96 منظمة تشن هجوما على اتفاقية ليبية إيطالية.. لماذا؟
بعد 5 سنوات من توقيع اتفاقية مثيرة للجدل بين إيطاليا وليبيا حول الهجرة، طالبت 96 منظمة متعددة الجنسيات بإلغائها، لآثارها "الكارثية".
فالاتفاقية التي وقعها رئيس الحكومة السابقة فايز السراج مع إيطاليا –لم تتم المصادقة عليها من البرلمان- في 2 فبراير/شباط 2017، حول الهجرة غير الشرعية، تتضمن بنوداً يراها حقوقيون، "مجحفة" في حق ليبيا، خاصة أنها ليست طرفاً في اتفاقية شؤون اللاجئين لسنة 1951 ولا البروتوكول الملحق بها لسنة 1967، وأنها غير ملزمة بأي التزام ترتبه تلك الاتفاقية.
وطالبت 96 منظمة إيطالية وليبية وأفريقية وأوروبية، بينها مركز مدافع لحقوق الإنسان، في بيان صادر عنها اليوم، بالإلغاء الفوري لمذكرة التفاهم الإيطالية – الليبية، موجهة نداءات إلى الحكومة الليبية وإلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وإلى المنظمة الدولية للهجرة.
و"مركز مدافع" منظمة مستقلة غير حكومية تأسست في فرنسا عام 2016، بهدف تعزيز حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان والإعلاميين والنشطاء والمهمشين، وتسعى لتحليل الصعوبات والمخاطر التي تواجه تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان في المنطقة والمشاركة في حوار بين الثقافات.
حماية غائبة
وقالت المنظمات الـ96 إن النظام الذي تأسس بناء على مذكرة التفاهم الإيطالية - الليبية لم يؤد إلى أي تحسينات ملموسة في الأوضاع الليبية، بل أظهر بجلاء استحالة تأمين حصول المهاجرين في ليبيا بفعالية على أي نوع من أنواع الحماية.
اتفاقية الهجرة بين السراج وإيطاليا.. 4 سنوات من "الاتجار بالبشر"
واستدلت المنظمات على استنتاجها، بالحملة التي شنتها الحكومة الليبية مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحق مواطنين أجانب في العديد من أحياء العاصمة طرابلس، وشملت أشخاصًا تم تسجيلهم من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكذلك أشخاصًا يمرون بأوضاع هشة وخطرة، مثل القصر والنساء الحوامل.
وأشارت إلى أنه بعد اعتقالهم، وضعوا في مراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية الليبية، حيث تعرضوا هناك لسوء المعاملة والتعذيب، بالإضافة إلى مقتل وإصابة البعض منهم بأعيرة نارية.
رحلات الإجلاء
وأشارت المنظمات إلى أن مفوضية اللاجئين في ليبيا، اعترفت في وقت سابق بأنها لا تستطيع ضمان توفير أي شكل من أشكال السلامة والحماية اللاجئين والمهاجرين عند عودتهم إلى المجمعات الليبية، لكن فقط العمل على إعادة فتح رحلات الإجلاء.
إلا أن استراتيجية فتح رحلات الإجلاء اعتبرتها المنظمات الـ96 غير كافية أو مناسبة، فـ"العديد من أفرع الحكومة بمستوياتها المختلفة تتورط بالمشاركة المباشرة في هذه السلسلة من الإساءات والاستغلال للمهاجرين"، بحسب البيان.
3 مراحل
ولفتت إلى أن مثل هذه الانتهاكات ليست عرضية، بل تندرج ضمن نموذج يتم العمل على أساسه - وعرفه البعض باعتباره نموذجا للعمل التجاري بكل ما تحمله الكلمة من معان - يتألف من المراحل التالية؛ أولاها عملية اعتراض المهاجرين في البحر من قبل ما تسمى بقوات خفر السواحل الليبية، والتي تتبع في أعمالها المناورات والأساليب المحفوفة بالكثير من المخاطر.
ثاني تلك المراحل اقتياد المهاجرين واعادتهم إلى ليبيا واحتجازهم في مراكز تديرها مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية بوزارة الداخلية أو بيعهم إلى جماعات إجرامية، فيما جاءت المرحلة الثالثة بتعريض المهاجرين للتعذيب وسوء المعاملة بغرض ابتزازهم ماليا أو استغلالهم بقصد "جني الأرباح" في أشكال مختلفة.
عرقلة المغادرة
وأكدت أن مذكرة التفاهم الإيطالية الليبية ترتب عليها "عرقلة الحركة المغادرة"، فقد فاقمت أوضاع المهاجرين المقيمين في هذا البلد عبر زيادتها وهيكلتها للعديد من نماذج الاستغلال التي بات المهاجرون عرضة لها في ليبيا.
وأشارت إلى أن الغاية المستهدفة من مذكرة التفاهم الإيطالية الليبية ألا وهي ضمان أمن المهاجرين وتوفير الظروف الكريمة لهم، لم تتحقق أبدا، بالإضافة إلى أنها "استغلت" لتبرير سياسات منع المهاجرين.
وفي محاولة للتخفيف من أزمات المهاجرين، طفت إلى السطح تدابير مناسبة للتخفيف من المخاطر والأضرار الناجمة عن التمويل الإيطالي للسلطات الليبية، كما أن هذا النهج يهدد كذلك بتقويض استقلالية المنظمات الدولية من خلال إسنادها دورا ثانويا تابعا يأتي في المقام التالي لسياسات مكافحة الهجرة إلى أوروبا، وبالتالي، ينزع عنها حيادها فيما يتعلق بالإشكاليات التي تمت الإشارة إليها فيما سبق وهو ما يقوض البنية والنظام برمته الذي وضعت معالمه مذكرة التفاهم.
تسهيل الاستغلال
وأكدت المنظمات على أن مذكرة التفاهم الإيطالية - الليبية "تقوم بتسهيل هيكلة وتأطير نماذج الاستغلال والاستعباد التي يرتكب في إطارها عنف وانتهاكات بطريقة منهجية ترقى إلى مراتب الجرائم ضد الإنسانية"، بحسب البيان.
وأشارت إلى أن القدرة الفعلية للمنظمات الدولية على حماية المهاجرين وطالبي اللجوء في ظل هذه الأوضاع تعد محدودة للغاية وتابعة للخيارات التي تعتمدها السلطات الليبية.
aXA6IDE4LjIyMS4xOTIuMjQ4IA== جزيرة ام اند امز