إبراهيم أصلان.. في ذكرى رحيل صاحب "عصافير النيل"
تحل الأحد الذكرى الـ6 لرحيل الأديب المصري إبراهيم أصلان، أحد أبرز كتاب الرواية والقصة القصيرة في جيل السبعينيات.
في سنوات طفولته.. كان إبراهيم أصلان يتنقل بين المدارس.. لم يحقق تعليماً منتظماً منذ الصغر، ليقرر ذووه إلحاقه بالكُتاب، ولكن بقاءه فيه لم يدم طويلًا، فتركه حتى استقر في إحدى مدارس تعليم السجاد، الذي تركها هي الأخرى للدراسة في إحدى المدارس الصناعية.
ظل التنقل ثيمة لحياته المبكرة حتى استقر في بداية حياته والعمل في هيئة البريد كـ"بوسطجي" حتى ترقى للمكوث في إحدى المكاتب البريدية، غير أن توقه للكتابة كان محرضا لتغير كبير في مجرى حياته، وألهمه العمل في البريد لكتابة رائعته الأولى "وردية ليل".
ظل أصلان يتساءل: أين الوصال إلى "الكتابة" التي أحببت؟ ليأتي الدليل على يد الأديب الراحل يحيى حقي، الذي آمن بالشاب وبكتاباته، ليقوم بنشر الكثير من أعماله وكتاباته في مجلة "المجلة" التي ترأس تحريرها حقي، ليظهر أصلان في الأوساط الثقافية ويبدأ في الإبداع والكتابة، ويظل الاثنان على علاقة وطيدة طوال حياتهما.
ارتبط اسمه بإحدى أشهر رواياته "مالك الحزين"، التي تم إدراجها ضمن أفضل ١٠٠ رواية في الأدب العربي، والتي تم تحويلها لواحدة من أبرز أفلام السينما المصرية التي تعبّر عن الأحياء الشعبية الزاخرة بالتراث الشعبي، والذي يعد أحد أفضل أفلام الممثل الراحل محمود عبدالعزيز "الكيت كات"، كما تم تحويل روايته "عصافير النيل" إلى فيلم بالعنوان نفسه.
وحول تلك الرواية قال أصلان في إحدى حواراته السابقة، "إن هذه الشخصيات في الخلوة هي شخصيات التقيتها في مناطق الكيت كات -حيث أقطن- وتحدثت إليها وعاشرت بعضها بحكم الجيرة، وأحببتهم وكتبت عنهم.. تلك المنطقة كان لها التأثير البارز في أدبي".
رأى الراحل عن عالمنا، قبل ٦ سنوات عن عمر ٧٦ عاماً، خلال حوار له مع إذاعة "دويتشة فيله" الألمانية، أن القارئ من الممكن أن يُبصر لا من خلال عينيه بل من خلال "بصيرته"، موضحاً أن مهمة الكاميرا سهلة، فهي لها عين "العدسة" ترى مثل الإنسان، لذلك فمهمتها أسهل بكثير، أما اللغة "فتلك حكاية أخرى".
اعتمد الكتب المصري الراحل على عدم تصنيف أعماله الأدبية، فتارة يكتب على أحد أعماله "متتالية عائلية"، وتارة أخرى يصنف ما يكتب بـ"كتابة" فقط دون أي تصنيف، مما حيّر النقاد في تصنيف رواياته التي كان يرى أن التصنيف غير مناسب للكتابة، ولا بد للكاتب ألا يضع القارئ في البداية في قالب محدد.
آمن أصلان -الذي ولد في الثالث من مارس عام ١٩٣٥- بقلّة الحديث والعمل الدؤوب فقط، لا يقدّم أي تنظيرات للمحيطين ولا يسمع صوته إلا قليلًا طيلة اللقاء، يندهش دوماً بتعليقه الذي لازمه ويعرفه الكثيرون: "لا يا شيخ؟ بجد؟!" غير أنه عرف عنه -حسب حديث للشاعر صبحي موسى- بأنه كان ملماً دائماً بكل صغيرة وكبيرة تحدث في الأوساط الثقافية، فجميع المعلومات تجدها في جعبته.
بعد أزمة رواية "وليمة لأعشاب البحر" التي صدرت ضمن سلسلة "آفاق عربية" التابعة لوزارة الثقافة المصرية، استقال أصلان من المجلة التي التي كان يترأسها في ذلك الوقت، واستمر كرئيس للقسم الأدبي بجريدة الحياة اللندنية فقط التي التحق بها في بداية التسعينيات، واستمر العمل فيها وحدها حتى بداية الألفية موعد الأزمة السابقة، قبل أن يجمع بين الجريدة وقصور الثقافة سوياً لفترة من حياته.
حصل أصلان على عدد من الجوائز، من بينها جائزة طه حسين من جامعة المنيا، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب، وجائزة "كفافيس" الدولية، وجائزة "ساويرس" في الرواية عام ٢٠٠٦، قبل وفاته بـ6 سنوات.
ومن أبرز أعماله كذلك "بحيرة المساء" و"خلوة الغلبان" و"حكايات من فضل الله عثمان" و"شيء من هذا القبيل" و"حجرتان وصالة".