وفاة حسين صبور.. رحيل شيخ العقاريين العرب ومهندس المهام الصعبة
توفي الخميس رجل الأعمال المصري المهندس حسين صبور عن عمر 85 عاما، وفق ما أعلنه نجله المهندس عمر صبور.
وقال عمر صبور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "إنا لله وإنا إليه راجعون، توفي إلي رحمة الله والدي المهندس حسين فايق صبور أسألكم الفاتحة".
والمهندس حسين صبور علم من أعلام البناء والتعمير في مصر والمنطقة العربية، ارتبط اسمه بالإنجازات العملاقة، وتجاوزت نجاحاته الحدود، فأصبح علامة مسجلة ضامنة للنجاح في أي مشروع، ما أهله للحصول على لقب شيخ العقاريين في مصر والعرب.
- تفاصيل أول طرح لشركات مملوكة للجيش المصري.. محطات وقود وشركة مياه
- "السيادي المصري" يؤسس صندوقا للاستثمار في الرعاية الصحية
برع الراحل في مجالات كثيرة، فهو المهندس الاستشاري ذائع الصيت على المستوى العربي، حيث تقلد عدة مناصب منها رئاسة أحد أكبر النوادي المصرية "نادي الصيد" ورئيس سابق لاتحاد تنس الطاولة المصري، ورئيس مجلس إدارة "بنك المهندس" لمدة خمس سنوات، ورئيس جمعية "رجال الأعمال المصريين" وفى الوقت ذاته هو من أطلق برنامج "صالون دريم" الذي استضاف على شاشة فضائية "دريم" أبرز الشخصيات الثقافية والعلمية ليتحدثوا عن هموم الوطن والقضايا التي تشغل بال النخبة والجمهور معا.
بدأ المهندس صبور عمله في الخمسينيات من القرن الماضي، بعد تخرجه في كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1957، وكان أول مشروع قام به في حياته هو بناء "مقبرة" للأستاذ ويلسون أمين المصري المسيحي، بلغت قيمتها تصميما وتنفيذا 150 جنيها، أما المشروع الثاني فكان إقامة حائط لتقسيم مخازن "الشركة العامة للتجارة والكيماويات" في حارة أليكسان بمنطقة مصر القديمة مقابل 140 جنيها.
أيام عصيبة
مر صبور بفترة عصيبة في حياته العملية، بعد أن تركه أصدقاء عمره وتولى وحده مسؤولية المكتب الهندسي وصدرت في هذه الآونة قوانين تحديد إيجارات المساكن فتوقف القطاع الخاص عن البناء، ما أدى لتراجع شديد للغاية في معدلات البناء، فانقطع عمل المكتب، ولكن بعد فترة قاده فكره إلى التوجه نحو القطاع الصناعي بعد أن اتجهت الدولة لتأميم الصناعة، وتمكن من أن يتولى بناء مصانع وورش جديدة، ومن ثم بدأ صيته في الذيوع، إلا أن وقوع نكسة عام 1967 أدى لتوجيه الدولة جميع مواردها إلى المجهود الحربي فتوقفت مصادر عمل المكتب من القطاع العام أيضا.
كانت الصعوبة في هذه المرحلة تكمن في القدرة على تحقيق المعادلة الصعبة بالمحافظة على الكوادر العاملة معه وسداد رواتبهم، للإبقاء عليهم متفرغين فقط للمكتب، فقد كان مكتبه هو الوحيد الذي تفرغ له كل من عملوا به، بينما كانت بقية المكاتب الهندسية مملوكة لأساتذة جامعة أو مديرين كبار في مصالح حكومية يعملون بها في فترة ما بعد الظهر فقط ومعهم بعض المعيدين غير المتفرغين.
دفعت هذه الظروف المهندس صبور إلى السفر لليبيا عام 1968 بعد أن استمع لأحد أصدقائه يحكي عن صديق له من كبار رجال الأعمال الليبيين والذي شكا له من المهندسين المصريين وتجربته مع واحد منهم حصل منه على مبلغ مالي كبير لتصميم فيلا له في ليبيا وقدم تصميمات سيئة للغاية، فأراد صبور أن يصحح هذه الصورة لدى رجل الأعمال الليبي وقام بتصميم الفيلا للرجل دون مقابل، وأعجبته للغاية فدعاه لزيارة ليبيا وبدأ العمل هناك منذ الربع الثاني من عام 1968.
الباحث عن النجاح
لم يكن المهندس صبور في رحلة كفاحه الطويلة يبحث عن المال بقدر ما كان يبحث عن النجاح في أي صورة كان، وأكثر ما كان يسعده هو أن توضع فيه الثقة للنهوض بمؤسسة متعثرة وإعادتها مرة أخرى للطريق الصحيح، وهو ما حدث عند توليه رئاسة "بنك المهندس" في فترة سابقة، والذي تسلمه برأسمال 20 مليون جنيه وميزانية أقل من مليار جنيه ، طيلة 7 سنوات كان نصيب البنك من الأرباح "صفر" وسلمه المهندس صبور بعد 5 سنوات من رئاسته، وقد ارتفع رأسماله إلى 180 مليون جنيه ووصل حجم ميزانيته إلى 5 مليارات جنيه، محققا أرباحا سنوية بلغت 100 مليون جنيه.
ورغم ذلك لم يتقاض صبور مليما واحدا طوال فترة رئاسته للبنك، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع "نادي الصيد" الشهير في مصر.
المدن الجديدة
وشارك المهندس صبور في تخطيط وتنفيذ مشروعات بناء المدن الجديدة التي توجهت الدولة لإقامتها من أجل تخفيف الضغط عن القاهرة مثل مدن العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة والسادات بالإضافة إلي مدينة برج العرب في جنوب غرب الإسكندرية، كما شارك في العديد من المشروعات القومية العملاقة التي أقامتها الدولة مثل مشروع الطريق الدائري حول القاهرة ومشروع مترو الأنفاق وبعض الفنادق الكبرى والعديد من المستشفيات والمصالح الحكومية.
رؤية اقتصادية جريئة
كان المهندس حسين صبور يمتلك رؤية اقتصادية تركز على الجانب الاجتماعي وتنبع من إحساس وطني وشعور بالمسؤولية، فكان يتمنى أن يلاحظ رجل الشارع التطورات الاقتصادية التي تشهدها مصر وأن يتم توزيع العوائد الاقتصادية بعدالة بين فئات المجتمع المختلفة، حتى يشعر الفقير بتحسن في مستوي معيشته لكي يكون مصدر دخل للدولة وليس عبئا عليها، وأن يتم القضاء علي مشكلة البطالة تدريجيا.
وقف أيضا الراحل المهندس حسين صبور إلي جانب المشروعات الاقتصادية التي تقيمها مصر مع شقيقاتها من الدول العربية تحقيقا لفكرة التكامل الاقتصادي العربي، ويرى أن تحقيق الربح يجب ألا يكون هو الشاغل الأول وإنما الحرص علي تسهيل إنشاء المشروعات المشتركة ومنح الأولوية للمشروعات ذات الجدوى الاقتصادية، وفي نفس الوقت يجب أن تعمل هذه المشروعات علي دعم التنمية وتوفير فرص عمل للشباب العربي الذي يعاني أغلبه من البطالة.
ولم يقف عطاء صبور وإسهاماته عند المجال الاقتصادي والعمراني فحسب، بل يمتد إلي المجال الخيري حيث يشارك في العديد من الأنشطة الاجتماعية والخيرية ومنها رعايته للخيام الرمضانية الخيرية التي تقيمها بعض الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني مثل جمعية "ولاد مصر" وغيرها.