مدينة الألف مئذنة.. مسجد الحسين بالقاهرة قبلة المصريين في شهر رمضان
تزدان القاهرة بالمساجد الأثرية التي يتعدى عمرها مئات السنين.. خلال شهر رمضان تصحبكم "العين الإخبارية" في جولة بأشهر مساجد القاهرة.
طالب الرسول الكريم في حديث شريف بحب أهل بيته، "أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي"، وفي مصر، يعتبر المصريون من أكثر الشعوب حبا لـ"آل البيت" وكل الأشراف وأصحاب الرسول وزوجاته رضي الله عنهم جميعًا.
ويعتبر مسجد الحسين أكثر المساجد التي يؤمها المصريون في شهر رمضان ويحرصون على أداء الصلاة وإقامة الشعائر الدينية السنية التي شرعها الله وأوصى بها نبينا الكريم، وتعلو مكبرات الصوت بالشعائر المميزة وقرآن التراويح، والأدعية التي يتوسلون بها إلى خالق الكون بتيسير الأحوال.
تم إنشاء مشهد الإمام الحسين في خلافة الخليفة الفاطمي الفائز بنصر الله سنة 1154م، وأشرف على البناء الوزير الصالح طلائع، ليدفن فيه رأس الإمام الحسين بن على بن أبي طالب، بعد نقله من عسقلان بفلسطين إلى القاهرة.
وسمي حي الحسين بهذا الاسم نسبة إلى المسجد، ليمتاز الحي بطابع فريد في قاهرة المعز يلجأ إليه جميع محبي المعمار والتراث الإسلامي الفريد، لالتقاط الصور التذكارية، ويشترون ما لذ وطاب من هدايا تذكارية وطوابع معمارية وتراثية.
ويشتمل مسجد الحسين على ٩ أبواب، ثلاثة أبواب رئيسية باب الفرج والباب الأخضر والباب البحري، الأول خاص بالرجال وهو الباب الرسمي والشرفي، والثاني خاص بدخول النساء، والثالث الذي يطل على الجهة البحرية للمسجد، والستة أبواب المتبقية جانبية.
يوجد في المسجد حجرة بها الآثار النبوية الشريفة التي يتخذها زائرو الرحاب الطاهرة أثرًا من آثار سيد الخلق، ومن بينها قطعة من قميص النبي صلى الله عليه وسلم بها عرقه، وأربع شعيرات من لحيته الشريفة تصديقًا لقوله "إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء"، والسيف الذي يسمى العضد، الذي أهدي للرسول من سيدنا سعد بن عبادة، والمكحل والمزود اللذان خصصا لاكتحال النبي الذي كان يكتحل بكحل يسمى "الإثمد".
ومن بين الآثار الموجودة في المسجد، قطعة من العصا التي كانت بيد النبي الكريم حينما فتح مكة وقام بالإشارة بها إلى الأصنام لتقع على الأرض، والمدهونة بمادة "الجمالاكا"، وأحد المصاحف المنسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب والمكتوب بالخط الكوفي من غير نقط أو تشكيل والتي تعتبر الهيئة الأولى التي كتب بها المصحف الشريف.
وتشير المراجع التاريخية إلى أن وجود رأس الإمام الحسين في المسجد بعد أن تمّ جلبها من عسقلان في فلسطين إلى القاهرة في موكب مهيب من العلماء والأشراف وسائر طوائف المسلمين المختلفة، واستقر في المسجد بعد أن تم إعداد المسجد خصيصًا له.
تشير الدكتورة سعاد ماهر، أقدم عميدة لكلية الآثار في كتابها "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون"، الذي أرّخ لرحلة رأس الإمام الحسين، إلى أنّ الرأس الشريف وصل إلى مصر فعليًا، موكدة ذلك بعد أن صالت وجالت في جميع المراجع التاريخية والإسلامية. وتابعت "ماهر" في كتابها، "شخصية الحسين التي يتحدث عنها الجميع هي واحدة من الشخصيات الغنية عن التعريف، وما يدور من اختلافات حول رأسه الشريف وتواجده في المسجد من عدمه هو كلام في غير محله".
من جانبه، أكد الدكتور أمير محفوظ محمد، إمام وخطيب مسجد الحسين، وعضو لجنة تعريف الإسلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن "توافد الملايين على المقام الشريف على مدار العام هو حب للحسين رضي الله عنه واحترام له ولجده النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، لأن المصريين معروفون بحبهم للرسول وأهل بيته".
وتابع خطيب مسجد الحسين، أن التشكيك المنتشر على مدار العقود الماضية بعدم وجود أي أثر لسيدنا الحسين في مسجده المسمى على اسمه في قاهرة المعزّ، والاختلاف حول مثوى الرأس الشريف معركة في غير معترك". ويتفق معه، الدكتور عطية القوصي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، الذي أكد في حديثه لـ "العين الإخبارية" أن الرأس موجود بالفعل في المسجد بعد أن تم جلبه في مشهد مهيب من بلاد الشام إلى القاهرة عن طريق الفاطميين، بعد أن تم دفن باقي الجسد في كربلاء".
وتابع القوصي أنّ المسجد مرتبط بحب الناس لآل البيت والتبرّك الدائم بهم خاصة وأنه حفيد رسول الله عليه الصلاة والسلام، حتى أننا في الجزء الثاني من التشهّد نقول "اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد"، منوهًا أنه سيد شباب أهل الجنة، وهو قامة دينية كبيرة، وكون رأسه مدفونا في مصر هذا أمر عظيم للغاية. وأثنى أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، على ارتباط المصريين بمساجد آل البيت المنتشرة في ربوع مصر، مثل: مسجد السيدة زينب ومسجد السيدة عائشة ومسجد السيدة نفيسة، موضحًا أنّ المسجد بني بالحجر الأحمر على الطراز الغوطي، غير أنّ منارته أسطوانية الشكل بنيت على نمط المآذن العثمانية.