أصغر رئيس في العالم يعيد لغز الرقم 34 لعرش بوركينا فاسو
عندما مرّت قافلة مدججة بالسلاح وسط حشد، في عاصمة بوركينا فاسو، الأحد الماضي، ظهر الوجه الصبياني لأحدث حاكم عسكري للبلاد.
إنه إبراهيم تراوريه، الذي أصبح أحدث ضابط يستولي على السلطة في انقلاب عسكري هو الثاني في غضون ثمانية أشهر، في إحدى المستعمرات الفرنسية السابقة بغرب أفريقيا.
فبعد يوم من عدم اليقين في العاصمة واغادوغو، أعلن حوالي 15 جنديا بينهم تراوريه، الجمعة الماضية، عن إقالة اللفتنانت كولونيل بول هنري داميبا، من منصبه كرئيس انتقالي للبلاد.
وبذلك يكون الرجل قد أطاح برفيقه السابق داميبا الذي جاء هو الآخر عبر انقلاب عسكري، في يناير/كانون الثاني الماضي، متهما إياه بالفشل في الوفاء بوعده بقمع الإرهاب الذي سيطر على بوركينا فاسو منذ عام 2015.
وهو أيضا أحد الضباط الشباب الذين أطاحوا بروش مارك كريستيان كابوري، في 24 يناير/كانون الثاني الماضي.
وكالعادة في غرب أفريقيا، كان وجه القائد الشاب إبراهيم تراوريه غير معروف قبل أن يستولي على السلطة، في بوركينا فاسو، لكن سرعان ما انتشرت صوره في شوارع واغادوغو.
فمن هو إبراهيم تراوريه؟
الشاب الذي يقال إنه كان صبيا خجولا لكنه ذكي في المدرسة، اقتفت "العين الإخبارية" بعضا من سيرته التي تناقلتها وسائل إعلام غربية وأفريقية بينها "أفريكان نيوز".
ولد عام 1988، وهو ما يجعل من كابتن يبلغ من العمر 34 عاما أصغر رئيس دولة في العالم قبل الرئيس التشيلي غابرييل بوريك، 36 عاما.
التحق بجامعة واغادوغو عام 2006، وتخرج على رأس فصله بشهادته في الجيولوجيا الأساسية والتطبيقية، وبعد ثلاث سنوات قرر الانضمام إلى القوات المسلحة في بوركينا فاسو.
وبانقلاب الجمعة، ينضم تراوريه إلى صفوف اثنين من قادة الانقلاب الآخرين في أفريقيا، هما العقيد الغيني مامادي دومبويا، المولود عام 1981، والعقيد المالي عاصمي غوتا (39 عاما).
وقال الرئيس الجديد للمسؤولين الحكوميين في بوركينا فاسو "أعلم أنني أصغر من معظمكم هنا. لم نرغب فيما حدث ولكن لم يكن لدينا أي خيار".
وخلال الفترة التي قضاها داميبا في الحكم شهدت بوركينا فاسو تصاعدا في الهجمات التي يشنها متشددون، بعضهم مرتبط بتنظيمي داعش والقاعدة، استولوا خلالها على مناطق ريفية وطوقوا بعض المدن.
ويقول مراقبون إن سيطرة إبراهيم تراوريه على الحكم يأتي في وقت تعاني فيه بوركينا فاسو من الافتقار إلى مؤسسات ديمقراطية قوية في بلد يهيمن فيه الجيش منذ فترة طويلة.
لكن تراوريه تعهد بتحسين الأمن في بلد يعيش في خوف من المتشددين الذين سيطروا على مساحات كبيرة من البلاد.
شاب في وجه الإرهاب
خدم إبراهيم تراوريه في قوة تابعة للأمم المتحدة، ووفق تقارير إعلامية "أظهر شجاعة" في مواجهة "هجوم معقد" شنه مسلحون عام 2018، في منطقة تمبكتو الشمالية، المشهورة بمبانيها التي يعود تاريخها إلى قرون.
وفي عام 2019 شارك لمدة سبعة أشهر في عملية عسكرية أُطلق عليها اسم Otapuanu في شرق بوركينا فاسو المضطرب.
كما خدم في مفرزة من ماركوي في منطقة شمال الساحل، وشارك في العديد من العمليات هناك.
والكابتن ليس جنرالا حربيا، بل هو نقيب درس أيضا في أكاديمية عسكرية محلية، والتحق بالجيش عام 2009 وتلقى تدريبات على المدفعية في المغرب، بحسب تقارير إعلامية.
"شركاء" المرحلة المقبلة
وبُعيد تملكه من زمام الأمور، أدلى الحاكم الجديد لبوركينا فاسو بتصريحات حملت رسائل للحليف والشريك في مرحلته القادمة.
وقال: "أعلم أن فرنسا لا تستطيع التدخل بشكل مباشر في شؤوننا.. الأمريكيون هم شركاؤنا الآن، وروسيا أيضا يمكن أن تكون شريكا".
تراوريه وسانكارا.. وجهان متشابهان في بوركينا فاسو
اختار مهنة عسكرية بعد أن أكمل تعليمه في مدينة بوبو ديولاسو، ببوركينا فاسو، مع تقارير وصفته بأنه "خجول ومتحفظ إلى حد ما" ولكنه أيضا "ذكي جدا".
شاب بكل هذه المواصفات، يجد نفسه اليوم في بؤرة الوهج الدولي، حيث ذهب البعض إلى حد التشابه بينه وبين توماس سانكارا "البطل القومي" الشهير في بوركينا فاسو.
فهل هو القدر الذي أمسك بسن الرابعة والثلاثين، الذي جمع إبراهيم تراوريه الرجل القوي الجديد لبوركينا فاسو، مع سانكارا الذي استولى على الحكم بانقلاب في منتصف الثمانينيات وهو في نفس العمر؟
وفي السوق الكبير في عاصمة بوركينا فاسو، تُعرض الآن صورة تراوريه، وهو يرتدي قبعة عسكرية حمراء على رأسه وزيه العسكري، جنبا إلى جنب مع صور سانكارا الذي اغتيل عام 1987.