن تنتبه لها الحكومة الصومالية، وغيرها، أن دولة الإمارات في تقديم المساعدات الإنسانية والتعامل معها هو شيء مختلف تماماً عن النظام القطري وغيره من الأنظمة ذات الأجندات "المتسترة" في المساعدات، فالمساعدات الإماراتية التي تقدمها اليوم مع منظمة الصحة العالمية تحمل رسالتين؛ الرسالة الأولى: أنها شهادة على المبادرات النبيلة لدولة الإمارات وتأكيد على الطابع الإنساني لها من أجل تخفيف معاناة الشعب الصومالي الشقيق وكافة الشعوب في العالم والتي أبهرت العالم بها.
والرسالة الثانية: هي إدانة تاريخية ضمن العديد من الإدانات ضد النظام القطري في تخريب المجتمعات، كما هو الحال في مصر وسوريا واليمن، ولا بد أنه سيأتي اليوم الذي يتم ملاحقته وفضحه أمام الرأي العام العالمي ويبدو أنه ليس ببعيد.
أما الحكومة الصومالية التي انجرت وراء الأهداف القطرية وتسببت في زيادة معاناة الإنسان الصومالي فهي فضيحة من العيار الثقيل التي تلطخ سمعته وتكشف عن أن موقفه لم يكن وطنيا بقدر ما أنها مصالح وأجندات سياسية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة