شواهد عديدة تتخلل الزيارات المتبادلة بين قادة الإمارات وإندونيسيا تحمل الكثير من المعاني ودلالات حول قوة علاقات البلدين.
شواهد يسعى عبرها قادة البلدين للتعبير عن الامتنان والتقدير والمحبة التي يكنها كل منهما لشعبي البلدين، ليصل أثرها مباشرة للقلوب، ويظل صداها خالدا في وجدان شعبي البلدين، وأثرها باقيا على أرض الواقع كأيقونات ومعالم محبة وأخوة.
ومع زيارة الدولة التي يجريها الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو إلى الإمارات اليوم الثلاثاء، ويجري خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات تتناول تطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، يستذكر شعبا البلدين أبرز تلك المعالم والأيقونات.
جامع الشيخ زايد الكبير
يأتي على رأس المعالم والأيقونات، جامع الشيخ زايد الكبير في مدينة سولو في جمهورية إندونيسيا، الذي افتتحه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات يرافقه الرئيس جوكو ويدودو خلال زيارته لإندونيسيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ويعد الجامع نسخة مماثلة لجامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، مع إضافة بعض التصاميم والزخارف التقليدية الإندونيسية واستخدام المواد المحلية.
ويستوعب المسجد 10 آلاف مصل ويحتوي على 56 قبة و4 مآذن بجانب 32 عموداً في منطقة الصلاة الرئيسية.
وعبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – خلال افتتاحه - عن سعادته واعتزازه بافتتاحه، مشيرا إلى أن وجوده "يجسد خصوصية العلاقات التي تجمع البلدين والحرص على أن نترك لأحفادنا شواهد على عمق هذه العلاقات"، وبين أن الشيخ زايد " رحمه الله " كان محباً لإندونيسيا وشعبها وقام بزيارة تاريخية لها خلال عام 1990.
وقال إن هذا المسجد يعداً تجسيداً لما يجمع البلدين من تعاون في نشر رسالة الإسلام الصحيحة التي تدعو إلى السلام والبناء والتنمية.
ويجسد جامع الشيخ زايد الكبير في مدينة سولو الذي تم تشييده بمكرمة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عمق الروابط القوية والوثيقة الممتدة عبر التاريخ بين البلدين ويعد رمزا لعلاقات الصداقة والتعاون بينهما.
ومنذ افتتاحه أضحى هذا المشروع الضخم وجهة من الوجهات الرئيسية لزيارة المدينة الإندونيسية والذي يعد أيقونة استثنائية تمثل بديع فنون العمارة الإسلامية التي تجلت في جميع زوايا الجامع، كما يقوم بأدوار رائدة على مختلف الأصعدة الدينية والمجتمعية والخيرية والإنسانية.
شجرة الصداقة
وقبيل زيارة 2022، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارة لجاكرتا في 24 يوليو/تموز 2019، قام خلالها برفقة الرئيس الإندونيسي بغرس شجرة في قصر بوغور الرئاسي للدلالة على عمق وتجذر العلاقات بين البلدين .
وتعد زراعة الأشجار في حديقة القصر الرئاسي عادة متبعة مع الرؤساء وكبار الضيوف حيث تعبر عن الصداقة القوية بين إندونيسيا ودول العالم، وتوضع لوحة يكتب عليها تاريخ زرع الشجرة والشخصية التي غرست تلك الشجرة.
ويطلق على الشجرة التي تم غرسها "شجرة دامار" وهي نوع من أنواع الصنوبريات وأصلها إندونيسي وتنتشر في جزيرتي مالوكو وسولاويسي واشتهرت هذه الشجرة باستخراج عصاراتها واستخدامها لإنتاج الصمغ، وتعتبر من الأشجار الضخمة ويصل ارتفاعها إلى 65 متراً، ويبلغ حجم ساقها 1.5 متر.
وتم خلال الزيارة توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تتجاوز 9.7 مليار دولار عقب جلسة مباحثات رسمية، وحظي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان باحتفاء رسمي وشعبي لافت منذ وصوله إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا.
المباحثات التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في قصر بوغور الرئاسي عكست بشكل واضح حرص قيادتي البلدين على الارتقاء بمسار هذه العلاقات، وتوسيع آفاق ومجالات التعاون والعمل المشترك بينهما في مختلف المجالات.
كما أظهرت أيضا توافق رؤى الدولتين فيما يتعلق بمحاربة آفتي التطرف والإرهاب، والعمل معا على ترسيخ ونشر قيم التسامح، وضرورة مضاعفة المجتمع الدولي جهوده لتحقيق السلام والأمن في المنطقة والعالم.
وأكد الجانبان حرص دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا على توسيع آفاق ومجالات التعاون والعمل المشترك بينهما.
طريق محمد بن زايد
وإضافة إلى جامع الشيخ زايد الكبير وشجرة الصداقة، يزين اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أطول شارع علوي معلق في إندونيسيا.
وكان الرئيس جوكو ويدودو قد وجه في 12 أبريل/نيسان 2021 بإطلاق اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على شارع رئيسي في إندونيسيا، وذلك تقديرا للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفي إطار العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين.
يعتبر "شارع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان" من الشوارع الاستراتيجية والهامة في إندونيسيا ويبلغ طوله 37 كلم، وتم افتتاحه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 من قبل الرئيس الإندونيسي، ويعد أطول شارع علوي معلق في إندونيسيا، وأطول طريق سريع معلق مزدوج في جنوب شرق آسيا، ويربط العاصمة جاكرتا بأهم المدن والمناطق السياحية والاقتصادية الحيوية في باندونغ وبكاسي وكروانغ بإقليم جاوا الغربية، علاوة على كونه جزءا من الطريق السريع الذي يستغل لحركة الناس والبضائع بين العاصمة الإندونيسية وإقليمي جاوا الوسطى وجاوا الغربية.
مسجد وشارع ويدودو
أيضا يوجد في دولة الإمارات مسجد وشارع يحملان اسم الرئيس الإندونيسي.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد وجه في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ببناء مسجد في حي السفارات في أبوظبي يحمل اسم الرئيس جوكو ويدودو، وإطلاق اسمه على شارع المعارض "سابقا" أحد أهم شوارع العاصمة أبوظبي وذلك تقديراً لصداقته المتينة مع دولة الإمارات ولجهوده في توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتم تدشين الشارع يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تزامنا مع ذكرى توليه حكم بلاده.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، افتتحت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات جامع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في منطقة السفارات بمدينة أبوظبي الذي يتسع لـ 2500 مصلٍ، وذلك بحضور سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية.
وأكد المزروعي أن جامع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في العاصمة أبوظبي يجسد عمق العلاقة التي تجمع البلدين الصديقين ويؤكد على دور دولة الإمارات في نشر رسالة الإسلام التي تدعو إلى التسامح والاعتدال والسلام والتنمية.
وبني الجامع على الطراز الحديث الممزوج بفنون العمارة الإسلامية والتراثية المحلية والتي أصبحت سمات مميزة لمعظم الجوامع الجديدة في إمارة أبوظبي، وقد استخدم في واجهات الجامع الحجر والزجاج مع أشكال تضفي جمالية عمرانية، وجهز بأحدث تقنية الصوت والتكييف والإضاءة وهو مطابق لأعلى مواصفات الاستدامة العالمية متماشيا مع سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة في الحد من تغير المناخ.
مركز أبحاث
أيضا هناك العديد من الشواهد، التي تجسد علاقات الأخوة والمحبة بين البلدين، وتحقق أهدافا تصب في خدمة البشرية بشكل عام، ويرتقب أن ترى تلك الشواهد النور قريبا، بعد أن تم وضع حجر أساسها مؤخرا.
ضمن أحدث تلك الشواهد، أعلنت دولة الإمارات 21 مايو/أيار الماضي، وضع حجر الأساس لمشروع "مركز محمد بن زايد – جوكو ويدودو" لأبحاث القرم بالتعاون مع جمهورية إندونيسيا وذلك بجزيرة بالي الإندونيسية .
جاء المشروع ثمرة التزام دولة الإمارات بتقديم 10 ملايين دولار لتعزيز الجهود العالمية لتنمية القرم، التي تعد من أهم الحلول الحيوية القائمة على الطبيعة في مواجهة التغيرات المناخية وحماية النظم البيئية الساحلية.
