الجليد يكشف دور أوروبا وأمريكا في زيادة التلوث خلال 1500 سنة
فريق دولي من الباحثين أخذ 13 عينة جليدية من باطن الأرض، لتحليل ما بها من آثار رصاص ومعرفة تاريخ نشأتها
يستخدم الباحثون عينات من الجليد يتم إخراجه من باطن الأرض في جزيرة جرينلاند ومنطقة القطب الشمالي المتجمد في روسيا، لإعادة تخيل التطور الاقتصادي في هذه المنطقة على مدى الـ1500 سنة الماضية.
ووجد الباحثون أن شوائب الرصاص الموجودة في الطبقات الجليدية، تبين آثار الطاعون والمجاعات والحروب.
ويصل الرصاص الذي تقل نسبته الطبيعية في البيئة جداً، منذ آلاف السنوات، للغلاف الجوي بفعل الإنسان، بدءاً من صك العملة المعدنية في روما القديمة، ووصولا لاحتراق الوقود الذي يحتوي على الرصاص.
وتتوزع هذه الانبعاثات بفعل تيارات الرياح، على أرجاء المعمورة، قبل أن تستقر في النهاية في أماكن مثل الطبقة الجليدية في جرينلاند، وأجزاء أخرى من منطقة القطب المتجمد الشمالي.
وهنا أخذ فريق دولي من الباحثين، تحت إشراف جوزيف ماكونيل، من معهد ديزرت للأبحاث في مدينة رينو الأمريكية، 13 عينة جليدية من باطن الأرض، لتحليل ما بها من آثار رصاص، ومعرفة تاريخ نشأتها.
وركز العلماء في دراستهم التي نشرت نتائجها في العدد الحالي من مجلة "بروسيدنجز" التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم، على الفترة بين عامي 500 و2010 بعد الميلاد، أي قبل فترة طويلة من العصور الوسطى، وحتى اليوم.
وتعتبر هذه الدراسة التي شارك فيه أيضاً باحثون من معهد ألفريد فيجنر الألماني للأبحاث القطبية وأبحاث البحار، حلقة أخرى ضمن سلسلة دراسات، لنفس المشرف العلمي، والذي قام بتحليل عينات جليدية للفترة بين عام 1100 وعام 800 بعد الميلاد.
وقال جوزيف ماكونيل، في بيان لمعهده عن الدراسة: "تبين دراستنا الجديدة التي اعتمدت على تحليل 13 عينة جليدية متسلسلة، بدلاً من الاعتماد على عينة واحدة، أن التلوث بالرصاص الذي كان منتشراً قبل الثورة الصناعية في جزء كبير من منطقة القطب المتجمد الشمالي، متشابه بشكل مفاجئ، وكان نتيجة للانبعاثات الأوروبية".
وأضاف الباحث في علم المياه: "تقدم لنا عينات الجليد، وبتفاصيل مذهلة، تسجيلاً مستمراً للانبعاثات الصناعية الأوروبية، ثم الأمريكية، على مدى الـ1500 سنة الماضية".
ووجد الباحثون أن ارتفاع نسبة تركيز الرصاص في العينات الجليدية، على صلة وثيقة بفترات التوسع في أوروبا، وصعود التقنيات الجديدة والرخاء الاقتصادي، ما يدل على استمرار ارتفاع التلوث الرصاصي في بدايات العصور الوسطى ونهايتها أي تقريبا في الفترة بين عام 800 وحتى عام 1300 بعد الميلاد، أي أنه كان هناك نمو اقتصادي واسع الانتشار، خاصة في منطقة وسط أوروبا، عندما تم الكشف عن مناطق تعدين جديدة في منطقة هارتس وجبال الخام في ألمانيا.
ورغم هذه التذبذبات فإن التلوث الرصاصي في منطقة القطب المتجمد الشمالي ارتفع أضعافاً مضاعفة إجمالا، خلال السنوات الـ1500 الماضية، حيث ازداد التلوث من العصور الوسطى وحتى ثمانينيات القرن الماضي، بواقع 250 إلى 300 ضعف.
ورغم تراجع هذا التلوث فيما بعد بنسبة 80%، وذلك منذ اعتماد إجراءات لحماية البيئة، مثل قانون الهواء النظيف الذي اعتمدته الولايات المتحدة عام 1970، أو بدء استخدام البنزين الخالي من الرصاص، إلا أن التلوث الرصاصي لا يزال أعلى 60 مرة مما كان عليه في بداية العصور الوسطى.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز