"صدمة سلبية ضخمة".. إلى أين تقود الحرب الروسية الأوكرانية الأم "السمراء"؟
رغم أن معاناتها من تداعيات الجائحة لم تنتهِ، تتعرض القارة الأفريقية لضغوط استثنائية شديدة بفعل الأزمة وفقا لأحدث تقارير صندوق النقد.
حذّر صندوق النقد الدولي من "اضطرابات اجتماعية" في دول أفريقيا جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما يثير خشية من موجة "أعمال شغب بسبب الجوع".
ونبّهت المؤسسة ومقرها في واشنطن في تقرير إقليمي الخميس، من أن "المخاوف بشأن الأمن الغذائي زادت بشكل كبير" مع الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما فاقم "مخاطر الاضطرابات الاجتماعية" في البلدان الفقيرة.
وقال مدير قسم أفريقيا بصندوق النقد الدولي أبيبيه أميرو سيلاسي، في تصريحات عقب إصدار التقرير "نشعر بقلق بالغ إزاء الارتفاع الأخير في أسعار الغذاء والوقود" في القارة، مشيرا إلى مخاطر "الاحتجاجات الاجتماعية".
وأضاف أن الحرب الروسية في أوكرانيا تسببت في "صدمة سلبية ضخمة" أخرى لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء ودفع أسعار الغذاء والطاقة إلى الصعود وعرّض الفئات الأكثر تهديدا إلى خطر الجوع.
وذكر خلال مقابلة أن أزمة الأمن الغذائي فرضت ضغوطا على البلدان التي تعاني بالفعل من أزمة جائحة كوفيد-19 الممتدة واضطراب التعليم وخسارة الدخل ومشكلات الدّين الخطيرة.
وأكد أن هذا يُصعّب على تلك البلدان مكافحة آثار التضخم.
وتابع "هذه الصدمة تصيب خصوصا الأشد فقرا عبر زيادة أسعار المواد الغذائية والوقود والمواصلات بشكل عام".
الارتفاع المفاجئ في أسعار المواد الغذائية غير مسبوق، فقد بلغ مستوى مرتفعا جديدا في مارس/آذار الماضي، متجاوزا مستواه القياسي السابق عام 2011، وفق مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والذي يتضمن أسعار الزيوت النباتية والحبوب ومنتجات الألبان.
ارتفاع أسعار القمح "مثير للقلق بشكل خاص" وفق تقرير صندوق النقد الدولي المعنون "صدمة جديدة ومجال ضئيل للمناورة". وذلك لأن دول إفريقيا جنوب الصحراء تستورد 85 بالمئة من الحبوب التي تستهلكها بكميات عالية خصوصا في تنزانيا وساحل العاج والسنغال وموزمبيق.
وتمثل واردات القمح والأرز والذرة أكثر من 40 بالمئة من السعرات الحرارية التي يستهلكها يوميا سكان بوتسوانا وليسوتو وموريشيوس والرأس الأخضر، وفق رسم بياني للمنظمة الدولية يظهر أن بين البلدان الأكثر تضررا من انعدام الأمن الغذائي مدغشقر وجمهورية الكونغو الديموقراطية والدول المحيطة بمنطقة الساحل.
بعد شهرين من اندلاع الحرب في أوكرانيا، وبينما لا يظهر النزاع أي علامة انحسار يخشى صندوق النقد الدولي من أن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي والتوترات الاجتماعية".
ويعيد ذلك للأذهان الزيادة الحادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية التي سبقت "أعمال الشغب بسبب الجوع" عام 2008، وهي حركات احتجاج عنيفة إلى حد ما في حوالي ثلاثين دولة أبرزها السنغال والكاميرون، وكذلك في منطقة البحر الكاريبي.
توقعات النمو تتراجع
وتوقع صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي أن يزيد معدل نمو منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بين 3.7 و4.5 بالمئة في 2021، لكنه يتوقع انخفاضه 3.8 بالمئة هذا العام.
وخفض الصندوق توقعاته للنمو في 2022 للبلدان المستوردة للنفط بمقدار 0.4 نقطة مئوية وبمقدار 0.5 نقطة مئوية لمجموعة العشرين التي يطلق عليها "البلدان الهشة". وعدل الصندوق توقعاته لنمو البلدان الثمانية المصدرة للبترول في المنطقة بالزيادة بنسبة 0.8 بالمئة.
ورفع الصندوق توقعاته لمتوسط التضخم في المنطقة بمقدار أربع نقاط مئوية كاملة. وسيكون التضخم في خانة العشرات في 11 دولة نصفها من البلدان الهشة.
وأشار التقرير الصادر اليوم، إلى أن البنوك المركزية تحاول السيطرة على التضخم ودفع النمو الاقتصادي في حين يملك مستوردو السلع الأولية نطاقا ماليا محدودا بينما يواجهون أعباء دّين متزايدة.
وعبر سيلاسي عن قلقه على وجه الخصوص من الاضطرابات الاجتماعية في بلدان الساحل الأفريقي وغيرها التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وتواجه تحديات أمنية كبيرة.
وأضاف أن صندوق النقد الدولي يجري مناقشات مكثفة مع البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بخصوص البلدان التي ستكون الأكثر تضررا.
وتابع أن البلدان المتقدمة على علم بالمشكلة، لكنها في حاجة لتحويل قلقها إلى تمويل تراكمي للبلدان المهددة.