صندوق النقد يدعم لبنان فنيا.. هل يتحول إلى إقراضه؟
بعد مرور 13 عاما على آخر مساعدة مالية حصل عليها لبنان من صندوق النقد أعادت الأزمة الاقتصادية بيروت إلى دوائر المقترضين المحتملين.
بعد مرور 13 عامًا على آخر مساعدة مالية حصلت عليها لبنان من صندوق النقد الدولي، أعادت الأزمة الاقتصادية الخانقة بيروت إلى دوائر المقترضين المحتملين وفق ما ترجحه سيناريوهات التعاون السابق بين الجهتين.
حتى أمس الجمعة، لم تتجاوز تصريحات الطرفين عن التعاون القائم بينهما حاجز "التعاون الفني" فقط، لكن إعلان خفض التصنيف الائتماني للبنان صباح السبت يرجح التحرك نحو "دعم مالي" يكون بمثابة بداية محفزة لحشد تمويل دولي.
- بعد لقاء الرئيس.. ماذا طلبت "المصارف" اللبنانية بشأن السندات؟
- انطلاق حملة دعم لبنان.. بنك عوده يساهم بربع مليار دولار
وفجر السبت، أعلنت وكالة "ستاندر آند بورز" الأمريكية خفض تصنيف لبنان إلى cc/c من CCC/C مع نظرة مستقبلية سلبية.
والمساعدة الفنية من صندوق النقد تعني مشاركة خبراء المؤسسة الدولية في تحديد أهم نقاط الخلل الهيكلي في الاقتصاد والتي ينبغي العمل على إعادتها للتوازن من أجل فتح مسار تصاعدي للنمو والخروج من النفق المظلم.
نتحدث هنا عن "خطة إصلاح" كتلك التي ينصح بها الصندوق في كل بلد يعمل فيه، وتتضمن الخطة بلا شك إجراءات تقشفية وأخرى لتحفيز قطاعات الاقتصاد.
لكن سيناريوهات التعاون بين الطرفين تقول إن آخر "مساعدة فنية" من الصندوق أعقبها تمويل من المؤسسة لتحفيز الحكومة على تنفيذ الإصلاح.
إصلاح ما بعد الحرب
في عام 2006 حين اندلعت الحرب مع إسرائيل مخلفة دمارا كبيرا في البنية التحتية اللبنانية، تعاون صندوق النقد والحكومة اللبنانية في إعداد خطة إصلاح اقتصادية تشمل خفض الدين العام الذي كان يبلغ آنذاك 40 مليار دولار، على أن يتم تسويق الخطة بين المؤسسات المالية الدولية بهدف جمع تمويلات تساعد البلاد على إصلاح البنية التحتية وفك عثرتها المالية.
وبالفعل تم عقد مؤتمر باريس 4 في يناير/كانون الثاني 2007 تعهد خلاله المانحون بتقديم مساعدات مالية وقروض بقيمة 7.6 مليار دولار.
غير أنه بعد ذلك رهنت بعض المؤسسات المانحة ومنها المفوضية الأوروبية والبنك الدولي تقديم أي أموال، بمشاركة الصندوق الدولي في مبادرة التمويل هي الأخرى.
وفي ضوء ذلك أعلن صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان 2007 تقديم مساعدات عاجلة إلى لبنان بقيمة 77 مليون دولار ضمن جهد دولي منسق لتقديم المساعدة للبنان لإعادة بناء بنيته الأساسية.
هذه التحولات التي طرأت على أوجه التعاون قديما بين صندوق النقد ولبنان من مجرد مساعدات فنية في صياغة خطة هيكلة مالية إلى حشد تمويل دولي بمشاركة الصندوق ذاته، قد تكون مرجحة للتكرار خاصة مع خفض التصنيف السيادي للبنان بما يصعب مهمة حصوله على تمويل من المقرضين الدوليين.
التخلف عن سداد الديون "مؤكد"
وعزا "ستاندر آندر بورز" خفض تصنيف لبنان إلى احتمال تخلف الحكومة في سداد مدفوعات الفائدة أو أصل الدين المستحقة، لاسيما في ضوء الضغوط السياسية والمالية والنقدية القائمة.
كما تعتقد الوكالة أن إعادة الهيكلة/عدم السداد في دين الحكومة أصبح في حكم المؤكد بصرف النظر عن التوقيت.
وتابعت: "الانقسامات الطائفية العميقة في النظام السياسي اللبناني والمخاطر الأمنية الشديدة في المنطقة سيواصلان إعاقة صناعة السياسات".
وتوقعت المؤسسة صعوبات سياسية في سداد مستحقات الدائنين في 2020 بسبب الاضطرابات الاجتماعية في لبنان والانكماش الاقتصادي واحتدام الضغوط على السيولة في القطاع الخاص.
ولبنان مطالبة بسداد ديون بالعملة الصعبة بقيمة 2.5 مليار دولار خلال 2020.
يذكر أن فريق من صندوق النقد بدأ زيارة إلى لبنان، الخميس الماضي، لإجراء مباحثات تمتد حتى الأحد لبحث تقديم مساعدات فنية لصياغة خطة الإنقاذ المالي للبلاد.
وقال غاوز وزني، وزير المالية اللبناني، في بيان، أنه تم التداول مع صندوق النقد الدولي في جميع المعطيات المتوفرة والخيارات الممكنة بناء على رؤية الوفد وتقييمه لواقع الحال في البلاد، على أن يتم استكمال البحث لبناء تصور لكيفية تجاوز الوضع الحالي.
ومنذ اندلاع احتجاجات في أكتوبر/تشرين الأول، انخفضت العملة اللبنانية بنحو 60% في السوق الموازية، وشح الدولار، وارتفعت الأسعار وجرى خفض آلاف الوظائف.
ويواجه لبنان صعوبات اقتصادية خطيرة تفاقمت بعد بدء الاحتجاجات غير المسبوقة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، على الطبقة السياسية بأكملها المتهمة بالفساد وعدم الأهلية.
وتعهد لبنان في 2018 بخفض عجزه العام والقيام بإصلاحات هيكلية مقابل وعود بمساعدات وهبات من الأسرة الدولية تبلغ 11.6 مليار دولار (10.6 مليار يورو).
ويعاني هذا البلد من دين يقارب 92 مليار دولار، أي أكبر بـ150% من إجمالي الناتج الداخلي.