صندوق النقد: تباطؤ الاقتصاد الصيني يدعم بلدان الشرق الأوسط
بعد أن بدأت الصين تحويل نموذجها للنمو استشغرت بلدان العالم الأثر الذي كان طفيفا على دول الشرق الأوسط
بعد أن بدأت الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تحويل نموذجها القديم للنمو من اقتصاد قائم على التصدير والاستثمار إلى اقتصاد يركز على الاستهلاك، بدأت بلدان العالم تستشعر الأثر، إذ أن هذا التحول في نموذج النمو ساهم في تباطؤ الاقتصاد الصيني، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وقال تقرير صادر عن الصندوق أعدته بريثا ميترا تعمل خبيرة اقتصادية أولى في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي: إن منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى تربطهما علاقات محدودة مع الصين، من خلال التجارة في الأساس، ولذلك يرجح أن يقع عليهما أثر طفيف نسبيا في هذا السياق، بل إن الدراسات التي أجراها صندوق النقد تشير إلى بعض الآثار الإيجابية المحتملة.
ونظرا لضخامة الاقتصاد الصيني، فسوف تظهر التداعيات بأحد طريقين: إما من خلال الصين ذاتها؛ وهو ما نسميه الروابط المباشرة، أو من خلال تأثير الصين على النمو العالمي ككل؛ وهو ما نسميه الروابط غير المباشرة، وفقا للتقرير.
ولا تزال اقتصادات منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى شديدة الاعتماد على السلع الأولية، وبعضها يصدر إلى الصين. ومع تحول الصين إلى اقتصاد قائم على الاستهلاك، من المرجح أن يستمر طلبها على النفط والغاز دون تغيير كبير، وقد يرتفع مع زيادة الاستهلاك. ومن ثم فلن تتأثر التجارة سلبا بعملية تعديل التوازن في الصين.
ويختلف الأمر في حالة البلدان المصدرة للمعادن؛ ذلك أن تحول الصين عن الصناعة التحويلية ساهم في انخفاض أسعار المعادن العالمية مؤخرا بنسبة تقارب 40%. وقد أثر هذا بشكل خاص على بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل موريتانيا ولبنان، وبلدان القوقاز وآسيا الوسطى مثل أرمينيا وجورجيا، التي يشكل النحاس والحديد والمعادن الأساسية الجانب الأكبر من صادراتها السلعية إلى الصين، وفقا للتقرير.
وأشار التقرير إلى أن التعرض لتزايد نمو الاستهلاك في الصين يمكن أن يؤدي إلى دعم الواردات المتعلقة بالاستهلاك، بما في ذلك السياحة، ففي إطار عملية تعديل التوازن، بدأت صادرات الصين تصعد إلى أعلى سلسلة القيمة وتخرج من بعض القطاعات، ومن شأن هذا أن يخلق فرصا أمام اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى للدخول في هذه القطاعات سواء لتلبية الطلب الاستهلاكي المتزايد من الصين أو لشغل محل الصادرات الصينية إلى بقية أنحاء العالم، مما يدعم النمو وتوظيف العمالة في المنطقة. ومن المتوقع أن تستفيد منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بدورها من مبادرة “حزام واحد .. طريق واحد” (OBOR) الصينية التي تسعى إلى زيادة الربط والتعاون بين بلدان أوراسيا. وطبقا للخطط الحالية، يمكن أن تؤدي هذه المبادرة إلى زيادة الاستثمار (غالبا في البنية التحتية) في القوقاز وآسيا الوسطى بنسبة تصل إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي سنويا على مدار السنوات الخمس القادمة. وحتى إذا أبطأت الصين خطى الاستثمار، فسوف تجني المنطقة مكاسب كبيرة، إذ أن زيادة العبور على طول الحزام المعني بالمبادرة ستتيح فرصة أمام البلدان لزيادة مبيعاتها للخدمات المتعلقة بالعبور، مثل المطاعم والفنادق ومحطات الوقود. وإذا تباطأت الاستثمارات المتعلقة بحزام المبادرة فسوف يتباطأ هذا الأثر، ولكنه سيستمر في رفع الإنتاجية والصادرات وتوظيف العمالة، وفقا للتقرير.