لعبة القط والفأر.. العمالة الأجنبية غير الشرعية صداع في رأس العراق

تتحرك الحكومة العراقية على قدم وساق من أجل تنظيم العمالة الأجنبية غير الشرعية في البلاد، الذين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف من الأشخاص.
تشير التقديرات الحكومية إلى أن معظم العمالة الأجنبية غير الشرعية في العراق تأتي غالبيتهم من سوريا وباكستان وبنغلاديش، إذ يدخلون البلاد دون تصاريح.
وتقول البيانات الرسمية التي نقلتها وكالة الأنباء العراقية إن العمال الأجانب الذين يحملون تصاريح رسمية في البلاد، يُقدّر عددهم بما يزيد على 40 ألفا.
وتسعى السلطات في العراق -إذ يسود استقرار نسبي بعد عقود من الصراعات- إلى تنظيم توافد العمال الأجانب في بلد يعتمد اقتصاده بشكل أساسي على الموارد النفطية دون منافس آخر، لغياب التنوّع في الموارد المهمة.
وفقا لـ"فرانس برس"، يقيم رامي (اسم مستعار) البالغ 27 عاما، منذ سبعة أعوام في العراق، ويعمل من العاشرة صباحا حتى الثانية فجرا في مطعم وجبات سريعة في كربلاء.
ويقول "أتجنب قوات الأمن ونقاط التفتيش"، مضيفا "خوفي الأكبر هو الترحيل إلى سوريا".
وحال رامي حال أجانب كثر يعملون في مطاعم أو في أماكن أخرى في العراق ويخشون الملاحقة القانونية.
ويؤكد صاحب مطعم في بغداد أن الأمر أصبح يشبه لعبة القط والفأر، إذ يختبئ جزء من عمّاله عند وصول المفتشين، كونهم ليسوا جميعا مسجّلين لأن الرسوم باهظة، وفق قوله.
وتسلّل عدد كبير من هؤلاء العمال ضمن حشود من الزوار قدموا إلى العراق خلال مناسبات دينية ثم استقرّوا في البلد، وفق السلطات.
في نهاية يوليو/تموز الماضي، أكّد وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي في بيان أن وزارته تتحقّق من "أنباء" حول "تسرّب نحو 50 ألف وافد باكستاني للعمل بشكل غير قانوني في العراق".
وإذ تلاحق السلطات عمالا غير شرعيين وتعمل على ترحيلهم، كشفت وزارة الداخلية منتصف نوفمبر/تشرين الثاني عن حملة تهدف إلى "تكييف الوضع القانوني" للعمال الأجانب من "السوريين والبنغلادشيين والباكستانيين".
وتفتح هذه الحملة مجالا لتقديم طلبات عبر الإنترنت حتى 25 ديسمبر/كانون الأول.
وهدّدت الوزارة تزامنا باتخاذ إجراءات قانونية "مشدّدة" ضد كل من يتورط في وصول أو توظيف العمالة الأجنبية غير الشرعية.
ويحدّد قانون العمل العراقي سقفا لنسبة اليد العاملة الأجنبية المسموح بها لأي شركة، بـ50%. وتسعى السلطات إلى خفض هذه النسبة إلى 30%.
ويقول المتحدث باسم وزارة العمل نجم العقابي لوكالة فرانس برس "اليوم لا نسمح بدخول غير العامل المتمتّع بمهارات غير موجودة في البلاد".
ويمثّل هذا الملف مسألة شائكة مع تواصل هيمنة العمالة الأجنبية على قطاع النفط والغاز منذ عقدين، في وقت تسعى الحكومة لإرضاء الطبقة العاملة العراقية من خلال زيادة عدد الوظائف المخصصة لها.
ويوضح العقابي "لدينا شركات استثمارية متعاقدة مع الدولة" طلبت منها السلطات خفض "العمالة الأجنبية إلى 30% فقط".
ويؤكد أن مثل هذه الخطوة "تصب في مصلحة العمالة الوطنية"، مشيرا إلى أن ما لا يقل عن 1.6 مليون عراقي يبحثون عن العمل.
رغم ذلك، يرى العقابي أن من حق كل أسرة عراقية الاستعانة بعامل منزلي أجنبي لكونه "لا ينافس" العامل العراقي.
استقدام عاملات منزليات
في بغداد، تعمل إحدى الشركات الخاصة منذ 2021 على استقدام عاملات منزليات من غانا وإثيوبيا والنيجر.
ويقول موظف فيها طالبا عدم الكشف عن هويته إن الطلب على العاملات المنزليات يزداد، موضحا "كنّا نجلب 40 امرأة (في الماضي)، أمّا الآن فقد أصبح العدد 100 سنويا".
وتابع "تحسّن الوضع في العراق وزاد دخل الفرد العراقي وأصبح البيت العراقي يبحث عن الرفاهية وعمّن يساعده".
ويبلغ متوسط الراتب الشهري للعاملة المنزلية 350 ألف دينار عراقي (نحو 230 دولارا)، وفق قوله، غير أن السلطات زادت رسوم التسجيل خمسة أضعاف وبات الحصول على تصريح العمل يكلّف الآن نحو 800 دولار.
ويقدّر مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح بأن "نحو ملياري دولار" يتمّ تحويلها "سنويا" خارج البلاد من رواتب العمالة الأجنبية، الأمر الذي "يشكّل عبئا على ميزانية البلاد".
واستقبل العراق في عهد الرئيس السابق صدام حسين ملايين العمال المصريين والسوريين، الذين بقوا سنوات في البلاد قبل أن يغادروا على وقع متغيّرات سياسية وأمنية.
aXA6IDE4LjIyMi4yMjcuMjI3IA== جزيرة ام اند امز