بدأت لعبة الصفقات تلك مع الصفقة الأولى التي أبرمها أردوغان مع الروس على الساحة السورية في خضم النزاع المسلح المحتدم.
كان وما زال أردوغان يعتمد وسيلة الصفقات السياسية ظنا منه أنه يتقن هذا الفن في البحث عن ورقة رابحة أو مكسب يخرج به من كعكة السياسة الدولية وأكثر ما يتبلور هذا الأسلوب الأردوغاني على الساحة السورية ليتحوّل بها (السلطان) إلى "ماتروشكا" تلك اللعبة الروسية الشعبية المؤلفة من ثلاث دمى متشابهة تفتح أُولاها لتجد بداخلها دمية نفسها بحجم أصغر فتفتح الثانية لتجد ثالثة أكثر صغرا في إشارة واضحة إلى أنك لن تجد جديدا سوى أنك ستفقد حجمك وقوتك شيئا فشيئا وهذا ما حدث مع أردوغان في تعاطيه مع السياسة الدولية مع الدول الكبرى مثل روسيا.
قرار تركي واجهته السياسة الدولية ومن قبلها المواقف العربية الرسمية وبشدة ترقى لمستوى التحذير والتهديد؛ الأمر الذي دفع بأردوغان إلى استجداء الصفقات السياسية مع الجانب الروسي.
وقد بدأت لعبة الصفقات تلك مع الصفقة الأولى التي أبرمها أردوغان مع الروس على الساحة السورية في خضم النزاع المسلح المحتدم بين الفرقاء السوريين الذين تتجاذبهم الأجندات الخارجية والمصالح الدولية المحكومة بانتهاز الدماء السورية لتحقيق المكاسب على حساب السوريين بشعارات براقة بدءا بتحرير الإنسان وانتهاءً بنصرة الدين على حد زعم المؤججين لهذا الصراع الدامي.
واقعٌ ركب موجته الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الذي صدع رؤوس السوريين بالدعم والمساندة والعمل على تحقيق مطالبهم العادلة مهما كلف الأمر, شعارات لم تحتَج إلى الكثير من الوقت لينبلج الضوء عن زيفها ودناءتها المتمثلة بالصفقات التي أبرمها على حساب الدم السوري في لعبة سياسية لم يكن الخاسر منها الشعب السوري فقط الذي يعد الخاسر الأكبر بل إنها صفقات كشفت عن مدى وهن السياسة الأردوغانية وصاحبها الذي لم يكن سوى "ماتروشكا"؛ ففي الصفقة الأولى المتمثلة بصفقة مناطق خفض التصعيد مقابل حصوله والمليشيات الموالية له على حلب كانت صفعةً موجعة لأردوغان فسرعان ما اقتنص الجيش السوري النظامي بمساعدة الروس "حلب" من مخالب أردوغان الذي بات بعدها يبحث عن إدلب التي أُوهم أنه سيحصل عليها إن ترك "حلب" فتراجع عن جبهاتها ساحباً معه كل الفصائل الموالية له ليُترك عدة أشهر مزهواً بحصوله على "إدلب" التي عادت جبهتها للاشتعال لتتآكل شيئا فشيئا لصالح القوات النظامية؛ الأمر الذي بدأ يتحسسه أردوغان بعد أن شعر بإفلاسه من الأرض السورية التي تحكمها سياسات وألاعيب دولية لا يمكن لأنقرة أن تكون جزءاً منها نظراً لحجم اللاعبين على ميدانها فتوجه بأنظاره إلى المغرب العربي وتحديداً إلى "طرابلس" مع نيته اقتحام الأرض الليبية بحجة دعم شرعية "الوفاق" التي باتت على حافة السقوط؛ قرار تركي واجهته السياسة الدولية ومن قبلها المواقف العربية الرسمية وبشدة ترقى لمستوى التحذير والتهديد؛ الأمر الذي دفع بأردوغان إلى استجداء الصفقات السياسية مع الجانب الروسي إذ كان اللقاء الأخير منذ يومين بين "أردوغان" و"بوتين" في إسطنبول والذي من المنطقي أن تكون القضية السورية هي عنوانه بوابة ليقحم "أردوغان" الملف الليبي الذي تكرر على لسانه لمرات عدة بطريقة توحي بأنه يخطط لصفقة أخرى من صفقاته الرعناء والتي من المحتمل أن تكون استبداله طرابلس بإدلب لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار تلك التحركات السريعة بنقله عددا كبيرا من مقاتلي الفصائل السورية المعارضة والتي تدين بالولاء المطلق لأنقرة من جبهات القتال السورية ونضالها من أجل حرية سوريا والسوريين على حد زعمها للقتال في ليبيا ضد القوات الليبية بقيادة "حفتر".
ولكن هذه الخطوة في ظل الرفض الدولي الشديد للتدخل التركي السافر في ليبيا والعمل على خلط الأوراق وتحويل الميدان الليبي إلى ساحة صراعات دولية وأجندات خارجية تحرك الرايات المتصارعة هناك ليست إلا محاولة يائسة للحصول على صفقة جديدة من لاعب ماهر يعرف تماماً كيف يلعب على وتر الأحلام الأردوغانية، فروسيا هي عراب تلك الصفقات التي لطالما أفلس منها أردوغان والتي لم يكن فيها إلا ماتروشكا روسية تصغر شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى حجمه الطبيعي ليعود إلى الصندوق من جديد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة