ماذا يعني قرار «العدل الدولية» حول رفح؟.. خبراء يجيبون «العين الإخبارية»
أمر صدر من محكمة العدل الدولية، اليوم الجمعة، لإسرائيل بوقف العمليات العسكرية في رفح، فماذا يعني؟
هذا هو السؤال الذي ربما يبحث عنه كثيرون، فقرار المحكمة إيجابي وجاء منصفا للشعب الفلسطيني، لكن الأهم من ذلك مدى التزام إسرائيل به، ودرجة إلزامه لها.
في هذا السياق، استطلعت "العين الإخبارية" آراء خبراء للوقوف على ما يعنيه قرار محكمة العدل الدولية، الذي كان موضع ترحيب فلسطيني وكذلك عربي.
- محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف العمليات العسكرية في رفح
- 15 شخصا يحاكمون إسرائيل.. من هم قضاة «العدل الدولية»؟
يقول الدكتور محمد مهران الخبير في القانون الدولي، لـ"العين الإخبارية"، إن الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية ملزم قانونا، ويجب تنفيذه فورا، وفقا للنظام الأساسي للمحكمة وميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح مهران أن المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن كل عضو بها يتعهد بأن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في أي قضية يكون طرفا فيها، وأن يتم تنفيذ أحكامها بحسن نية.
وأكمل أنه إذا امتنع أحد أطراف القضية عن تنفيذ الالتزامات الواقعة عليه بموجب حكم تصدره المحكمة، فإن للطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، والأخير إذا رأى ضرورة لذلك فإنه يقدم توصياته أو يصدر قرارا بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم.
الإشكالية هنا
الخبير في القانون الدولي، حذر من أن اللجوء إلى مجلس الأمن قد لا يكون مجديا في حالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بسبب استخدام الولايات المتحدة المتكرر لحق النقض (الفيتو) لمنع اتخاذ أي قرارات ملزمة ضد إسرائيل.
ويرى مهران أن على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل والولايات المتحدة، لضمان الامتثال لقرار المحكمة، عبر اتخاذ إجراءات عملية، كفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وفرض عزل دبلوماسي عليها، إلى جانب تكثيف الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني.
وأكدت المحكمة، اليوم، أنه يجب على إسرائيل وقف العمليات العسكرية في رفح جنوبي غزة، وضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، مؤكدة كذلك ضرورة إطلاق سراح الرهائن لدى الفصائل الفلسطينية فورا دون أي شروط.
ويتفق مع الرأي السابق محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، إذ قال إن ما صدر عن المحكمة قرار تاريخي لصالح فلسطين وشعبها، وهو بطبيعة الحال ملزم لكل الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية الـ153.
لكن الشريف، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، يرى أن المحكمة لا تملك أدوات لإلزام الأطراف بتنفيذ قراراتها، وبالتالي تكون الحاجة هنا إلى مجلس الأمن الدولي، والأخير "كما نعلم" لن تصدر منه قرارات إدانة لإسرائيل، بسبب "الفيتو الأمريكي".
أهمية سياسية
على الرغم من ذلك، يؤكد الخبير السياسي أنه يجب ألا يتم التقليل من قيمة القرار، لأنه بشكل أو آخر يصدّر ضغطا سياسيا كبيرا على إسرائيل، في إطار الجهود المتواصلة لحضها على وقف إطلاق النار.
وقد ذكرت المحكمة إسرائيل بضرورة تطبيق التدابير الاحترازية التي طلبتها الأولى، مؤكدة أن الوضع في رفح جنوب قطاع غزة يتفاقم، كما أن الوضع في غزة بصفة عامة كارثي.
ولفتت إلى أن استمرار الهجوم البري الإسرائيلي على رفح تسبب في موجة نزوح أخرى.
قرار ملزم
بدوره، أكد الدكتور مجيد بودن، أستاذ القانون الدولي، أن الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية، والذي يلزم إسرائيل بوقف اجتياحها لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بأغلبية ثلاثة عشر صوتا مقابل صوتين ملزم جدا ولا يمكن لأحد الاعتراض عليه وعدم تنفيذه.
وأضاف بودن، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن قرار المحكمة ملزم لإسرائيل بتنفيذه ولا يحق لها الاعتراض عليه، مشيرا إلى أنه في حال عدم الاستجابة والتنفيذ وخرق القانون الدولي يجب معاقبتها وإجبارها من مجلس الأمن.
وشدد على أن مجلس الأمن ليس له الحق في الاعتراض على القرار أو حتى تعطيله وكذلك عدم وجود هيئة دولية أو محلية تستطيع الاعتراض، لافتا إلى أن يجب على جميع الدول إجبار إسرائيل على التنفيذ وحماية الشعب الفلسطيني لأن هذا القرار فوري واستعجالي.
وبين أنه بموجب القرار أيضا يجب أن تسعى جميع الدول المشاركة في المحكمة بحماية البنية التحتية والمواطنين من جرائم القتل والعودة للحياة الطبيعة، مشيرا إلى أن هذه التدابير تتسق مع أحكام القانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب، والتي تحظر على سلطة الاحتلال المساس بالحقوق الأساسية للسكان، وتلزمها بتأمين الخدمات الطبية والإمدادات الغذائية والإغاثية، وفقاً للمواد من 55 إلى 60 من الاتفاقية.
القرار أحرج إسرائيل
من جانبه، أكد أستاذ القانون الدولي بجامعة القدس، الدكتور أمجد شهاب، أن الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية، جاء بعد فشل العالم بإدخال المساعدات إلى قطاع رفح وغزة مع خطورة الوضع الإنساني والصحي.
وأضاف شهاب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن المحكمة لا تمتلك أدوات تنفيذ إنما تعتمد على الدول الموقعة على ميثاق محكمة العدل الدولية، ويمكن حسب ميثاق الأمم المتحدة مطالبة بمجلس الأمن اتخاذ الإجراءات المناسبة لتنفيذ قرارات المحكمة تحت البند السابع وهذا مستبعد بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض الفيتو ضد أي قرار عسكري أو سياسي أو عقوبات اقتصادية ضد إسرائيل.
وشدد على أن القرار أحرج إسرائيل ويضعها في مأزق حقيقي بشكل مباشر خاصة أنها تعمل على الالتفاف على القانون والحكم الذي صدر في يناير الماضي ولم تلتزم به، متابعا أن إسرائيل سوف تعمل على زيادة العمليات العسكرية كرد على الحكم.
وأوضح أن الآن الكرة في ملعب الدول الموقعة على ميثاق المحكمة وضرورة إجبار إسرائيل على تنفيذ القرار، مضيفا أنه أمام إسرائيل فقط الموافقة على القرار أو رفضه مما يزيد من الضغط عليها.
وأشار إلى أن القرار جاء بالتوافق مع الرأي الأمريكي الرافض لعملية رفح والخوف من مزيد من الانتهاكات الإنسانية، لافتا إلى أن القرارات "تخنق" إسرائيل خارجيًا وداخليًا، في ظل الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للموافقة على صفقة مع حركة حماس.
أستاذ القانون الدولي بجامعة القدس، اختتم حديثه، قائلا إن المؤسسات الأممية في امتحان مفصلي لم تشهده في أي نزاعات دولية.
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNjEg جزيرة ام اند امز