تحولت إلى حالة عالمية فريدة في الملاكمة النسائية، تجاهلت كل الانتقادات التي وصلت إلى حد التنمر وصنعت التاريخ في أولمبياد باريس 2024.
إيمان خليف الجزائرية صاحبة الـ25 عاماً التي باتت أول ملاكمة في تاريخ بلادها تحقق ميدالية في رياضة الملاكمة في دورة الألعاب الأولمبية.
رحلة كفاح طويلة لإيمان خليف وصولاً إلى باريس حيث تأهلت إلى نصف النهائي منافسات وزن 66 كغم، لتضمن ميدالية لكن بالتأكيد لن تتوقف أحلامها عند ذلك الحد، حيث ستبحث عن الذهبية التاريخية.
وستلعب خليف في نصف النهائي في ساعة من متأخرة من اليوم الثلاثاء أمام التايلاندية جانجيم سوانافينغ
فكيف كانت هذه الرحلة؟.. "العين الرياضية" التقت مع أقارب لإيمان، حيث تحدثوا عن رحلة صعودها من قرية نائية إلى المجد الأولمبي والتي تستحق أن تتحول لفيلم سينمائي جميل.
إيمان خليف بطلة ولدت من رحم المعاناة
رشيد زوج عمة إيمان يقول إن دخولها عالم الملاكمة لم يكن سهلاً حيث واجهت ظروف مجتمعية صعبة لكنها استطاعت التغلب عليها، قائلا: "كما يعلم الجميع، ولدت إيمان في بيئة صعبة حيث إن مسقط رأسها في قرية بني مصباح التي تبعد 11 كم عن مقر المدينة".
وتابع: "تم اكتشاف موهبة إيمان من قبل أحد الناشطين في جمعية الحماية المدنية قائد حمد في المدينة، وقام رئيس النادي بمتابعتها ووافق على إدماجها في الجمعية".
وأضاف: "حصلت بعدها بعض المشاكل بسبب بعد المسافة بين مسقط رأسها ووصولها بشكل مستمر متأخرة للتدريبات".
وواصل: "اتصل بي بعدها المدرب وأعرب لي عن مخاوف والدها من مسألة تدربها في المساء بسبب غياب وسائل النقل التي لا تسمح لها بالعودة إلى منزلها سريعاً، أيضاً، فإن إيمان كذلك فكرت بالاعتزال بسبب عدم قدرتها على التوفيق بين دراستها في معهد الرائد زبير وممارسة نشاطها الرياضي".
وأوضح: "ذهبنا للتحدث مع والدها من أجل إقناعه بالسماح لها بمواصلة ممارسة الملاكمة، إيمان كانت مترددة للغاية وكانت تنوي التوقف عن ممارسة الملاكمة وقمت بتهديدها بعدم السماح لها مستقبلا بالدخول للقاعة في صورة الرضوخ لضغوطات والدها".
وواصل بالقول: "وهنا أعلمناه بأن هذه المشكلة قد حلت وسنتحمل مسؤوليتنا كاملة من أجل توفير أفضل الظروف لها من نقل وتدريبات وغيرها من الأمور الأخرى".
وبخوص التشكيك بأهليتها الجنسية، قال زوج عمة إيمان: "لا يمكن التشكيك في أنوثة إيمان خليف والدليل على ذلك أن معظم أفراد القرية لم يتقبلوا فكرة دخولها عالم الملاكمة، كنا نتوقع هذا التنمر وكل هذه المشاكل".
من بائعة خبز لمشروع بطل أولمبية
منير ابن عمة إيمان كشف عن بعض الأسرار التي رافقت بدايات الملاكمة الجزائرية وقصة كفاحها من أجل ممارسة رياضة الملاكمة.
يقول منير في هذا الصدد: "منذ نعومة أظافرها، إيمان كانت مولعة بممارسة الرياضة خاصة كرة القدم، كانت رياضية من الطراز الأول حيث برزت أيضا في العدو الريفي".
واستطرد: "الجميع كان يقول لها بإنها ستصبح بطلة لو اختارت ممارسة أحد الرياضات في أحد الجمعيات، الحمد لله، أكدت اليوم أنها بطلة والشعب الجزائري يتطلع لرؤيتها في أعلى المراتب".
وكشف أيضا: "إيمان كانت تملك عزيمة كبيرة حيث لم تتردد في إعانة عائلتها عبر بيع الخبز على قارعة الطرقات. كنت أساعدها في عدة مناسبات".
وختم حديثه قائلا: "كانت تتدبر مصاريف النقل من خلال بيع الخبز، وذلك لكي تتمكن من مواصلة التدرب في قاعة الرياضة المتواجدة في مركز المدينة".
شخصية قوية وعزيمة فولاذية
أما بسيع مصطفى وهو مدرب بنادي الحماية المدنية بولاية تيارت، وهو النادي الذي آمن بموهبة إيمان في بداياتها، فكشف عن جوانب من شخصيتها.
وعن ذلك، قال في هذا الصدد: "إيمان إنسانة مثابرة وتعشق مهنتها، وأبرز مثال على ذلك عدم توقفها عن التدريب في فترة جائحة كورونا التي عرفها العالم حيث عملت بكل جد في هذه القاعة طول فترة الحجر الصحي".
واستكمل: "نقطة التحول في مسيرة إيمان هي أولمبياد طوكيو إذ مثلت البذرة التي زرعتها قبل أن تسقيها في تركيا بفوزها بالميدالية الفضية لبطولة العالم 2022 ونتمنى أن تكون بطلة أولمبية هذه المرة".
وأضاف: "تبقى كل الأماني ممكنة بشأن إمكانية نجاحها في التأهل إلى نهائي الملاكمة وزن 66 كغم وتحقيق ذهبية تاريخية للجزائر والعرب".
وأتم: "أنا واثق من كون العراقيل التي وضعها الاتحاد الدولي للملاكمة في طريقها ستشكل حافزا لديها من أجل الفوز بالذهب الأولمبي".