ويمثل مركز "محمد بن زايد - جوكو ويدودو" أحد أهم إسهامات دولة الإمارات في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية في العالم وحماية كوكب الأرض من آثار التغيرات المناخية ويجسد متانة الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وإندونيسيا في العديد من المجالات الحيوية وأهمها دفع منظومة التنمية المستدامة وتوحيد الجهود لخلق مستقبل مستدام للدولتين.
ويقام مركز (محمد بن زايد - جوكو ويدودو) على مساحة 2.5 هكتار حيث ستتوفر البنى التحتية الداعمة بما في ذلك الطرق والكهرباء والمياه، وسيكون داخل متنزه الغابات الكبرى "نغوراه راي" في مقاطعة بالي الإندونيسية وهو متنزه يتميز بتنوعه البيولوجي الفريد ويمتد على مساحة 1.158.44 هكتار من نظم أشجار القرم البيئية حول خليج بينوا.
ويستهدف مركز (محمد بن زايد - جوكو ويدودو) إجراء مزيد من الأبحاث في زراعة أشجار القرم وتعزيز دورها بوصفها خزانات طبيعية للكربون ومواجهة التغيرات المناخية وتعزيز البيئات الطبيعية الساحلية وازدهار التنوع البيولوجي وسيعمل على تعزيز تبادل المعرفة في مجال تنمية أشجار القرم مع مختلف الدول من أجل تعويض خسارة العالم من هذا النوع المهم من الأشجار للنظم البيئية.
وأُعلن عن إنشاء مركز لأبحاث القرم أول مرة خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي استضافته دولة الإمارات خلال العام الماضي، وشارك في افتتاحه الرئيس الإندونيسي.
كلية محمد بن زايد
أيضا شهد جوكو ويدودو، وسهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي في فبراير/شباط الماضي مراسم وضع حجر الأساس لـ"كلية محمد بن زايد للدراسات المستقبلية" في يوجياكارت بجزيرة جاوا الإندونيسية، والتي يتم إنشاؤها بالتعاون بين جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية وجامعة نهضة العلماء في إندونيسيا.
ويأتي إنشاء الكلية ضمن جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، لتعزيز فرص التعليم العالي في مجال الدراسات المستقبلية والعلوم الإنسانية وغيرها من العلوم، وإدماج منظومة القيم الحضارية المتمثلة في التسامح والتعايش واحترام الآخر والاستدامة والحفاظ على الطبيعة وحماية البيئة في نطاق الدراسات المستقبلية، ودعم مسيرة التنمية والتطوير والبحث العلمي لدى الجامعتين وتوثيق الروابط العلمية والثقافية بينهما.
وأعرب ويدودو في كلمة له بهذه المناسبة عن بالغ شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مثمنا إطلاق مشروع "كلية محمد بن زايد للدراسات المستقبلية" في مدينة يوجياكارت بالشراكة مع جامعة نهضة العلماء وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية".
وأكد أن هذا المشروع يحمل دلالات تعبر عن عمق العلاقات التي تجمع البلدين والرسائل المشتركة التي يحملانها لإبراز الصورة الصحيحة والسمحة للدين الحنيف، مشيرا إلى أنها ستضطلع بأدوار علمية وبحثية حيوية، ومعالجة القضايا المعاصرة من خلال نهج مبتكر، كما ستدعم المسعى المشترك بين البلدين لرعاية المواهب القادرة على المنافسة عالميا، وتزويدها بالمعرفة والمهرات ذات الصلة.
مستشفى الإمارات
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقّعت دولة الإمارات ، ممثلة بوزارة الخارجية، اتفاقية تعاون مع حكومة جمهورية إندونيسيا ممثلة بوزارة الصحة تتعلّق ببناء "مستشفى الإمارات - إندونيسيا لأمراض القلب" في سولو تكنو بارك بمدينة سوراكارتا (جاوا الوسطى).
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز النهوض بالقطاع الصحي في جمهورية إندونيسيا من خلال بناء مستشفى الإمارات - إندونيسيا لأمراض القلب بسعة 100 سرير بتمويل من حكومة دولة الإمارات.